جدد السيد عبد العزيز الحكيم دعوته لقيام مناطق فيدرالية في العراق وطالب بالاستفتاء على ذلك. أول ما يلفت النظر، وبصرف النظر عن جوهر الموضوع، توقيت هذه الدعوة بينما العراق قد تحول لجنهم العنف والفوضى وحيث القتل، والخطف، والضرب بالهاونات، والتفجيرات، صارت زادا يوميا للعراقيين. وحسب الإحصاءات، ففي الشهر المنصرم وحده قتل 2000 عراقية وعراقي في حوادث العنف والتفجير. كما يعاني العراق اليوم من حرب تطهير مذهبي أدت لتشريد عشرات آلاف العائلات من مساكنها والحرب متواصلة بكل شراسة.وكنا قد كتبنا وكتب غيرنا مقالات عديدة تناقش جوهر الموضوع وكيف أن فيدرالية الجنوب لن تكون غير طائفية وتحت تصرف إيران التي تتدخل في العراق كما تشتهي وبصمت من المسؤولين. لقد كتبنا أسباب معارضتنا لهذه الدعوة، وأذكر بالمناسبة أن بعضنا وجه في 17 نوفمبر المنصرم نداء خاصا للسيد رئيس الجمهورية بهذا الصدد بمناسبة زيارته لباريس. أشدنا في بداية الرسالة بالدور الوطني لسيادة رئيس الجمهورية، وتصرفه خلال رئاسته كممثل لكل العراقيين قبل الفئات والأحزاب، وبالتالي، فإن بإمكانه أن يعلب دور المرجعية السياسية المتفق عليها لما له من مكانة وما يتمتع به من احترام الجميع. بعد ذاك جئنا لصلب الموضوع، أي فيدرالية الجنوب. وكان من بين النقاط التي أكدنا عليها:

1- إن العراق، بتعددية مكوناته القومية والدينية والطائفية، يشبه إلى حد ما بريطانيا وغيرها من الدول الفيدرالية. فيمكن تشبيه كردستان في العراق بسكوتلندا في المملكة المتحدة البريطانية، والقسم العربي بإنكلترا، والتركمان بويلز ... وهكذا. ولذلك، ورغم الحلم الكردي الجميل في قيام دولته القومية على أرضه التاريخية، إلا أنه وكما صرحتم فإن هذا الحلم رغم أنه جميل ولكن نظراً للظروف الدولية الصعبة، فإن فيدرالية كردستان مع العراق هي الأسلم وأقرب للواقع وأكثر فائدة للشعب الكردي من الانفصال في دولة كردية محاطة بالأعداء من كل صوب، ومهددة بالمخاطر من دول الجوار.


2- صحيح أن الفيدرالية الديمقراطية هي أرقى أنواع الحكم الديمقراطي، ولكن في ظروف العراق الحالية، فإن تقسيم القسم العربي من العراق إلى فيدراليات، لا يشكل حلاً سليماً لمشاكله الحالية، بل سيكون بحد ذاته مشكلة كبرى تؤدي إلى تفتيت العراق إلى كانتونات يسهل بلعها من قبل دول الجوار الطامعة بها، ولأن دعاة الفيدرالية في الوسط والجنوب يريدونها على أسس طائفية. فلو تحقق حلمهم في تحقيق الفيدرالية الطائفية، فهذا يعني أنهم سيكرسون الطائفية ومعها الصراعات الدموية بين الطوائف في العراق إلى الأبد،فضلا عن احتواء إيران لها، وهذه كارثة يجب منعها بأي ثمن. لذلك فإننا نرى أن تأييد القيادة الكردية للفيدرالية الطائفية في الوسط والجنوب خطر كبير على كل العراق وليس في صالح الشعب العراقي، وضد مصلحة الشعب الكردي.


3- نؤكد أن رفض الجبهة الكردستانية للفيدرالية الطائفية في الوسط والجنوب سوف لن يؤثر على الفيدرالية الكردية، لأن الأخيرة لها ظروفها القومية والتاريخية الخاصة، ومقررة ومعترف بها من جميع الجهات وحتى في المحافل الدولية ولا يمكن التراجع عنه.


4- وعلى أثر ما حصل من هجوم على مديرية البعثات في وزارة التعليم العالي يوم الثلاثاء 14 نوفمبر الجاري، واختطاف أكثر من مائة من الموظفين والمراجعين وفي وضح النهار، حيث جاء المهاجمون بالسيارات الحكومية، يرتدون ملابس الشرطة، يشكل نقلة نوعية في تطور الإرهاب، مما يفقد الدولة هيبتها ومصداقيتها. لذلك نؤكد أنه لا يمكن السيطرة على الوضع ودحر الإرهاب ما لم يتم حل المليشيات، وإتباع سياسة الحزم والشدة إزاء الإرهاب والعابثين بأمن البلاد والعباد.