quot;الإسلام يجب أن يستعد ليحكم العالم. ولا يجب أن نخجل من إعلاننا أن الإسلام مستعد ليحكم العالم (...) يجب أن نعد أنفسنا لنحكم العالم والطريقة الوحيدة هي وضع تصوراتنا بناء على قاعدة quot;انتظار عودة المهديquot;quot;. هذا ما قاله في 5 يناير 2006 رئيس الجمهورية الإيرانية محمود أحمدي نجاد مخاطبا جمعا من طلبة الدين بمدينة قُم.
ويعتقد نجاد تماما بأن المهمة الرئيسية للثورة الإيرانية quot;هي تمهيد الطريق لظهور الإمام المهدي، لذلك يجب أن تكون إيران مجتمعًا إسلاميًا قويًا ومتطورًا، حتى تصبح نموذجًا تحتذي به جميع الشعوب، وتستحق ـ في النهاية - أن تكون ميداناً لظهور إمام الزمان (المهدي المنتظر)quot; كما جاء في خطاب آخر. وقال في مناسبة أخرى: quot;نحن مسئولون عن إقامة مجتمع نموذجي في إيران حتى يكون هذا مقدمة لحدوث هذا الحدث العظيم (ظهور المهدي)، ومنطلقًا لإقامة حكومة العدل الإسلامية العالميّةquot;.
ونقل موقع quot;انتخابquot; الإيراني، أنه في أحد اجتماعات مجلس الوزراء، وبناء على اقتراح من نائب الرئيس برويز داوودي، وقعّ الجميع، بما فيهم رئيس الجمهورية، على ميثاق بينهم وبين المهدي المنتظر يتعهدون فيه بإعداد الطريق لعودته. ثم حمل وزير الثقافة الإسلامية صفار هارندي الرسالة وألقى بها في بئر quot;جامكارانquot; القريبة من مدينة قُم، حيث يلقي الحجاج طلباتهم. ويُقدر أن عشرات الآلاف من الطلبات المكتوبة ترقد حاليا في قاع البئر.
يقول نجاد (في فيديو تم تسجيله أثناء لقاء له أوائل يناير الماضي مع آية الله جويد عمودي، أذاعته فيما بعد القناة الرابعة البريطانية) أن أحد مساعديه أبلغه بأنه عند بدئه بإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2005، وبمجرد أن نطق البسملة رآه محاطا بهالة نور سمائي أخضر، مما جعل زعماء العالم يجلسون في أماكنهم بالقاعة لمدة 28 دقيقة ينصتون إليه متسمرين بدون أن يرمش لهم جفن. ويضيف نجاد، مؤكدا، أنه شعر شخصيا بقوة ذلك النور.
في شهر أبريل، وقبيل إعلانه لأحد مواقفه بشأن الملف النووي، ذهب نجاد في quot;خلوةquot; مع الإمام الغائب استمرت لعدة ساعات.
وكان آية الله محمد تقي مصباح يازدي، وهو المرشد الروحي والراعي لأحمدي نجاد، يدعو أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية لتزكية نجاد لأن المهدي قد اختاره، ولذا فإن انتخابه واجب ديني. بل إن نجاد نفسه يقول أنه أعلن ترشيحه للانتخاب بعد quot;خلوةquot; مع الإمام الغائب. وجدير بالذكر أن آية الله يازدي، كما يقول هادي سيماتي أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران، يعتقد أن الانتخابات التي تتم في الجمهورية الإسلامية، ممكنة فقط في حدود اكتشاف وتمكين quot;حقيقة النظام الإسلامي العادلquot;، وأن الجمهورية هي مجرد خطوة نحو إقامة quot;الدولة الإسلامية النقيةquot;. (ولنا أن نتخيل طبيعة هذه الدولة...).
ويذكر مهدي خروبي، رئيس البرلمان، أن نجاد والمقربين منه يعتقدون أن المهدي قد يعود في غضون عامين. وعندما كان نجاد عمدة لطهران، أنفق ملايين الدولارات لإجراء تحسينات تجعل المدينة أكثر استعدادا لاستقبال المهدي العائد، بما في ذلك البدء في بناء فنادق كثيرة. وبعد أن أصبح رئيسا، رصد 20 مليون دولار لتوسيع المسجد والمزار الشعبي في جامكاران حيث يجري العمل المحموم لإتمام المشروع بأقصى سرعة. وطبقا لمجلة لوبوان (10 أغسطس) فقد قابل مرشدَ الثورة مؤخرا، طالبا منه الموافقة على توسيع الطرق الرئيسية في طهران استعدادا لعودة إمام الزمان.

***
كان نجاد، الذي يبلغ من العمر 49 سنة، من تلاميذ الإمام الخوميني المخلصين والمولعين بثورته عند قيامها في 1979 وكان عضوا في جماعة الطلبة التي شاركت في الاستيلاء على السفارة الأمريكية، وعمل كضابط مخابرات للحرس الثوري، ذلك التنظيم الدموي الذي قام بمذابح ضد عشرات الألوف من quot;أعداء الثورةquot;. وعُرف نجاد دائما كمناصر لأكثر الملالي تطرفا في الآراء. وقد عمل بعد نهاية الحرب مع العراق كمساعد محافظ لأحد الأقاليم قرب الحدود مع أزربيجان ثم كمحافظ لأردبيل، قرب حدود تركيا، ثم عاد لطهران وعمل مدرسا في الجامعة. وساعد على إعادة تنظيم quot;حزب اللهquot; (الإيراني)، الذي يضم مجموعة من المخبرين والبلطجية الشرسين، وكان موجودا أيام الخوميني، ولكنه توارى إلى أن أحياه نجاد؛ وركز جهوده في تلك الفترة على الانتقام من الإصلاحيين. ثم انتهز فرصة انتخابات المحلية ليصبح عمدة طهران في 2003 وبدأ في سياسات quot;شعبويةquot; تجذب إعجاب الفقراء (مثل بيع أثاث مكتبه وتوزيع الأموال)، وأغلق المراكز الثقافية ومطاعم الأكل السريع (لأنها تفسد الشباب) وحظر على الرجال ارتداء قمصان نصف كم. وأخيرا قرر الملالي أنه الشخص المناسب لخوض انتخابات الرئاسة في 2005 كأول رئيس من خارج زمرتهم وإن كان يفوقهم في التطرف.

***
تنص المادة 12 من الدستور الإيراني في مطلعها على أن:quot;الدين الرسمي لإيران هو الإسلام (طبقا لـ) المذهب الإثنى عشري الجعفري. وسيبقى هذا المبدأ ثابتا لا يُنسخ للأبد (..)quot;. ويعتقد أتباع هذا المذهب بالإمامة (ولاية الفقيه) وكذلك بالإمام الغائب (المهدي، إمام الزمان)، وهو الإمام الثاني عشر الذي اختفى عن الأنظار في عام 941 م وهو في الخامسة من العمر لكنه حي.
وينتمي نجاد إلى مدرسة quot;الحُجتيةquot;، التي هي جزء من المذهب الجعفري وتعتقد أن عودة الإمام الغائب ليست فقط قريبة، بل يمكن التعجيل بها عن طريق إحداث فوضى وخراب وحروب وسفك دماء ومشاكل في كل مكان، باعتبار هذه كلها من العلامات التي تسبق تلك العودة.
وطبقا لأمير طاهري (الديلي تلجراف 16 أبريل) بشأن معتقدات هذه المدرسة فإن الإمام الغائب يتحكم في العالم برغم اختفائه. وفي كل جيل يختار 36 رجلا يطلق عليهم quot;أوتادquot; لتثبيت الكون ومنعه من السقوط. وهؤلاء لا يدركهم العامة ولكن يمكن أحيانا التعرف على أحدهم، بفضل أعماله. ويصر بعض معجبي نجاد على كونه quot;وتداquot;، وهو ادعاء لا يحاول أن ينفيه!
ويضيف طاهري إن نجاد يعتقد بأن الإمام الغائب قد أعطاه الرئاسة لمهمة واحدة: إشعال صدام (حضارات) يقوم فيه العالم الإسلامي، بقيادة إيران، بمنازلة الغرب الكافر، بقيادة الولايات المتحدة، وهزيمته. ولما كان بوش استثناء بين كافة الرؤساء الذين يهربون من المنازلة بمجرد حدوث متاعب أو نكسات، فما على إيران سوى تضييع الوقت حتى يرحل بوش. ولكن أثناء الوقت الضائع، فعلى إيران تدعيم مواقعها ومكاسبها في المنطقة وتحويلها إلى منطقة quot;إسلامية موالية لإيرانquot;. ومن الواضح، بالفعل، أنه لأول مرة منذ القرن السابع يكون لإيران وجود ونفوذ متزايد يصل حتى شواطيء المتوسط، يمر عبر شبكة من المنظمات الشيعية في بلدان الخليج وإقامة اتصالات وتحالفات مع المنظمات السنية المتطرفة في مصر وتركيا وشمال أفريقيا.
ويقول مراقبون إيرانيون بأن أحمدي نجاد ومستشاريه المحيطين به مقتنعون تماما بوجود مؤشرات حول قرب ظهور المهدي، وبأن المسألة النووية الإيرانية مرتبطة بشكل مباشر معه. وعلى الحكومة الإيرانية أن تتخذ موقفاً صلباً ضد الضغوط الدولية، للحصول على quot;حقها في التكنولوجيا النوويةquot;. وكان العمل قد بدأ سرا في هذا المشروع منذ 18 عاما بمساعدة عبد القادر خان، أبو القنبلة الذرية الباكستانية (وصاحب أكبر سوق سوداء للتكنولوجيا النووية قبل عزله من منصبه منذ 3 سنوات).
يقول أمير موهيبيان المحرر السياسي لجريدة quot;رسالاتquot; (كما ذكر بايبس) أن quot;عقلية المهدوية تعطيك قوة هائلة؛ فإذا اعتقدتُ بأن المهدي سيعود بعد سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات، لماذا أُصبِح رخوا؟ الآن هو الوقت للصمود والتحديquot;.
ويقول بيرنارد ليويس: quot;إن أحمدي نجاد والدائرة المحيطة به يعيشون في جو آخروي(apocalyptic mood) ، ولذلك فإنهم قد لا يتورعون إطلاقا عن استخدام سلاح نووي.
ويذكر عبد اللطيف الهوني (إيلاف 26 يوليو) نقلا عن مجلة الوطن العربي أن نجاد قال في خطاب بثه التلفزيون الإيراني مؤخرا من مدينة مشهد إنّ دخول إيران إلى مجموعة البلدان التي تمتلك التّكنولوجيا النووية جاء نتيجة مقاومة الأمة الإيرانية التي تتجه خطوة إلى الأمام تمهيدا لظهور المهدي المنتظر. فإيران يجب عليها أن تصنع القنبلة النووية قبل هذا التاريخ حتى تساعده على إفناء الكفار والمشركين وإقامة دولة العدالة والحق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
السلاح النووي إذن ليس مجرد حاجة للدفاع عن النفس، وهو أمرٌ لا مبرر له أصلا؛ بل يبدو على الأكثر كوسيلة تمهد لعودة المهدي المنتظر. وبهذا فقد اتخذت المسألة بعدا آخر يتعلق بانجاز سياسي دنيوي يتوافق مع منطلقات هوسية أو غيبية.
وتأتي التصريحات النارية المتكررة حول ضرورة quot;إزالة إسرائيل في عاصفة واحدةquot; (كما قال في أحد خطبه في أبريل الماضي) وأخذ زمام القيادة الفعلي لحكومة حماس، إضافة لدور حزب الله (اللبناني) المعروف، كعلامات على الطريق. وفي استعراضات طهران العسكرية يظهر الصاروخ شهاب 3 الذي يمكنه الوصول لإسرائيل مكتوبا عليه quot;لا بد من محو إسرائيل من على الخريطةquot;.
وفي 8 يوليو ألقى نجاد خطبة أمام مؤتمر وزراء خارجية دول الجوار للعراق (الأردن وسوريا والسعودية والكويت والبحرين ومصر وتركيا) إضافة لسكرتير الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي وممثل للأمم المتحدة، قال فيها: quot;كل الظروف لإزالة الكيان الصهيوني أصبحت متوافرةquot;. وأضاف: quot;شعوب المنطقة سيزداد غضبها كل يوم. ولن يطول الزمن قبل أن يتحول غضب الشعوب إلى انفجار رهيب يزيل الكيان الصهيوني من الخريطةquot;. وقال: quot;إن المشكلة الأساسية في العالم الإسلامي هي وجود الكيان الصهيوني، وعلى العالم الإسلامي والمنطقة التعبئة لإزالة المشكلةquot;.
وحتى لو كان كل هذا مجرد مهاترات اعتادت عليها الشعوب العربية والإسلامية أو أساليبا لاستجداء الغرائز الدينية بهدف تعبئة الشعب وراء مشروع القنبلة النووية، فالأمر لا يقلل من خطورة المشروع وجنونيته.

***
ونلاحظ الحضور القوي لمسألة المهدي في الخيال الشيعي، وهو أمر مفهوم ـ فالفكرة تماثل ما في أديان أخرى حول المخلص الذي يعود في آخر الزمان. بل هناك مهاويس بين أتباع المسيحية واليهودية؛ لكن مع فوارق: فأتباع ما يطلق عليه quot;الصهيونية المسيحيةquot; مثلا ممن يعتقدون بقرب المجيء الثاني للمسيح، يؤمنون بضرورة تمهيد الطريق عبر أمرين: أولا، تقديم رسالة المسيح لكل شخص في العالم؛ وثانيا، وهو مرتبط به، مساندة إسرائيل كوسيلة لمساعدة اليهود على العودة لمكان واحد، بهدف تبشيرهم وتحويلهم للمسيحية. ويتمنى أتباع جماعة quot;المخلصين للمعبدquot; في إسرائيل (Temple Mount Faithful) أن يُهدم المسجد الأقصى ليعاد بناء المعبد اليهودي الثالث في مكانه (دمر المعبد لأول في 586 ق م على يد البابليين ودمر الثاني في 70 م على يد الرومان)، وبدء عصر quot;مجيء المسيحquot; المرتقب. لكن الفرق مع إيران، كما يقول شارلز كراوتهامر (الواشنطن بوست) هو أن هناك مالا يزيد عن خمسين من هؤلاء المهاويس في إسرائيل؛ وأحدا منهم لا يملك قنبلة نووية.

***
ولا يقف نجاد وحيدا في مواقفه، إذ من الواضح أنه يحظى بالتأييد التام لمرشد الثورة خاميني. ولا يجرؤ على انتقاد تصرفاته سوى أمثال آية الله العظمى حسين علي منتظري الذي صرح من مقره في قُم للكاتب الأمريكي جاكسون ديهل (الواشنطون بوست 11 مايو) قائلا: quot;الإمام الثاني عشر موجود وسيعود يوما للظهور؛ ولكن استخدام هذه العقيدة لأغراض سياسية يعني خداع الناس أو قيادتهم نحو قرارات معينة هو خطأquot;. وهو من الشخصيات القليلة في البلاد التي يمكنها الكلام بمثل هذه الطريقة بدون خوف من السجن أو ما هو أسوأ، ولكنه كبير السن (84 سنة) ومعزول وبدون تأثير سياسي في البلاد.
وحتى من لا يعتقدون أن نجاد مهووس ديني، يرون فيه قوميا إيرانيا متعصبا تعلم أن الخطاب المتصلب والمتحدي يجلب له الشعبية والنجومية ليس فقط في إيران بل أيضا في quot;الشارع العربيquot;، وذلك بفضل اللوبي الإيراني في الصحافة العربية والمصرية.

***
ونفتح هنا قوسا لتوضيح مدى تنامي هذا اللوبي: دعت إيران في الأسبوع الأول من مارس 2006 مجموعة من الصحفيين العرب لزيارتها والتعرف على برنامجها النووي، ومن بينهم محلل سياسي شهير له عمود ثابت في كبرى الصحف القومية بمصر، معروف بعدائه العُصابي للغرب. وإن لم يكن محسوبا على التيار الإسلامي، لكنه غالبا ما يقوم بدور المحلل الشرعي للتطرف والإرهاب. وقد كتب بعد عودته سلسلة من المقالات تروج لإيران وبرنامجها النووي، هذه عينات منها:
في 7 مارس يقول: [النظام الإسلامي في إيرانrlm;، والذي نجح في أن يعبر بحرا من المكائد والموامراتrlm;، أخذت قوته تتجاوز حدود الخط المسموح بهrlm;،rlm; بحصوله علي أخطر إمكانيات العصر وهي التكنولوجيا النوويهrlm; (..)rlm;].rlm; ويوحي بأنه [علي الرغم من كل محاولات الوقيعة التي زرعتها أمريكا باعتبار إيران مصدر تهديد محتملrlm;، فالعلاقات السياسية والدبلوماسية والوشائج الأُسرية لا تدع مجالا للشك في أن دول الخليج تقف إلي جانب إيرانrlm;].rlm;
وفي 9 مارس يردد كلام علي لارجاني مستشار الأمن القومي الإيراني حول quot;الحرب النفسيةquot; ضد إيران، ويندد [بالموقف الباهت والمتخاذل للدول العربيه والإسلاميه (..) إذ تحارب إيران معركة العالم الثالث الإسلامي والعربي بدون العرب والمسلمينrlm;..rlm; ]. وتحت عنوان quot;إيران تدفع الثمنquot; يكتب في 12 مارس: [في القلب من هذه الأزمة كلها استراتيجية أمريكية لا مساومة فيها تعمل علي إبعاد أي قوة إسلامية من دخول النادي النوويrlm;،rlm; وبالذات إيرانrlm; (...) وبعبارة أخري فإن إيران تدفع ثمن التقاعس والتخلف العربي والإسلامي (..)].rlm;
وفي 14 مارس يتولى بالنيابة عن إيران طمأنة وتخدير العالم العربي قائلا: [من الجنون تصور إقدام إيران علي الاشتباك في حرب نووية تعرض المنطقة بأسرها والشعب الإيراني علي رأسها للخطرrlm; (..) ولا حاجه إلي القول بأن من مصلحة الدول العربية ألا تنساق وراء الموقف الأمريكي الذي يسعي بكل الطرق إلي محاصرة إيران وإيقاف أنشطتها النووية (rlm;..)rlm; فلا توجد أخطار أو منازعات حقيقية من جانب إيران تهدد أمن الدول العربيةrlm;].
وتحت عنوان quot;لا خوف من إيران نووياquot; يقول في 16 مارس بصراحة: [وبالنسبة للعالم العربيrlm;،rlm; فإن أحدا لا ينظر الي مساعي إيران في الحصول علي التكنولوجيا النووية حتي لو نجحت في إكمال دورة الوقود النووي وتمكنت من إنتاج قنبلة نوويةrlm;،rlm; باعتباره مصدر تهديد لأمن وسلامة الشعوب العربيةrlm;،rlm; بل إن العكس هو الصحيح (...) وهذه حقائق يجب ألا تغيب عن وعي الشعوب العربيهrlm;،rlm; فهزيمة إيران في هذه المعركه هي هزيمة للشعوب العربية والإسلامية بكل المعاييرrlm;].
وفي 23 مارس ينعي rlm;فشل سياسة مصر الخارجية في التعامل بروح إيجابية مع النظام الإيرانيrlm; والتنسيق معه في المشاكل المشتركة. ويواصل في 25 أبريل الترويج لإيران ليزعم أن منطق السياسة الواقعية يدعو لظهور قوة نووية إيرانية في المنطقة، ويضيف أن هذا ما ينبغي أن تلتزم به السياسة المصريةrlm;،rlm; بدلا من الانسياق وراء التحريض ضد طهرانrlm;. ويعلن بيقين في 18 مايو أن [ما حققته إيران حتي الآن بصمودها في وجه الضغوط الأمريكية الشرسةrlm;، سوف يمكنها في النهايه من تحقيق طموحاتها النووية].
هذه مجرد نماذج. ولن نحاول حتى مناقشة ما فيها من مغالطات فادحة، وإن كنا نتعجب من سطوة إيران وقدرتها على تجنيد من تشاء في الصحافة المصرية، التي أصبحت ـ على أي حال ـ مرتعا لكل quot;اللوبياتquot; من الإخواني والوهابي إلى الخوميني. ونغلق القوس.

***
إن أشد الزعماء خطورة في العصر الحديث هم (مثل هتلر) أولئك المسلحون بإيديولوجية توتاليتارية وباعتقاد غيبي (mystical) في رسالتهم. وهذا بالضبط هو حال أحمدي نجاد؛ ومن هنا خطورة سعيه لامتلاك القوة النووية. ولا أهمية للسؤال عما إذا كان مهووسا يعتقد بما يقول، أو كان سياسيا ذكيا يستخدم الموضوع لأغراضه؛ فالنتيجة في النهاية واحدة.
على أي حال، فأخيرا، في 22 أغسطس، جمع على لاريجاني، أمين المجلس الاعلى للامن القومي الإيراني والمفاوض الرئيسي بشأن الملف النووي، مندوبي ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وسويسرا (نيابة عن الولايات المتحدة) في طهران لتسليم رد بلاده حول مقترحات 6 يونيو لحل الأزمة النووية. (حرص على ألا تتنجس يده بمصافحة quot;الحُرمةquot; الوحيدة التي شاركت في الاجتماع...). لا نعلم إذا ما كان الرد قد سبقته quot;خلوةquot;... ولا نعلم لماذا تحدد تاريخ 22 أغسطس منذ البداية كموعد غير قابل للتفاوض لتقديم الرد، وهل لهذا التاريخ علاقة بذكرى الإسراء والمعراج كما قيل، أم بتوقع وصول الفنيين الإيرانيين لمرحلة هامة على طريق صنع القنبلة؛ وهذا ما يبدو أنه الحال إذ نقلت وكالة رويتر، يوم 23 أغسطس أن إيران ستعلن خلال أيام عن quot;نجاح علمي نووي باهرquot; خلال أيام (؟؟)
الشيء الوحيد المفهوم حتى الآن من الرد الموسع المتشعب وشديد الالتواء (21 صفحة) هو رفض إيران التخلى عن تخصيب اليورانيوم فورا، طبقا لقرار مجلس الأمن، مع quot;الدعوة للمفاوضات مفتوحة بدون شروط مسبقةquot;...
الملف النووي الإيراني هو، بلا شك، من أعقد ما قابلته المجموعة الدولية في العقود الأخيرة، ولا تختلف البدائل التي يمكن تخيلها بشأن حله إلا في درجة سوئها، بل كارثيتها. كما أنه من غير المحتمل أن يكون نجاد مرنا فيه، إذ يكتسب شعبية كلما تشدد وحصل على تنازلات من الغرب. ولكن من المتوقع أن يستمر في نفخ الهواء الساخن حينا والبارد حينا، واستخدام التقية ولعب البوكر (بغض النظر عن تحريم الميسر!) وأساليب بازارات السجاد الشهيرة بطهران، ومحاولة تقسيم المجتمع الدولي: كل هذا تضييعا للوقت في انتظار الانتهاء من إعداد القنبلة النووية ـ خلال عام أو اثنين... في وقت مناسب لعودة إمام الزمان!

[email protected]