يمتاز أبناء بلدي بالكثير من سعار المعرفة، والسعي خلف المعلومة، واللهاث في نشر ذلك، كما يشتهرون بشعارات مهولة حول الأخلاق، والتدين، والمحافظة على المرتكزات والمكتسبات، ولهم رصيد كبير في نشر الرحمة بدون إكراه شديد مع إعمال quot;الغاية تبرر الوسيلةquot;.
فلك أن تطالعهم أثناء القيادة في الطرقات والأزقة وكيف يرمقون المارة (الذين يرمقونك بدورهم) جيئة وذهابا، ويسعون لتحليلهم ومعرفة خفاياهم من حيث العرق والهوية، وغالبا التندر بهم من حيث نقصهم وعورهم!
وهنا الفرق ما بين سعي أبناء هويتي وغيرهم من فئام البشر؛ حيث الاشتراك في النهم المعرفي، والافتراق في محل النهم.
وحين يهتم العالم بالمعرفة العلمية، والكشوف التقنية، والبنى الفلسفية، وجهود الدول والجماعات بالبحث العلمي، والتطوير الإداري، والموارد البشرية، نهتم نحن بالبحث في سوءات الآخرين، والبحث في خفايا حياتهم، والتندر بأصولهم وثقافاتهم، وتغطية الزوجة والأخت، في ذات الوقت الذي تندق فيه رؤوسهم للنظر لباقي النسوة.
وحين ترفض المستجدات بشعار الدين، ترفض سماحة الدين بحجة المصلحة، وحين نتكلم عن حقوقنا المغتصبة لا ينفك أبنائنا عن دق أعناق العالم لنشر سماحة الدين، وسفك الدماء كرما ببث مكارم الأخلاق و (لا إكراه في الدين)!
غريب شأن المعرفة لدينا، يطرح التساؤل تلو الآخر نحو كيف للواحد منا أن يعيش في ظل هذا الازدواج الأخلاقي والانفصام الديني، والتوحش الروحي المطرز بنياشين نصوص الرحمة الربانية !
وكيف لم يكن لهذا النهم بالتطلع أن ينحى نحوا منتجا بأي شكل من الأشكال، وكيف كان لمستهلك الحضارة أن يصم منتجيها بالفراغ فيما هو يتأبط مخرجات فراغهم، زعموا.
هل من باب المصادفة أم القدر أن تكون بيئتنا مشابهة لنا، أو بالأحرى نحن مشابهون لها، من حيث تقلبها من سطوة البرودة إلى عنف الحرارة، ما بين الليل والنهار، فضلا عن الصيف والشتاء، وما بين تقلب أجوائها وتلون صحرائها وتنقل سكانها وكل له من أرضه نصيب.
كاتب سعودي
[email protected]
التعليقات