المليشيات الطائفية المسلحة والإرهاب التكفيري علّة العراق والعراقيين

كلما كتب عن مخاطر وجود المليشيات المسلحة الطائفية الذي لا يقل خطراً عن المنظمات الإرهابية التكفيرية والمطالبة بحلها حسب تعهد الحكومة الذي جاء على لسان السيد المالكي زكته الحياة باعتباره احد المعوقات الأساسية لتزايد العنف والعنف المضاد لكنه لم يحرك ساكنً في خطاب الحكومة الرسمي ولا اتخذت إجراءات وقرارات بصدد حل المليشيات واعتبارها غير قانونية مثلما هو الحال مع المنظمات الإرهابية التكفيرية ما عدا بعض الوعود وهي كثيرة التي أطلقها السيد المالكي والتأتأة الغثيثة التي لا تشبع من جوع ولا تسد من عطش العطشانquot; بضرورة حل المليشيات quot; مع العلم انه يعرف جيداً من هم أصحاب المليشيات الطائفية وفرق الموت السيئة الصيت ويعرف جيداً أن هذه المليشيات تعيث فساداً وتستغل المؤسسات الأمنية التي اندست فيها لتقوم بأعمال العنف والقتل والخطف مجيرة ذلك على المنظمات الإرهابية والبعثصدامي التي تقوم بالدور نفسه وكأنه حالة ملزمة لوجود الحكومة والجيوش الأجنبية، والخطاب الرسمي لم ينفك عن ذكر ما تقوم به هذه المنظمات التكفيرية لكنه أحادي الجانب وغير متوازن مع الخطاب الرسمي الضروري الذي يجب أن يكون في الوقت نفسه ضد المليشيات الطائفية وفرق الموت المعروفة بملكيتها، وعندما بدأ الحديث عن تسليح العشائر من قبل الأمريكان تحرك السيد المالكي quot; ونحن معه ضد التسليح غير المنضبط quot; رافضاً فكرة التسليح الاعتباطية لكن في الوقت نفسه كان من المفروض أن يكون رفضه متزامناً مع العمل لحل المليشيات الطائفية وإلزام أصحابها المعروفين والمشاركين في العملية السياسية بقرار الحل لأن الرفض الذي أعلنه المالكي بعدم تسليح العشائر quot; بعيداً عن رقابة الحكومة سوف يخلق فوضى ويؤسس مليشيات جديدة quot; يبقى ناقصاً وبعيداً عن الواقع الحالي الذي يدل على وجود المليشيات القديمة التي خلقت فوضى وعبثت بمؤسسات الدولة وخرقت القوانين والأنظمة المرعية، وهنا نسأل لماذا يرضى المالكي والبعض من قوى الإتلاف بوجود مليشياتهم المسلحة غير المنضبطة ويقفون بالضد من المليشيات التي تشكل من جديد؟ ( ونحن ضده أيضاً ) أليس من الأفضل أن يرتبط الرفض بالدعوى الصريحة لحل المليشيات القديمة وفرق الموت أم أنها مستثنية من القرار الحكومي القديم والجديد باعتبارها مليشيات تخص المحاصصة الطائفية؟
لسنا بصدد الوقوف ضد الرفض أو ضد تشكيل لجنة للإشراف على تسليح العشائر وبخاصة إذا كان التسليح بعيداً عن رقابة الحكومة ولعلنا نذكر السيد المالكي بما صرح به حول المهمات التي تقع على عاتق حكومته ومنها حل المليشيات الطائفية وملاحقة فرق الموت ، ومع ذلك نستفسر منه الآن ونؤكد في الوقت ذاته ـــ لماذا لا يجري تشكيل لجنة لنزع سلاح المليشيات القديمة المسلحة التي تحيط برئيس الوزراء وتحجيم تسليحها والوقوف بالضد من تزويدها بسلاح إيراني الذي كشف عنه العديد من المرات، وكما هو معروف أن وجودها وانتشارها لا يقل خطراً عن الأخرى وهي بعيدة كل البعد عن مراقبة حكومته لا بل هناك أيدي خفية في الحكومة وفي البرلمان تلعب اللعبة المزدوجة وأخرى تغمض الأعين عن الحقيقة مثلما هو الحال في الطرف الآخر الذي يحمي المنظمات الإرهابية التكفيرية والبعثصدامي ويشارك في اللعبة ويغمض الأعين عن طرق التسليح المختلفة من بعض دول الجوار وفي مقدمتها إيران أيضاً وعن نوع الأسلحة التي تأتي منها وبخاصة التفجيرات الفتاكة وقاذفات متطورة خارقة للدروع حيث ظهرت في آخر المطاف أنها تلعب على الحبلين بحجة محاربة الوجود الأجنبي في العراق بينما تسوّق بضاعتها الهادفة إلى استمرار العنف والاضطراب الأمني من اجل مصلحتها على الرغم من الأضرار البليغة التي يصاب بها الجانب العراقي، إضافة إلى تشكيل تنظمين شيعيين موالين لها هما quot;كتائب روح الله quot; في الفرات الأوسط و quot; وعصائب الإسلام quot; في الأهوار يقومان بعقد دورات لمدة ( 15 ) يوماً في الأهوار خاصة داخل العراق وكذلك لمدة ( 30 ) يوماً في إيران للتدريب على مختلف الأسلحة من عمل ونصب العبوات الناسفة والتدريب على إطلاق قذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا على الأهداف المقررة واستخدام صواريخ quot; سترلا quot; ضد الطائرات كل ذلك لا يحظى باهتمامات الحكومة والقوى التي تتحالف مع إيران ولم نسمع منهما أي إدانة أو تصريح لكي نعرف أن الاهتمام بالقضايا الأمنية متوازن ما بين جميع الأطراف التي تشترك بهذا الشكل أو ذاك بتشجيع ودعم استمرار العنف والاضطراب الأمني وعند ذلك نقول كلمتنا عن الحقيقة بدون تمييز ما بين دين وآخر أو طائفة أو قومية وأخرى.
نقولها علناً إننا نقف بشكل حازم ضد ما تسعى إليه القوات الأمريكية بتسليح العشائر دون رقابة الحكومة ونحن مع تشكيل لجنة للمراقبة، ونقول أيضاً أن ذلك إذا لم يكن تحت إشراف ومراقبة الحكومة سوف ينتج لا بل يفرخ العديد من المليشيات المسلحة الجديدة التي ستتخذ مثلما حال المليشيات الطائفية القديمة على عتقها تسعير الحرب الأهلية القادمة، وفي الوقت نفسه ندين بقاء المليشيات القديمة ونطالب بحلها متزامنة مع رقابة الحكومة على الطرفين وبدون استثناءات حزبية أو طائفية لأن بقاء هذه الميلشيات التي تعهدت الحكومة على لسان السيد المالكي بحلها سيبقي سعير العداء الطائفي لا بل يعمقه ويوسعه مما يزيد من مآسي الشعب العراقي ويدفع البلاد إلى أتون حرب أهلية وبالتالي إلى التقسيم مهما تحدث أصحاب النيات الطيبة عن أهمية وحدة البلاد والشعب التاريخية، فالذي يريد توطيد وحدة الشعب وعدم تقسيم البلاد عليه أن يبدأ أولا من نفسه وجماعته ، يطبق القوانين بدون تمييز أو انحياز، عليه أن ينفذ تعهداته تجاه من صوتوا له واتجاه الشعب، فقضية القضاء على الإرهاب والفساد المالي والإداري يرتبطان اشد الارتباط بحل المليشيات المسلحة غير القانونية وكل من هذه المهمات مرتبطة ببعضها ولا يمكن عزلها تحت أية حجة أو ادعاء ومن يريد أن لا تتشكل مليشيات جديدة عليه أن يحل القديمة مهما كانت قريبة أو عائدة له وبهذا سيكون الطريق واضحاً لا لبس فيه ولا تهويل.