في اطار التعاون العلمي والثقافي بين جامعة عين شمس وجامعة الحسن الثاني عقدت ندوة دولية بالمغرب حول quot;تدبير الاختلاف في الثقافة العربيةquot; يومي 21 و22 مارس الجاري بكلية الآداب والعلوم الانسانية بالمحمدية. دارت الجلسات حول محاور أربع هي علي الترتيب: القيم الثقافية في تدبير الاختلاف، اللامفكر فيه في ثقافة الاختلاف، بلاغة الكتابة في التراث العربي، المعرفة ndash; الهوية - شراكة الكينونة.
ورغم ان صياغة هذه العناوين تغري بالبحث والتساؤل وربما تثير القلق الخصب حول الاختلاف، حاضرا ومستقبلا، فإن أغلب الاوراق والمداخلات والمناقشات في الجلسة الأولي كانت صادمة، إذ تراوحت بين التأكيد الرومانسي للاختلاف كأمر واقع وحقيقة طبيعية وسنه كونية، وبين الرفض التام للاختلاف أصلا باعتباره مفهوما دخيلا وافدا غازيا للثقافة العربية الاسلامية. وفي الحالتين سادت حالة من الاطمئنان والاسترخاء والسكينة، حرمت المشاركين من نعمة التساؤل: ولما هذه الندوة أصلا؟!....... فالأموركانت تسير علي مايرام، مادمنا quot;نمتلكquot; كل الحقائق المطلقة وندعي الامتلاء والكمال وننتشي بالتعالي الثقافي.
في الجلسة الثانية أنقلب الأمر رأسا علي عقب، وكشف محور اللآمفكر فيه في ثقافة الاختلاف عن عمق الأزمة وشدتها، وبرز إلي السطح ان الاختلاف بالمعني الفلسفي يهدد بالفعل quot;منطق الشبيهquot; الحاكم للثقافة العربية الآن، ولمعت أسماء مثل محمد جدير ومحمد بالأشهب وأحمد توبة خاصه في تفكيكه لروايات محمد زفزاف، وهنا فقط ثار المداخلون وأنتفضوا دفاعا عن الهوية والذات والخصوصية والدين، وأشتبك أحد الجالسين بشجاعة مفندا وناقضا مزاعمهم جميعا، عرفت فيما بعد أنه الاستاذ quot;لحسن حيراquot;.
وحفلت الجلسة الثالثة بتحليلات نقدية تطبيقية للتراث العربي : quot; الجاحظ : صناعتنا الكلام والكتابة quot; لآمنة الدهري وquot; من المتعدد إلي الواحد المتعدد : التحديق في النص quot; للشاعر الاستاذ مصطفي الشليح وquot; زمن الفعل بين النحو العربي والدرس اللغوي الحديث quot; للأستاذة نعيمة التوكاني. وهنا فقط، تأكدت بأنني في بلد الحبابي والجابري والعروي وبرادة وبنيس وسبيلا وبن جلون وشكري وأومليل ويفوت وعبدالسلام بنعبدالعالي وغيرهم ممن أثروا ndash; ومازالوا ndash; العقل العربي بقيم الاختلاف والنقد والابداع والتنوير.
ولم أفقد هذه القناعة طيلة الندوة حتي وانا أستمع الي الاستاذة : محمد حدوش وسعيد شبار ومولاي عمر بن حماد وإدريس مقبول وعبد الكريم الواطي، بل ان اختيار الاستاذ لحسن حيرا لإدارة الجلسة الأخيرة التي شارك فيها معظم هؤلاء خفف كثيرا من وقع الكلمات القاسية في حق كل ماهو: quot;آخرquot; وquot;مغايرquot; وquot;مختلفquot; وquot;متعدد quot;، وهو ثراء مابعده ثراء، تلمسه في كل شبر في المغرب، في البشر والشجر والبحر والحجر، وهو ما يدفعك للتساؤل : من أين هبت هذه الرياح الصفراء؟ ولماذا تغلب علي ندواتنا ومؤتمراتنا دوما ثقافة الرمال؟.
أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس
التعليقات