ما زال الاعدام المصور للرئيس العراقي السابق صدام حسين يثير الكثير من اللغط.
وكنت قد قرأت بالأمس، ثم اليوم، عن حالات انتحار لأطفال حاولوا ان يقلدوا عملية الاعدام، كما شاهدوها في التفلزيون.
ربما كان خطأ الأهل ان سمحوا لأبنائهم بمشاهدة مآساة حقيقية تصور لأول مرة امام اعينهم البريئة.
هو ذنب الأهل اذا..
لكن من قال ان الأهل انفسهم لم يكونوا يستلذون برؤية الموت أمامهم؟
حتى أهلي، واقربائي، واصدقائي، حرص كل واحد منهم على ان يرى الاعدام اكثر من مرة..
نعم.. اكثر من مرة!
لماذا؟
هل هو استلذاذ بالمصائب؟
أم هو تعود على المصائب؟
لم تكن متابعتهم لعملية الاعدام حبا في رؤية صدام ميتا. لم يكن يعنيهم كثيرا من يموت، ولا من يعلق على حبل المشنقة.
لم يكن يعنيهم كثيرا ان كان صدام حسين هو من يتدلى من الحبل او مقتدى الصدر نفسه، او المالكي، او حتى جورج بوش.
كانوا سعداء وهم يرون الموت يصور حيا على التلفزيون.
شعرت وانا اراقب الجميع يرقبون موت صدام انهم امام مشهد سينمائي مثير.
هل نحن نهرب من عذابات في داخلنا الى عذابات الآخرين؟
لست محللا نفسيا..
لكني اقول اننا كنا نستمتع برؤية انسان يموت.
رددنا ان لا حول ولا قوة الا بالله.. ومن جديد اعدنا رؤية المشهد.
لم نفكر في ابنائنا... ولم نفكر حتى في انعكاس صورة الموت العلني القبيحة على نفسياتنا.
اخطأت الحكومة العراقية بعرض مشاهد الاعدام.
اخطأت بحماقة عندما اختارت فرقة لم تعرف حرمة الموت، فهتفت له كما لو كانت في حفلة عرس.
لم تعتذر الحكومة العراقية عن عرضها لأبشع صورة يمكن ان تحفظها عقلية اطفالنا.
لم تعتذر ان عرضت ما جعل عيدنا مأساة.
ليس هو تعاطف مع صدام، بل اتعاطف مع دواخلنا. فالرجل كان يمكن ان يشنق الف مرة دون ان يراه اطفالنا، او نراه نحن.
قلة من دول العالم، قلة قليلة جدا، وافقت على اعدام علني يصور بالتلفزيون لأعتى مجرميها. كان ذلك في الماضي. والحكومة العراقية تعيش في الماضي.
هي تنتقم.. هي لا تنفذ العدالة..
وها قد انتقمت من كل طفل عربي.
أتمنى ان يعم العراق الحب والتسامح.
وأتمنى ان لا نستلذ نحن بعذابات الآخرين.
اتمنى ان يصبح للأنسان فينا قيمة ومعنى، ولو كان مذنبا.
فلسنا آلهة، ولسنا انبياء.
[email protected]