الفستان الأحمر الذي قيل أن حسناء مصرية كانت ترتديه وهي تعزف على آلة الهارب الفرعونية في حفل العشاء بفندق شيراتون، أشعل في قلبي الحريق وأضاع من قدمي الطريق لمجرد سماعي للخبر عبر الأثير، فكيف لو رأيته عيانا على جسد تلك الفاتنة الحسناء وأنا أجلس على طاولة عشاء في أرقى فنادق شرم الشيخ ولا يفصلني عن الليل سوى بضع ساعات قليلة؟!. أكيد لو كنت رئيسا للولايات المتحدة العالمية وليس مجرد وزير خارجية لدفعت كل مفاعلاتي النووية ثمنا لهذا الرداء الأحمر الشفاف الذي ترتديه عازفة حسناء تعزف أعذب ألحان الموسيقار بليغ حمدي؟!. ولم لا فقد تنازل الملك إدوارد الثامن عن عرش بريطانيا العظمى من أجل عيون حبيبته. وقد مات شهيدا من مات فداء للمحبوب، وهي المرأة، فكيف إذا كانت هذه المرأة تلبس فستانا من الشيفون الأحمر الشفاف؟؟!!.. يا ويلك يا رجل يا سواد ليلك، إذا لم تسلم لها قيادك لتحلق بك الى الدور الثامن من فندق شيراتون شرم الشيخ؟!.
ولكن ماذا نقول لمن لا ( يتقي ) الله في دماء العراقيين ويغرق مدنهم بشوارعها وأحيائها في دماء حمراء قانية، فتثير شهوته مناظر تلك الدماء الغزيرة التي تنزف كل يوم من أجساد العراقيين، لكنه يتحسس من النظر الى فستان من الشيفون الأحمر الشفاف لأنه يبرز مفاتن إمرأة؟؟!!.
لقد كان العراقيون قبل كل العالم ينتظرون تلك المأدبة الفخمة التي صرفت لأجلها الملايين عسى أن تتمكن الدبلوماسية المصرية من جمع وزيري خارجية البلدين المتصارعين في العراق على مائدة المفاوضات، وبذلوا جهودا مضنية لترتيب ذلك اللقاء ليتمكنوا من خلال حوار جاد وقف النزيف الدموي في بلدهم والناجم بطبيعة الحال عن التدخلات الإيرانية المقيتة في شؤون العراق الداخلية التي يدفع العراقيون ضريبة باهضة بسببها.
كانت آمال العراقيين معقودة على ذلك اللقاء لكي يتحقق نوع من التفاهم الإيراني الأمريكي لوقف النزيف اليومي في شوارع بغداد حتى ولو عبر صفقة سياسية تهدف الى إيجاد نوع من التقارب الأمريكي الإيراني الذي كان وحده سينهي العنف الطائفي ويوقف تدفق الأسلحة الإيرانية الى الميليشيات السائبة في العراق.
فستان أحمر أثار الكثيرمن التكهنات حول ما إذا كانت الأزمة بين واشنطن وطهران قد وصلت الى طريق مسدود، وهي أزمة طاحنة يدفع العراقيون دماءا غزيرة جرائها منذ أربع سنوات من دون أن يكون لهم في هذه الأزمة ناقة ولا جمل، ولكن بلدهم تحول من دون رغبتهم الى ساحة لتصفية الحسابات السياسية والتنفيس عن الأحقاد المتراكمة بين البلدين عبر سنين طويلة.
يقول الشاعر كامل الشناوي في قصيدته الرائعة quot;لا تكذبيquot;:

ما أهون الدمع الجسور إذا جرى من عين كاذبة فأنكر وأدعى

وما أهون على وزير خارجية دولة تعود الى القرون الوسطى أن يختلق الحجج والمبررات الواهية للتهرب من ذلك اللقاء السياسي مع الدولة الكبرى في العالم الذي كان يؤمل منه أن يحقن الدماء في العراق. ولا يتحرج هذا الوزير القروسطي المجرد من الأحاسيس من القول عندما يسأل عن السبب وراء مغادرته مكان اللقاء المرتقب quot;أنه يخشى أن تقع عينه على العازفة المصرية الحسناءquot;؟؟!!. ولكني أعتقد أنه كان يكفيه أن يغض بصره عن رؤية ذلك الفستان الشفاف، وأن لا يزيغه من تحت نظارته المكبرة، فالدماء عندي أولى بالصون من الفروج. وكان ذلك أزكى للمؤمنين والله خبير بما يصنعون..
إن هذا التصرف من وزير الخارجية الإيراني أثناء حفل العشاء الذي أقيم على شرف الدبلوماسيين في شرم الشيخ هو خروج عن اللياقة الدبوماسية، ولا أدري كيف يمكن لدبلوماسية القرون الوسطى أن تتعايش مع مجتمعات القرن الواحد والعشرين؟؟!. وكيف يمكن للمجتمع الدولي أن يتحاور مع دولة يقود دبلوماسيتها مثل هذا الشخص الغارق في التخلف، وأن يتفاهم معه حول مصير أحد أكثر مناطق العالم توترا بسبب التهديدات التي تطلقها دولته المارقة التي تستهين بإرادة المجتمع الدولي لمجرد الحصول على مصادر القوة ولو على حساب دماء شعوب المنطقة؟!.
لو أخذنا هذا التصرف وفقا للمفهوم الأمريكي فيمكن إعتباره تمردا من الدولة الإيرانية عن المجتمع الدولي، وأعتقد أن هذا التصرف غير اللائق من رئيس الدبلوماسية الإيرانية وفي مثل هذا العصر، هو أخطر على المجتمع الإنساني من أسلحة الدمار الشامل الصدامية التي تبخرت مع قدوم الأمريكان لإسقاط نظامه، ولا أدري لماذا لا تتحجج أمريكا به لشن عملية عسكرية أخرى لإسقاط هذا النظام االقروسطي المتخلف وإنقاذ العراق والمجتمع الدولي من شروره، لتعود تلك الحسناء المصرية الى عزف ألحانها الشجية التي تنعش القلب بدل هدر دماء ملايين الناس..

sherzadshekhani@yahoo. com