لعل أهم فواجع الزمن العراقي الرديء هو تشابه سلسلة الحكام الذين تعاقبوا على حكم و سياسة ذلك الشعب العراقي المنكوب تاريخيا، و إذا كنا قد تعلمنا القول ( إذا بليتم بمصيبة فإستتروا )!!، فإن وزير العمل و الشؤون الإجتماعية العراقي وهو من جماعة الإئتلاف الفاشل أبى إلا أن يعاكس الخط العام، و أن يقف في وجه المنطق؟ و أن يثور ثورة عارمة و ساحقة و ماحقة ليس على موظفيه و أداء وزارته الفاشل أصلا لأنه في العراق حاليا لا يوجد عمل سوى ضمن صفوف ميليشيات القتل و التفخيخ و عصابات السلب و النهب المؤمنة منها أو الكافرة!! و بالتالي لا توجد شؤون إجتماعية أيضا لأن العراقيين باتوا مشردين داخل بلادهم و يتلقون العون من وكالة ( غوث اللاجئين )!! و ليس من حكومة المحاصصة العراقية الطائفية المفلسة! و بالتالي فإن السيد وزير الهواء و الكلام قد شرب حليب السباع و أرتدى قلنسوة الحرب و أعلنها حربا ضروس على القوات الأميركية التي فضحت المخبوء و كشفت العورات و أقتحمت قلاع اللصوصية و الظلم! هذه القوات التي يتهمها اليوم سيادة الوزير الهوائي بالفبركة و بتعرية الأطفال و تشويه موقف الحكومة العراقية ووجهها الطائفي الناصع هي نفسها التي كانت السبب في أن يتولى ذلك الوزير منصب الوزارة هو وجماعته الكرام من أحزاب الإئتلاف الإيراني المعروفة، فالسيد الشيخ راضي غير راضي عن الفضيحة الإنسانية المهولة و المؤلمة لأطفال العراق المعوقين!! و هو بالتالي زعلان حتى الثمالة من تسرب تلك الصور عن طريق القوات الأمريكية التي كشفت هي أيضا قبل فترة النقاب عن مسالخ ( صولاغ البشرية ) في الجادرية و كذلك فعلت القوات البريطانية أيضا في البصرة حين إقتحمت و دمرت المصنع التعذيبي الكبير في مديرية الجرائم الكبرى في البصرة! و يبدو أن فضائح أهل الحكم العراقي لا تأتي إلا من القوات الحليفة!! فأهل التقوى و االفضيلة من جماعة الأحزاب الدينية و الطائفية قد أعطوا ضمائرهم إجازة مفتوحة و طويلة، ولم يعودوا يهتمون سوى بالشفط و اللهط و السفرات الخارجية تاركين شعب العراق لمصيره و للرعاية الربانية التي ستنصف المظلومين، فيما ينتظر البعض الآخر قدوم و ظهور المهدي المنتظر ليحل لهم المشاكل و يجنبهم وجع الرأس!!.

كنا نتوقع من سعادة الوزير المتدين الوقور أن ينتهز الفرصة ليعاقب القتلة و فاقدي الضمير واللصوص وسقط المتاع من الذين إنتهكوا براة الطفولة و مارسوا وحشيتهم و ساديتهم على أجساد الضعفاء، كما كنت أتوقع أن يرق قلب الوزير و يحترق على هول المشاهد و يقدم إستقالته الفورية ليقضي بقية العمر في طلب المغفرة من الله بإعتباره لم يكن في مستوى المسؤولية في رعاية الرعية تأسيا بقول الفاروق عمر بن الخطاب ( رض ): و الله لو أن بغلة عثرت في أرض العراق لساءلني الله عنها يوم القيامة لماذا لم تعبد لها الطريق! أو أن يتخذ موقف أئمة الهدى من آل بيت النبوة الكرام رضي الله عنهم وهم الذين كانوا مقصدا للضعفاء و المستضعفين و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و أسيرا!! و لكنه لم يفعل، بل إمتشق حسام الجهاد و أتهم الأميركان بفبركة القضية و الصور مهددا بأنه سيقاضي القوات الأميركية؟؟؟ و لم يقل لنا متى و كيف و لماذا؟ و هل سيتمكن بالفعل من تنفيذ تهديده؟ و هل سيرفع تلك القضية في محاكم طهران أم في محاكم بغداد؟

الشيء المؤكد و الأكيد أنه لن يفعل ذلك؟ و سيعتمد على تواصل المآسي العراقية لدفن هذا الملف كما دفنت من قبل ملفات مأساوية أخرى و فظيعة حول إنتهاكات حقوق الإنسان و السجناء و حول مصير آلاف العراقيين المفقودين و القتلى و حول مجزرة بحر النجف قبل ستة شهور في القضية المعروفة بقضية ( جند السماء )!!! هذا غير قضايا الجثث المجهولة و آخرها فضيحة مصرع فريق التيكوندو العراقي الذي تمت تصفيته فيما الحكومة العراقية نائمة و رجليها تحت الشمس المحرقة؟ ثم ماذا عن قضية مجزرة ( جسر الأئمة ) التي ذهب ضحيتها آلاف العراقيين الفقراء؟، و يبدو أن خلط الأوراق و إفتراض غباء الجماهير من قبل النخب العراقية السياسية الفاشلة لم تخلق سوى سياسات عبثية و تهريجية فهذا هو عبد العزيز الحكيم يدعو لتظاهرة مليونية ضد تدمير الأضرحة لكننا لم نسمع صوته في إدانة مأساة الطفولة العراقية المعذبة و المشردة و المغتصبة!!، و لا أدري ماذا يقول وزير العمل العراقي الهمام عن اللحم العراقي الأبيض الرخيص المنتشر في فنادق و مراقص دمشق و عمان و بيروت وحتى شارع الهرم الشهير؟ و هل أن راقصات العراق الجديد قد سلمن نسخا من عقود العمل لوزارة العمل العراقية المناضلة؟ في الفم ماء كثير، وهذه الحكومة القائمة لا تسنحق سوى الفضح و الإدانة و التعرية الكاملة فقد بغا الخطب حتى غاصت الركب و لا مجال بعد اليوم لأي سكوت أو مداهنة أو نفاق، فالوزارة العاجزة عن توزير الأكفاء هي ناقصة لأهليتها و متآمرة على حياة الناس، فقط نتمنى على الوزير أن يرفع قضيته على القوات الأمريكية؟ و لكننا نعرف تمام المعرفة من أنه لن يحدث شيء و ستلفلف القضية كما لفلفت قضايا أخرى... فلا يلام الذئب في عدوانه إن كانت لدينا حكومة على الشاكلة السائدة في العراق... إنه الوزير الفلتة في الزمن الفلتة... و لاعزاء للمحرومين!.

[email protected]