كنا قد نشرنا على هذه الصفحة من إيلاف قبل اسبوع وبالتحديد في 15/8/2006 مقالاً بعنوان (لا خلاص للبنان إلا بمعاهدة سلام دائم) قلنا فيه:يجب على لبنان أن يقرر بحزم وقوة، ولكي تكون هذه الحرب آخر حروب لبنان مع اسرائيل ومع العرب أيضاً، أن الوقت قد حان لتوقيع معاهدة سلام بينه وبين اسرائيل أسوة بمعاهدة كامب ديفيد بين اسرائيل ومصر 1979، وأسوة باتفاقية أوسلو 1993 بين الفلسطينيين واسرائيل، وأسوة باتفاقية وادي عربه بين الأردن واسرائيل 1994.
فإذا كانت أكبر وأهم وأقوى دولة عربية كمصر وقّعت معاهدة سلام مع اسرائيل بعد حرب 1973، فلماذا لا يكون لبنان شجاعاً وحاسماً بما فيه الكفاية، رغم أنه أصغر وأضعف بلد عربي، ويوقّع معاهدة سلام مع اسرائيل بعد حرب 12 تموز (يوليو) 2006، سيما وأنه قطع الآن نصف الطريق نحو معاهدة السلام، بعد قرار مجلس الأمن 1701؟
وإذا كان الفلسطينيون أصحاب القضية السياسية وقعوا مع اسرائيل معاهدة سلام بعد حروب طويلة واعترفوا بدولة اسرائيل، فلماذا لا يكون لبنان شجاعاً وحاسماً بما فيه الكفاية، رغم أنه أصغر وأضعف بلد عربي، ويوقّع معاهدة سلام مع اسرائيل بعد حرب 12 تموز (يوليو) 2006؟
وإذا كان الأردن صاحب أطول حدود مع اسرائيل، والذي يضم أكثر من 60 من سكانه من الفلسطينيين، والذي اقتطعت منه اسرائيل الضفة الغربية، قد عقد معاهدة سلام مع اسرائيل، فلماذا لا يكون لبنان شجاعاً وحاسماً بما فيه الكفاية، رغم أنه أصغر وأضعف بلد عربي، ويوقّع معاهدة سلام مع اسرائيل بعد حرب 12 تموز (يوليو) 2006؟ وإذا كان بعض العرب في المشرق والمغرب العربي، يقيمون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة علاقات تجارية وسياسية وعاطفية مع اسرائيل، فلماذا لا يكون لبنان شجاعاً وحاسماً بما فيه الكفاية، رغم أنه أصغر وأضعف بلد عربي، ويوقّع معاهدة سلام مع اسرائيل بعد حرب 12 تموز (يوليو) 2006؟ وكما قلنا، فلقد قطع لبنان نصف الطريق الآن نحو معاهدة سلام دائمة، بصدور قرار مجلس الأمن 1701القاضي بوقف اطلاق النار، وبسط سيادة الدولة على كل الأراضي اللبنانية.. الخ.

وكان هذا الكلام الذي كتبناه منذ أسبوع، هو أول دعوة للسلام تصدر عن مثقف عربي بكل صراحة ووضوح مع وعد بتبيان فوائد وأضرار معاهدة السلام بين لبنا وإسرائيل في مقال لاحق، وهو ما سننشره غداً. وقد رُجمنا بسبب هذه الدعوة على صفحات إيلاف وصفحات أخرى كما لم يُرجم إبليس في مشاعر منىً!

ولم يمضِ أسبوع على مقالنا (لا خلاص للبنان إلا بمعاهدة سلام دائم) حتى أعلن الرئيس الشجاع فؤاد السنيورة في 20/8/2006 ، أن المواجهات التي دارت على مدى شهر بين حزب الله واسرائيل قد تكون فرصة للتوصل الى quot;سلام حقيقيquot;، شرط أن تتصرف اسرائيل quot;بحكمةquot;. وقال السنيورة للصحافيين عقب لقائه الوزيرة السويدية كارين يمتين إنه يعتقد انه في حال تصرفت اسرائيل بحكمة، ستكون هناك فرصة حقيقة لتحقيق السلام. وأضاف ان quot;الفرصة هي كيف نحول ما حصل في لبنان، والنكبة التي حلت على لبنان، الى فرصة للتوصل الى سلام حقيقيquot;. وتابع قائلا quot;القوة لا تحل المشاكلquot;، وquot;أمن اسرائيل لا يمكن تحقيقه من خلال الاسلحة المتطورة التي تملكهاquot;. وأشار إلى أن quot;الأمن والأمان لا يمكن تحقيقهما الا من خلال السلام العادل والشامل والدائم في هذه المنطقةquot;. وأضاف السنيورة: quot;نحن دعاة سلامquot;.وقد رحب بهذه الدعوة وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في القاهرة أمس 20/8/2006، وأعلن عمرو موسى الذي سبق وقال: quot;لقد ماتت عمليه السلامquot;، بأن الدماء تُضخ من جديد الآن في عملية السلام.

إن السنيورة هو رجل الدولة اللبناني القادر بحصافته السياسية والاقتصادية، وبقدرته على توحيد الكلمة اللبنانية، وبجرأته السياسية المهذبة أن يحقق مثل هذه المعاهدة ، التي لم يقدر عليها من قبل حافظ الأسد، ومن بعده بشار الأسد. ولم يقدر عليها من قبلهما عبد الناصر نفسه، حيث لم تكن الظروف السياسية مؤاتية كما هي الآن، وحيث لم تكن القدرة على امتلاك قرار خطير كهذا متوفرة لدى مثل هؤلاء الحكام.

فلنعلم جميعاً، بأن الحرب على لبنان لم تنتهِ. لقد انتهت معركة من معاركها، ولكن الحرب لم تنتهِ. فهناك جولات أخرى قادمة على لبنان بالذات، كما أعلنت اسرائيل، وكما قامت في 19/8/2006 بإنزال عسكري فاشل بعد إعلان وقف اطلاق النار. فما لم يسارع لبنان إلى حل المشكلة من جذورها بتوقيع معاهدة سلام ربما ترفضها اسرائيل الآن، لأنها لا تريد سلاماً غير سلام المنتصرين، وهي التي لم تنتصر ولم تنكسر بعد، حيث أنها ما زالت في مرحلة استراحة المحاربين، فسوف يظل لبنان تحت نيران صواريخ حزب الله ودبابات وطيران اسرائيل الحربي، إلى ما شاء الله.

السلام عليكم.