هانس كونغ: لن يكون هناك سلام بين الأمم بدون سلام بين الأديان
يضحى أمرا مثيرا أن يجد المرء في زمان الاسلاموفوبيا البغيضة مفكرا غربيا يحاول أن يزيح الغبار عما لصق بالإسلام والمسلين، وتشتد الإثارة ويزداد الدهش إذا كان الرجل لاهوتيا أي رجل دين مسيحي له قامته العلمية والفكرية في الكنيسة الكاثوليكية مثل اللاهوتي السويسري الأصل هانس كونغ، ولعل صيحته الأخيرة quot; الإسلام رمز الأمل... القيم الأخلاقية المشتركة للأديان quot; كان منطلقا للبحث في أوراق الرجل الذي عمل منذ العام 1960 وحتى تقاعده عام 1996 أستاذا للاهوت المسكوني ومديرا لمعهد البحوث المسكونية في جامعة توبنجين الكاثوليكية، ثم عمل من عام 1962 وحتى عام 1965 مستشارا لاهوتيا رسميا للمجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي فتح الطريق إلى الحوار مع الشعوب والأديان ولهذا فان اشهر ما يعرف عن كونغ قوله انه لن يكون هناك سلام بين الأمم بدون سلام بين الأديان ولن يكون هناك سلام بين الأديان بدون حوار بين أتباع الأديان.
وفي كل الأحوال تبقى شهادة كونغ شهادة غير مجروحة في حق الإسلام والمسلمين وشهادة يصعب إيجازها في سطور لكنها محاولة لإلقاء الضوء في كل الأحوال
من زورزيه إلى روما.. الطريق والبدايات
وفي كل الأحوال تبقى شهادة كونغ شهادة غير مجروحة في حق الإسلام والمسلمين وشهادة يصعب إيجازها في سطور لكنها محاولة لإلقاء الضوء في كل الأحوال
من زورزيه إلى روما.. الطريق والبدايات
ولد هانس كونغ في منطقة زورزية في سويسرا عام 1928 ميلادية لعائلة كاثوليكية،ولذا كان طريقه إلى العلم لابد وان يمر عبر جامعات روما الكاثوليكية الشهيرة فقد درس علوم الفلسفة واللاهوت في جامعة quot;الجريجورياناquot; التي يشرف عليها الآباء اليسوعيين في روما، ثم في جامعة السوربون في باريس، ولاحقا في المعهد الكاثوليكي في باريس ثم كان أن عمل أستاذا في تدريس القواعد الأساسية لعلوم اللاهوت والعقيدة في الجامعة الكاثوليكية quot; توبنجين quot; كما تسلم هناك إدارة معهد الأبحاث الدينية ودعي للتدريس بصفة أستاذ ضيف في جامعات أمريكية وسويسرية مختلفة.
ولان شهرته وسعة علمه ملا الآفاق فقد اختاره البابا الروماني يوحنا الثالث والعشرين كواحد من أهم مستشاريه وهنا نتساءل لماذا؟ الإجابة لان ذلك البابا هو الذي دعا إلى انعقاد ما عرف لاحقا بالمجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في الفاتيكان في الفترة الممتدة من العام 1962 وحتى العام 1965 وقد كان هذا المجمع بمثابة نقلة فكرية غير مسبوقة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية وبداية انطلاقه لها في العالم نحو الحوار مع الأخر وهو التيار الذي دعمه كونغ ولا يزال بكل قوة سيما فيما يختص بالحوار بين الأديان.
غير أن خلافا فكريا نشب لاحقا بينه وبين القيادة الدينية الكاثوليكية بسبب بعض الآراء اللاهوتية الخاصة به والتي لا تتفق و التوجهات الرسمية لمجمع العقيدة والأيمان في داخل الكنيسة ولهذا فقد نزع عنه في العام 1980 حقه في التدريس في الجامعات الكاثوليكية وقد بقى هانس ممنوعا من زيارة الفاتيكان بالصفة الرسمية طوال حبرية البابا يوحنا بولس الثاني غير أن العام 2005 قد شهد نهاية لتلك القطيعة عندما التقى البابا بندكتوس السادس عشر البروفيسور كونغ ولم يتطرق الحوار إلى القضايا العقائدية الخلافية بل إلى موضوعات الأخلاق العالمية التي يوليها كونج أهمية فائقة وقد عبر في نهاية اللقاء عن تقديره للمجهود الكبير الذي يبذله البابا لدفع الحوار بين الأديان والتلاقي بين جميع الفرق الاجتماعية المختلفة في عالمنا المعاصر.
ولان شهرته وسعة علمه ملا الآفاق فقد اختاره البابا الروماني يوحنا الثالث والعشرين كواحد من أهم مستشاريه وهنا نتساءل لماذا؟ الإجابة لان ذلك البابا هو الذي دعا إلى انعقاد ما عرف لاحقا بالمجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في الفاتيكان في الفترة الممتدة من العام 1962 وحتى العام 1965 وقد كان هذا المجمع بمثابة نقلة فكرية غير مسبوقة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية وبداية انطلاقه لها في العالم نحو الحوار مع الأخر وهو التيار الذي دعمه كونغ ولا يزال بكل قوة سيما فيما يختص بالحوار بين الأديان.
غير أن خلافا فكريا نشب لاحقا بينه وبين القيادة الدينية الكاثوليكية بسبب بعض الآراء اللاهوتية الخاصة به والتي لا تتفق و التوجهات الرسمية لمجمع العقيدة والأيمان في داخل الكنيسة ولهذا فقد نزع عنه في العام 1980 حقه في التدريس في الجامعات الكاثوليكية وقد بقى هانس ممنوعا من زيارة الفاتيكان بالصفة الرسمية طوال حبرية البابا يوحنا بولس الثاني غير أن العام 2005 قد شهد نهاية لتلك القطيعة عندما التقى البابا بندكتوس السادس عشر البروفيسور كونغ ولم يتطرق الحوار إلى القضايا العقائدية الخلافية بل إلى موضوعات الأخلاق العالمية التي يوليها كونج أهمية فائقة وقد عبر في نهاية اللقاء عن تقديره للمجهود الكبير الذي يبذله البابا لدفع الحوار بين الأديان والتلاقي بين جميع الفرق الاجتماعية المختلفة في عالمنا المعاصر.
كونغ والدعوة لحوار الثقافات والأديان
يعد كونغ واحدا من اكبر العقليات الفلسفية المسيحية حول العالم الذين ينحازون ولا يزالوا بقوة للحوار بين الحضارات والثقافات وبين الشعوب والمجتمعات ومن أصحاب القراءات النقدية المهمة في مواجهة دعوات صراع الحضارات لصموئيل هنتجتون.
كانت بدايات هذه المسيرة بشكل رسمي في بداية عقد التسعينات عندما صاغ مشروعا فكريا متميزا اسماه quot; الأخلاق العالميةquot; وهو محاولة عميقة واستثنائية لشرح ما يمكن أن تجتمع عليه الأديان بدلا من الأفكار المعلبة والمعروفة باسم STRYO TYPE أي المعدة مسبقا والتي يعمد مطلقوها على إشاعة التناقض في ما بينها عوضا عن التلاقي وينطوي هذا المشروع على صوغ الحد الأدنى من القوانين السلوكية المقبولة من الجميع وقد ضمن رؤيته هذه في الوثيقة التي كتب مسودتها في إعلان مبدئي ووقع عليها قادة وزعماء دينيون وروحيون وفلاسفة وعلماء من جميع أنحاء العالم في ما سمي وقتئذ quot; برلمان الأديان العالمي quot; الذي عقد في ولاية شيكاغو الأمريكية في العام 1993.
والمؤكد أن مواقف كونغ النقدية الصريحة والعلنية وميوله الإصلاحية وان وجدت رفضا كاثوليكيا واضح المعالم إلا أنها على الجانب الأخر وبخاصة لدى الجهات والبلدان الانجلوساكسونية والجرمانية لقت صدى وترحيبا كبيرين الأمر الذي مكنه من أن يغدو احد مستشاري الأمم المتحدة في الشؤون الدينية وخاصة ما يتصل منها بالحوار بين الأديان السماوية.
والقارئ الجيد لفكر هانس كونغ يدرك تمام الإدراك انه ينظر للأديان على أنها سلسلة من التواصل الإيماني والأخلاقي على اختلافها وتعبيرا عن شرعية التدين عند الإنسان وأنها ينبغي أن تكون في خدمة الإنسان وان إيمان الإنسانية برب واحد يفرض على الناس احترام كل البشر باعتبارهم مخلوقات الله.
ويشكل كتاب quot; كونج quot; الإسلام تاريخا وحاضرا ومستقبلا quot; الصادر عام 2005 ترجمة لرؤية الرجل بخاصة فيما يتعلق برؤيته للإسلام إذ مكنته المقاربة متعددة الأبعاد التي انتهجها في هذا الكتاب من النظر إلى الدين الإسلامي كمنظومة قيم تاريخية متجذرة في الحاضر وتتطلع إلى القيام بدور كوني سواء على الصعيد الأخلاقي أو الاجتماعي أو السياسي وان هذا الدور المتنامي يطرح على الغرب مسؤولية الحسم في مسالة الحوار الديني لدرء خطر التطرف الذي يحصد وراح الأبرياء هنا وهناك ولمعالجة الأوضاع في العالم الإسلامي بروح التفهم لمكانة الدين من مجتمعاته، ولعل أوضح عبارات يحتاج الكثيرون في الغرب اليوم إعادة قراءتها تلك التي قال بها هانس كونج في الفصل الأخير من ذلك الكتاب القيم.....ما الذي قاله كونغ؟
كانت بدايات هذه المسيرة بشكل رسمي في بداية عقد التسعينات عندما صاغ مشروعا فكريا متميزا اسماه quot; الأخلاق العالميةquot; وهو محاولة عميقة واستثنائية لشرح ما يمكن أن تجتمع عليه الأديان بدلا من الأفكار المعلبة والمعروفة باسم STRYO TYPE أي المعدة مسبقا والتي يعمد مطلقوها على إشاعة التناقض في ما بينها عوضا عن التلاقي وينطوي هذا المشروع على صوغ الحد الأدنى من القوانين السلوكية المقبولة من الجميع وقد ضمن رؤيته هذه في الوثيقة التي كتب مسودتها في إعلان مبدئي ووقع عليها قادة وزعماء دينيون وروحيون وفلاسفة وعلماء من جميع أنحاء العالم في ما سمي وقتئذ quot; برلمان الأديان العالمي quot; الذي عقد في ولاية شيكاغو الأمريكية في العام 1993.
والمؤكد أن مواقف كونغ النقدية الصريحة والعلنية وميوله الإصلاحية وان وجدت رفضا كاثوليكيا واضح المعالم إلا أنها على الجانب الأخر وبخاصة لدى الجهات والبلدان الانجلوساكسونية والجرمانية لقت صدى وترحيبا كبيرين الأمر الذي مكنه من أن يغدو احد مستشاري الأمم المتحدة في الشؤون الدينية وخاصة ما يتصل منها بالحوار بين الأديان السماوية.
والقارئ الجيد لفكر هانس كونغ يدرك تمام الإدراك انه ينظر للأديان على أنها سلسلة من التواصل الإيماني والأخلاقي على اختلافها وتعبيرا عن شرعية التدين عند الإنسان وأنها ينبغي أن تكون في خدمة الإنسان وان إيمان الإنسانية برب واحد يفرض على الناس احترام كل البشر باعتبارهم مخلوقات الله.
ويشكل كتاب quot; كونج quot; الإسلام تاريخا وحاضرا ومستقبلا quot; الصادر عام 2005 ترجمة لرؤية الرجل بخاصة فيما يتعلق برؤيته للإسلام إذ مكنته المقاربة متعددة الأبعاد التي انتهجها في هذا الكتاب من النظر إلى الدين الإسلامي كمنظومة قيم تاريخية متجذرة في الحاضر وتتطلع إلى القيام بدور كوني سواء على الصعيد الأخلاقي أو الاجتماعي أو السياسي وان هذا الدور المتنامي يطرح على الغرب مسؤولية الحسم في مسالة الحوار الديني لدرء خطر التطرف الذي يحصد وراح الأبرياء هنا وهناك ولمعالجة الأوضاع في العالم الإسلامي بروح التفهم لمكانة الدين من مجتمعاته، ولعل أوضح عبارات يحتاج الكثيرون في الغرب اليوم إعادة قراءتها تلك التي قال بها هانس كونج في الفصل الأخير من ذلك الكتاب القيم.....ما الذي قاله كونغ؟
الإسلام من صورة عدائية إلى رمز للأمل
في هذا الفصل يتحدث هانس كونج عن الإسلام بوصفه رمز للأمل وعنده انه عاجلا أو آجلا مساحة ضرورية لاندماج جوهر الإسلام مع تحديات القرن الحادي والعشرين وان الرسالة الأصلية للإسلام تجعل من الممكن وجود مجتمع ديمقراطي وثقافة مبدعة مع علوم مبتكرة واقتصاد قابل للتطبيق ولو نجح ذلك فمن الممكن أن يقدم الإسلام إسهامه للمجتمع الدولي، أسهاما تكون فيه حقوق الإنسان والمسؤوليات الإنسانية أساسا مشتركا على الرغم من كل الاختلافات الثقافية.
ويشير كونغ كذلك إلى أن المسلمين من المغرب حتى إيران ومن أفغانستان حتى اندونيسيا يأملون أن يجتمع كل من الإسلام والديمقراطية ألحديثه معا وألا يستمر تطبيق الإسلام بشكل متسلط في الممارسة السياسية ولا ينبغي أن يكون هناك شكلا من أشكال الاكليروس على الأرض.
في هذا السياق يرى كونغ أن الإسلام منقذ في الحياة والتساؤل.... كيف ذلك؟ من منظور الفردية المتزايدة يقول عالم اللاهوت الكاثوليكي الشهير يمكن لقناعة إسلامية تتوافر لديها حساسية لمتطلبات هذا الزمن أن تساعد الناس باتجاه خبرة شخصية صحيحة،اكتشاف الذات، تقرير المصير والإشباع الذاتي، وفي ضوء التعددية المتزايدة فان القناعة الإسلامية التي تتوافر لها حساسية تجاه الزمن الذي نعيش فيه يمكن أن تمنع الناس من أن يتعاملوا مع بعضهم بصفاقة بدءا من نظام السوق الحر وانتهاء بكافة الاحتمالات الدينية.
ويمضي الرجل في رؤيته والتي يجزم فيها بان الإسلام يمنع وجود ما يمكن أن نطلق عليه quot; دين خاص quot; مكون من عناصر دينية وشبه دينية ودينية زائفة أيضا موجهة وملائمة لاحتياجات هؤلاء الأفراد أو ما نطلق عليه اسم quot; دين مرقع quot;.
وإذا كانت الأصوات ترتفع دوما ضد الإسلام على انه مضادا للحداثة فان الإسلام المعاصر كما يتراءى لكونغ لن يدين بشكل متسرع الحداثة ولكنه يؤكد وجهها الإنساني ولهذا نراه يقول لا ينبغي أن يكون هناك ثقافة فرعية إسلامية في الجيتو أي أن الإسلام لا ينبغي أن ينزوي بنفسه صانعا ثقافة إسلامية منعزلة عن بقية المجتمع العلماني.
وفي الوقت ذاته سيتجنب الإسلام المعاصر العوائق اللانسانية والمؤثرات المدمرة للحداثة، لن يكون تساهلات حداثية ولا خيانة لجوهر الإسلام ويمكن للعلاقة العقلانية بالعالم الحديث والثقة في الله quot; الذاتي quot; أن تدعم كل منهما الأخرى، ويؤكد كذلك على أن الإسلام قادر على التعاطي مع متطلبات العصر بتوليفه مصطنعة جديدة مقدسة في الوقت نفسه نموذج يمكن أن نطلق عليه بشيء من رجاحة العقل ما بعد الحداثي.
ما الذي يستطيع الإسلام أيضا أن يقدمه؟ بحسب كونغ كونج يستطيع بشكل مؤكد إن يقدم أسهاما فيما يخص المشاكل الفردية وان يمدنا بالمساعدة من اجل الحياة وتتعدد المجالات وتتنوع الاتجاهات من حقوق الإنسان إلى التلوث البيئي مرورا بمشاكل الفقر والفقراء والتلاعب بالجينات والتهديد النووي ورغم أن هذه مطالب يرى البعض انه قد يكون من المبالغة فيها بالنسبة للدين أن يقدم أسهاما أساسيا في حال تلك الإشكاليات ألا أن الدين عند كونغ ينبغي أن يقول كلمته بشكل ما في واحد أو أكثر من تلك المجالات وهنا يستطيع الإسلام أن يقوم بذلك.
وعند هانس كونغ quot; قناعة بان المشاكل التي يواجهها الإسلام في القرن الحادي والعشرين ليست مختلفة كثيرا عن تلك التي تواجهها المسيحية على الرغم من أن هناك فترة زمنية فاصلة بشكل ما وبحسب أفكار الرجل فان هناك أربعة مناطق إشكالية بالنسبة لكل من الإسلام والمسيحية متعلقة بأبعاد مختلفة للواقع أي بالحياة اليومية الفردية والمشكلات العالمية ـ وهي بحاجة إلى تفكير مكثف وتنفيذ عملي حيكم وهي:
1-البعد الكوني: الإنسان والطبيعة وكل ما يقلق بشان الحركة البيئية.
2- البعد الانثربولوجي: الرجال والنساء والشأن الخاص بحركة المرآة.
3-البعد الاجتماعي ـ السياسي: الأغنياء والفقراء وكل ما يتعلق بالمؤسسات الاجتماعية.
4- البعد الديني: الله والناس وما يتعلق بمسائل الحوار الديني والمسكونية على نحو خاص.
والشاهد أن كونغ قد غاص في أعماق القضايا التي تتماشى مع الحياة اليومية للمسلم بل أكثر من هذا فانه يرى إن هناك قضايا فرضتها الأبواق الإعلامية الغربية فرضا على ذهنية الرأي العام وحاولت قصرها على المسلمين فقط ومنها قضية التطرف الديني الذي أضحى ينسحب على المسلمين فقط... ماذا عن ذلك؟
ويشير كونغ كذلك إلى أن المسلمين من المغرب حتى إيران ومن أفغانستان حتى اندونيسيا يأملون أن يجتمع كل من الإسلام والديمقراطية ألحديثه معا وألا يستمر تطبيق الإسلام بشكل متسلط في الممارسة السياسية ولا ينبغي أن يكون هناك شكلا من أشكال الاكليروس على الأرض.
في هذا السياق يرى كونغ أن الإسلام منقذ في الحياة والتساؤل.... كيف ذلك؟ من منظور الفردية المتزايدة يقول عالم اللاهوت الكاثوليكي الشهير يمكن لقناعة إسلامية تتوافر لديها حساسية لمتطلبات هذا الزمن أن تساعد الناس باتجاه خبرة شخصية صحيحة،اكتشاف الذات، تقرير المصير والإشباع الذاتي، وفي ضوء التعددية المتزايدة فان القناعة الإسلامية التي تتوافر لها حساسية تجاه الزمن الذي نعيش فيه يمكن أن تمنع الناس من أن يتعاملوا مع بعضهم بصفاقة بدءا من نظام السوق الحر وانتهاء بكافة الاحتمالات الدينية.
ويمضي الرجل في رؤيته والتي يجزم فيها بان الإسلام يمنع وجود ما يمكن أن نطلق عليه quot; دين خاص quot; مكون من عناصر دينية وشبه دينية ودينية زائفة أيضا موجهة وملائمة لاحتياجات هؤلاء الأفراد أو ما نطلق عليه اسم quot; دين مرقع quot;.
وإذا كانت الأصوات ترتفع دوما ضد الإسلام على انه مضادا للحداثة فان الإسلام المعاصر كما يتراءى لكونغ لن يدين بشكل متسرع الحداثة ولكنه يؤكد وجهها الإنساني ولهذا نراه يقول لا ينبغي أن يكون هناك ثقافة فرعية إسلامية في الجيتو أي أن الإسلام لا ينبغي أن ينزوي بنفسه صانعا ثقافة إسلامية منعزلة عن بقية المجتمع العلماني.
وفي الوقت ذاته سيتجنب الإسلام المعاصر العوائق اللانسانية والمؤثرات المدمرة للحداثة، لن يكون تساهلات حداثية ولا خيانة لجوهر الإسلام ويمكن للعلاقة العقلانية بالعالم الحديث والثقة في الله quot; الذاتي quot; أن تدعم كل منهما الأخرى، ويؤكد كذلك على أن الإسلام قادر على التعاطي مع متطلبات العصر بتوليفه مصطنعة جديدة مقدسة في الوقت نفسه نموذج يمكن أن نطلق عليه بشيء من رجاحة العقل ما بعد الحداثي.
ما الذي يستطيع الإسلام أيضا أن يقدمه؟ بحسب كونغ كونج يستطيع بشكل مؤكد إن يقدم أسهاما فيما يخص المشاكل الفردية وان يمدنا بالمساعدة من اجل الحياة وتتعدد المجالات وتتنوع الاتجاهات من حقوق الإنسان إلى التلوث البيئي مرورا بمشاكل الفقر والفقراء والتلاعب بالجينات والتهديد النووي ورغم أن هذه مطالب يرى البعض انه قد يكون من المبالغة فيها بالنسبة للدين أن يقدم أسهاما أساسيا في حال تلك الإشكاليات ألا أن الدين عند كونغ ينبغي أن يقول كلمته بشكل ما في واحد أو أكثر من تلك المجالات وهنا يستطيع الإسلام أن يقوم بذلك.
وعند هانس كونغ quot; قناعة بان المشاكل التي يواجهها الإسلام في القرن الحادي والعشرين ليست مختلفة كثيرا عن تلك التي تواجهها المسيحية على الرغم من أن هناك فترة زمنية فاصلة بشكل ما وبحسب أفكار الرجل فان هناك أربعة مناطق إشكالية بالنسبة لكل من الإسلام والمسيحية متعلقة بأبعاد مختلفة للواقع أي بالحياة اليومية الفردية والمشكلات العالمية ـ وهي بحاجة إلى تفكير مكثف وتنفيذ عملي حيكم وهي:
1-البعد الكوني: الإنسان والطبيعة وكل ما يقلق بشان الحركة البيئية.
2- البعد الانثربولوجي: الرجال والنساء والشأن الخاص بحركة المرآة.
3-البعد الاجتماعي ـ السياسي: الأغنياء والفقراء وكل ما يتعلق بالمؤسسات الاجتماعية.
4- البعد الديني: الله والناس وما يتعلق بمسائل الحوار الديني والمسكونية على نحو خاص.
والشاهد أن كونغ قد غاص في أعماق القضايا التي تتماشى مع الحياة اليومية للمسلم بل أكثر من هذا فانه يرى إن هناك قضايا فرضتها الأبواق الإعلامية الغربية فرضا على ذهنية الرأي العام وحاولت قصرها على المسلمين فقط ومنها قضية التطرف الديني الذي أضحى ينسحب على المسلمين فقط... ماذا عن ذلك؟
إشكالية التطرف الديني بوجه عام
في معالجته الفكرية هنا لا يربط هانس كونج فكرة التطرف بالإسلام بل يعالج باختصار ظاهرة التطرف لدى أتباع الديانات السماوية الثلاث ولعل أهم ما يشير إليه كونغ في مقال له في هذا الشأن هو ضرورة السعي لفهم دوافع التطرف وأسبابه لأننا لن ننجو من نار التطرف إلا عندما نعالج الأسباب التي أدت إلى ظهور التطرف غير أننا سنقصر تعرضنا لرؤية quot;كونغ quot; تجاه ما يراه البعض تطرفا إسلاميا فيقول اسمع أحيانا الاعتراض القائل كيف يمكننا التعامل مع المتطرفين المسلمين الذين يمكنهم التعامل مع وسائل الحضارة الحديثة لكن في داخلهم رجعية وتخلف عن المدنية الحديثة؟
الجواب عند مفكرنا فيما يخص مسالة المسلمين المتطرفين ـ أو الإسلاميين كما يسميهم المسلمون ـ تدور في سياق عدة نقاط منها:
الجواب عند مفكرنا فيما يخص مسالة المسلمين المتطرفين ـ أو الإسلاميين كما يسميهم المسلمون ـ تدور في سياق عدة نقاط منها:
*أن الإسلام ليس دينا متطرفا كلية، ففي الإسلام أيضا كان ومازال هناك حركات إصلاحية كثيرة.
*المسيحية بدورها تعاني من لمحات من التطرف كما في الأصل البروتستانتي والتطرف كذلك موجود في اليهودية من خلال حركات عنصرية شتى.
*لا تنحصر جذور التطرف على الناحية الدينية فحسب بل تمتد لتشمل أيضا النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فالمتطرفون المسلمون يشيرون إلى أوجه قصور الحضارة الحديثة وهي ملاحظات ينبغي أن تؤخذ مأخذ الجد حتى إذا رفضنا الحلول التي يقدمها المتطرفون.
ما هي أبعاد الرؤية الصحيحة إذن في معالجة ظاهرة التطرف؟ لا يمكن التغلب على التطرف كظاهرة دينية عن طريق الهجوم المباشر ولكن من خلال الفهم الصحيح له، وتخيل أنفسنا في مكان هؤلاء المتطرفون والاهم من ذلك عن طريق معالجة الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا التطرف.
في هذا السياق يقدم المفكر الكاثوليكي خمس نقاط للتعامل مع التطرف الموجود في كل الأديان وهي:
*المسيحية بدورها تعاني من لمحات من التطرف كما في الأصل البروتستانتي والتطرف كذلك موجود في اليهودية من خلال حركات عنصرية شتى.
*لا تنحصر جذور التطرف على الناحية الدينية فحسب بل تمتد لتشمل أيضا النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فالمتطرفون المسلمون يشيرون إلى أوجه قصور الحضارة الحديثة وهي ملاحظات ينبغي أن تؤخذ مأخذ الجد حتى إذا رفضنا الحلول التي يقدمها المتطرفون.
ما هي أبعاد الرؤية الصحيحة إذن في معالجة ظاهرة التطرف؟ لا يمكن التغلب على التطرف كظاهرة دينية عن طريق الهجوم المباشر ولكن من خلال الفهم الصحيح له، وتخيل أنفسنا في مكان هؤلاء المتطرفون والاهم من ذلك عن طريق معالجة الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا التطرف.
في هذا السياق يقدم المفكر الكاثوليكي خمس نقاط للتعامل مع التطرف الموجود في كل الأديان وهي:
أولا: لفت نظر المتطرفين إلى الأصول الخاصة بالحرية ومبدأ التعددية والانفتاح أمام الآخرين وذلك في تراث كل فريق منهم في التوراة والتلمود عند اليهود وفي الأناجيل والكتابات المسيحية عند المسيحيين وفي القران والسنة عند المسلمين.
ثانيا: تنبيه التقدميين إلى ضرورة ممارسة النقد الذاتي فيما يخص كل المحاولات الواهية للتكيف مع روح العصر والعجز عن رفض ما يجب رفضه.
ثالثا: انتهاج طريق روحاني جديد وممارسته بصدق وأمانة وخاصة من قبل هؤلاء الذين لا يقبلون سلطة الكنيسة الكاثوليكية ولا حرفية الكنيسة البروتستانتية ولا تقاليد الكنيسة الأرثوذكسية أو أولئك الذين لا يرضون بالتيارات الرجعية ذات الأصل اليهودي أو الإسلامي.
رابعا: على الرغم من كل الصعوبات والتناقضات فلابد أيضا من السعي لفتح حوار مع المتطرفين بل لابد من التعاون معهم ليس فقط في المجالات السياسية والاجتماعية بل أيضا في مجال العلوم الدينية.
خامسا: حتمية مقاومة التطرف بصورة حازمة وذلك على الصعيدين الداخلي والخارج إذا قام تحالف بين التطرف من ناحية والقوة السياسية والعسكرية أو السلطة الدينية من جانب أخر.
ثانيا: تنبيه التقدميين إلى ضرورة ممارسة النقد الذاتي فيما يخص كل المحاولات الواهية للتكيف مع روح العصر والعجز عن رفض ما يجب رفضه.
ثالثا: انتهاج طريق روحاني جديد وممارسته بصدق وأمانة وخاصة من قبل هؤلاء الذين لا يقبلون سلطة الكنيسة الكاثوليكية ولا حرفية الكنيسة البروتستانتية ولا تقاليد الكنيسة الأرثوذكسية أو أولئك الذين لا يرضون بالتيارات الرجعية ذات الأصل اليهودي أو الإسلامي.
رابعا: على الرغم من كل الصعوبات والتناقضات فلابد أيضا من السعي لفتح حوار مع المتطرفين بل لابد من التعاون معهم ليس فقط في المجالات السياسية والاجتماعية بل أيضا في مجال العلوم الدينية.
خامسا: حتمية مقاومة التطرف بصورة حازمة وذلك على الصعيدين الداخلي والخارج إذا قام تحالف بين التطرف من ناحية والقوة السياسية والعسكرية أو السلطة الدينية من جانب أخر.
التفسيرات الدينية وحمل روح السلام
والحاصل أن القراءة المتعمقة لفكر هانس كونغ تقودنا إلى القول بان الرجل يبحث في عمق الأديان كرسائل للسلام لا كأدوات للخصام وعنده انه في زمن يملك فيه الإنسان من الوسائل التقنية الحديثة القديمة والوسطي ينبغي على جميع الديانات لاسيما الديانات النبوية الثلاث التي كثيرا ما تكون عدوانية أكثر أن تفعل ما في وسعها لتجنب الحروب ونشر السلام ولتحقيق ذلك لا غنى عن إعادة القراءة والتفسير الدقيق لكل رواية من الروايات التي تشكل تقاليدها الدينية وتتضح أهمية وجود فهم معاصر للقران في المجال التالي لا ينبغي قبول المقولات التي تتحدث عن الحرب دون نقد على أنها مبادئ قاطعة أو قواعد قانونية جامدة بل لابد من فهمها بشكل نقدي في سياقها التاريخي والانتقال بها من هذا السياق إلى الوقت الحاضر.
ولتحقيق تفسير ديني يحمل في طياته روح السلام يشير هانس كونغ بإتباع النهج الثنائي التالي:
ولتحقيق تفسير ديني يحمل في طياته روح السلام يشير هانس كونغ بإتباع النهج الثنائي التالي:
أولا: ينبغي تفسير الأقوال والأحداث النضالية في كل رواية من الروايات في التقاليد الدينية في السياق التاريخي للزمن الخاص بها دون التغاضي عن شيء ويصدق هذا على الديانات الثلاث وهنا:
*ينبغي فهم حروب يهوه القاسية ومزامير الثأر التي لا تلين في العهد القديم في سياق الاستيلاء على الأرض وما أعقبها من الدفاع عن الذات ضد أعداء أكثر قوة.
*حروب التبشير المسيحية والحروب الصليبية التي ظهرت في الفكر الكنسي في أوائل وأوج العصور الوسطى.
*دعوات القران إلى الحرب تعكس الحالة المحددة للنبي في فترة المدنية والطبيعة الخاصة للسور المدنية تحديدا تلك السور التي تدعو للقتال ضد أهل مكة المشركين لا يمكن استخدامها اليوم كمبدأ لتبرير اللجوء إلى القوة.
ثانيا: ينبغي اتخاذ الكلمات والأفعال التي تشجع على السلام في التقاليد التي يتبعها المرء على محمل الجد كالهام للعصر الحديث.
*حروب التبشير المسيحية والحروب الصليبية التي ظهرت في الفكر الكنسي في أوائل وأوج العصور الوسطى.
*دعوات القران إلى الحرب تعكس الحالة المحددة للنبي في فترة المدنية والطبيعة الخاصة للسور المدنية تحديدا تلك السور التي تدعو للقتال ضد أهل مكة المشركين لا يمكن استخدامها اليوم كمبدأ لتبرير اللجوء إلى القوة.
ثانيا: ينبغي اتخاذ الكلمات والأفعال التي تشجع على السلام في التقاليد التي يتبعها المرء على محمل الجد كالهام للعصر الحديث.
الإسلام والسلام والمفاهيم المغلوطة
وفي سياق تقديم quot; هانس كونغ quot; للغرب صورة مختلفة عن الإسلام الذي حاول البعض تقديمه يقول الرجل انه لا يكاد يدرك العديد من المسيحيين حول العالم أن آيات القرن الكريم المتعلقة بالحرب والعنف قليلة نسبيا وان كلمتي الرحمة والسلام تكررتا أكثر كثيرا مما ذكرت كلمة الجهاد وحسبما جاء في القران فان لله ليس اله الحرب فهذا ليس من أسماء الله quot; بل العكس ففي الكلمات الأولى لبداية سورة الفاتحة التي يستهل بها المؤمنون المسلمون صلواتهم هو quot; الرحمن الرحيم، ومن بين أسمائه التسعة والتسعين توجد ألقاب سلمية مثل اللطيف والحليم والودود والغفور.
وفضلا عن ذلك فان كلمة الإسلام ـ والحديث لكونغ- الذي ينبغي أن يظهره المرء لله اشتقاق لغوي من نفس اصل كلمة السلام ومن هنا جاءت تحية الإسلام السلام عليكم أو السلام عليك.
ويؤكد كذلك على أن الله غفور ومن يغفر فهو إنما يحذو حذو الله كما يشمل القران نوعا من قبيل القاعدة الذهبية ولا تستوي الحسنة والسيئة وادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم فالسلام في الإسلام هنا لابد أن يعلو على كل شيء بين الأطراف المتحاربة من المؤمنين كما ينبغي مع السلام مع الأعداء أيضا وان جنحوا للسلم فاجنح لها.
والشاهد بحسب حصيلة كونغ الفكرية هو انه لابد اليوم من تدريس مبادئ السلام على مستوى الفرد والجماعة للأطفال والآباء، لعلماء الدين والسياسيين لكن مع الأخذ في الاعتبار ما يلي:
وفضلا عن ذلك فان كلمة الإسلام ـ والحديث لكونغ- الذي ينبغي أن يظهره المرء لله اشتقاق لغوي من نفس اصل كلمة السلام ومن هنا جاءت تحية الإسلام السلام عليكم أو السلام عليك.
ويؤكد كذلك على أن الله غفور ومن يغفر فهو إنما يحذو حذو الله كما يشمل القران نوعا من قبيل القاعدة الذهبية ولا تستوي الحسنة والسيئة وادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم فالسلام في الإسلام هنا لابد أن يعلو على كل شيء بين الأطراف المتحاربة من المؤمنين كما ينبغي مع السلام مع الأعداء أيضا وان جنحوا للسلم فاجنح لها.
والشاهد بحسب حصيلة كونغ الفكرية هو انه لابد اليوم من تدريس مبادئ السلام على مستوى الفرد والجماعة للأطفال والآباء، لعلماء الدين والسياسيين لكن مع الأخذ في الاعتبار ما يلي:
*الترحيب بتزايد تقدير الذات بين المسلمين بشرط ألا يتحول هذا الشعور إلى شعور باحتكار الحق وكراهية الأجانب وهو ما يمكن أن يؤدي إلى هجوم بالقنابل والى الإرهاب.
*الترحيب بالسعي إلى التغلب على الذات الداخلية بوصفه الجهاد الأكبر بشرط ألا يقود ذلك إلى تدمير الذات لغايات سياسية وهو أمر غير مقبول في التقاليد الإسلامية حيث أن الله وحد هو من يقرر الحياة والموت.
*من الضروري اتخاذ تدابير مكثفة لمكافحة الإرهاب بشرط ألا تتخذ بدافع هستيري فتكبح الحقوق الديمقراطية الأساسية لأسرى الحرب وحتى لمواطني البلد نفسه.
ويخلص كونغ في هذه الجزئية إلى انه لا يمكن التغلب على شبكات الإرهاب بالوسائل العسكرية بل باجتثاث الظروف التي تعمل على ازدهاره كالحرمان الاجتماعي وقهر قطاعات كبيرة من السكان من خلال عزل المتطرفين عن البيئة التي تدعمهم ودعم حركات الإصلاح التي تنبذ العنف.
*الترحيب بالسعي إلى التغلب على الذات الداخلية بوصفه الجهاد الأكبر بشرط ألا يقود ذلك إلى تدمير الذات لغايات سياسية وهو أمر غير مقبول في التقاليد الإسلامية حيث أن الله وحد هو من يقرر الحياة والموت.
*من الضروري اتخاذ تدابير مكثفة لمكافحة الإرهاب بشرط ألا تتخذ بدافع هستيري فتكبح الحقوق الديمقراطية الأساسية لأسرى الحرب وحتى لمواطني البلد نفسه.
ويخلص كونغ في هذه الجزئية إلى انه لا يمكن التغلب على شبكات الإرهاب بالوسائل العسكرية بل باجتثاث الظروف التي تعمل على ازدهاره كالحرمان الاجتماعي وقهر قطاعات كبيرة من السكان من خلال عزل المتطرفين عن البيئة التي تدعمهم ودعم حركات الإصلاح التي تنبذ العنف.
كونغ عندما يتعاطى الفيلسوف السياسية
وإذا كانت السياسة هي تدبير الشؤون اليومية الحياتية للبشر فان الفيلسوف والمفكر قادر على التنظير فيما يختص بالخطوط العريضة لمشاهد الحياة السياسية وفي هذا الإطار يظهر كونغ كمنظر عادل في العديد من القضايا التي تهم العرب والمسلمين لا بل تهم العدالة الإنسانية بوجه عام فعلى سبيل المثال يتساءل كونغ هل سيظل السلام بين أتباع الديانات وهما؟ وهل من الممكن أن يكون أعظم رجل دولة في عصرنا هذا أو الحكيم الأعظم هو الذي باستطاعته أن يقيم السلام بين المسلمين والمسيحيين واليهود؟ وخاصة السلام بين العرب واليهود أو بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟
الجواب أن القتلى يتساقطون في البلقان وفي الشرق الأوسط تطلق النيران بصورة عشوائية ويومية والجميع يقف مكتوفي الأيدي في انتظار الحرب السادسة بين العرب وإسرائيل وعلى الرغم من ذلك يتساءل الكثيرون إذا كان قد أمكن تحقيق السلام بين الكاثوليك والبروتستانت بعد كل ما دار بينهم من حروب باردة ومواجهات ساخنة فلماذا لا يمكن تحقيق ذلك تدريجيا بين اليهود والمسيحيين والمسلمين؟ وإذا كان السلام قد أمكن تحققه بين الفرنسيين والألمان الأعداء الألداء فلماذا تظل إمكانية تحقيق السلام بين العرب والإسرائيليين مستبعدة؟
هنا تتجلى عدالة رؤية هانس كونغ في الجواب وهو أن السلام الذي تحقق بين الكاثوليك والبروتستانت وكذلك بين الألمان والفرنسيين تحقق عندما تخلى كل طرف ن محاولات quot; نفى الأخر quot; بينما المشروع الصهيوني قائم على نفي الوطن الفلسطيني المستقل وحرمان أهل فلسطين من حقهم الفطري والطبيعي في تقرير المصير فاستحالة السلام هنا قائمة في طبيعة المشروع الصهيوني وليس في الإسلام أو اليهود.
ومن قراءات هونغ في ضوء الحدث الجلل في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أي أحداث نيويورك وواشنطن أن العلاقات بين العرب وإسرائيل والظلم التاريخي من جانب إسرائيل قاد ولاشك للحادي عشر من سبتمبر فلو انه تم توقيع اتفاق سلام بعد حرب الأيام الستة سنة 1967 لما كان هناك بن لادن ولا هجمات نيويورك الإرهابية ومقابل ذلك ازداد الشعور في العالم الإسلامي بان الغرب يسيطر على الأراضي المقدسة ويتوسع في أفغانستان ولهذا تتكون في كل مكان من العالم الإسلامي جماعات مناهضة للغرب شباب بدون أفق يتحول إلى الإرهاب لكن يجب التساؤل أيضا لماذا اختار هؤلاء الشباب طريق الإرهاب والعلميات الانتحارية؟
ولعل كونغ كذلك من الأصوات الغربية القليلة التي نادت في صدق منقطع النظير بحتمية مساعدة القوى الإسلامية المعتدلة حال أراد الغرب أن يدعم ديمقراطية حقيقية في العالمين العربي والإسلامي وليس ديمقراطية غنائية جوفاء.
وبنفس القدر من الصدق والصراحة يقر بان حرب العراق أضرت كثرا العلاقات بي الأديان والأمم وبدلا من أن تجعل فكرة الإرهاب تحت السيطرة ساهمت في انتشاره.
وباختصار غير مخل فان رؤية اللاهوتي المستنير هانس كونغ يمكن تلخيصها في مقولته: أن كل من الأديان النبوية الثلاثة لديها قوة كافية مؤثرة من اجل المستقبل على أساس الثراء الروحاني والأخلاقي،وان كل من الأديان الثلاثة يمكن أن تسهم بشكل اكبر من خلال التفاهم والتعاون.وان أديان العالم الثلاثة جميعها سوف تقدم أسهاما لا يمكن الاستغناء عنه لعالم أكثر سلاما وأكثر عدلا.
وهذه المنظومة تختزل في القول: لن يكون هناك سلام بين الأمم بدون سلام بين الأديان ولن يكون هناك سلام بين الأديان بدون حوار جدي بين أتباع الأديان.
الجواب أن القتلى يتساقطون في البلقان وفي الشرق الأوسط تطلق النيران بصورة عشوائية ويومية والجميع يقف مكتوفي الأيدي في انتظار الحرب السادسة بين العرب وإسرائيل وعلى الرغم من ذلك يتساءل الكثيرون إذا كان قد أمكن تحقيق السلام بين الكاثوليك والبروتستانت بعد كل ما دار بينهم من حروب باردة ومواجهات ساخنة فلماذا لا يمكن تحقيق ذلك تدريجيا بين اليهود والمسيحيين والمسلمين؟ وإذا كان السلام قد أمكن تحققه بين الفرنسيين والألمان الأعداء الألداء فلماذا تظل إمكانية تحقيق السلام بين العرب والإسرائيليين مستبعدة؟
هنا تتجلى عدالة رؤية هانس كونغ في الجواب وهو أن السلام الذي تحقق بين الكاثوليك والبروتستانت وكذلك بين الألمان والفرنسيين تحقق عندما تخلى كل طرف ن محاولات quot; نفى الأخر quot; بينما المشروع الصهيوني قائم على نفي الوطن الفلسطيني المستقل وحرمان أهل فلسطين من حقهم الفطري والطبيعي في تقرير المصير فاستحالة السلام هنا قائمة في طبيعة المشروع الصهيوني وليس في الإسلام أو اليهود.
ومن قراءات هونغ في ضوء الحدث الجلل في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أي أحداث نيويورك وواشنطن أن العلاقات بين العرب وإسرائيل والظلم التاريخي من جانب إسرائيل قاد ولاشك للحادي عشر من سبتمبر فلو انه تم توقيع اتفاق سلام بعد حرب الأيام الستة سنة 1967 لما كان هناك بن لادن ولا هجمات نيويورك الإرهابية ومقابل ذلك ازداد الشعور في العالم الإسلامي بان الغرب يسيطر على الأراضي المقدسة ويتوسع في أفغانستان ولهذا تتكون في كل مكان من العالم الإسلامي جماعات مناهضة للغرب شباب بدون أفق يتحول إلى الإرهاب لكن يجب التساؤل أيضا لماذا اختار هؤلاء الشباب طريق الإرهاب والعلميات الانتحارية؟
ولعل كونغ كذلك من الأصوات الغربية القليلة التي نادت في صدق منقطع النظير بحتمية مساعدة القوى الإسلامية المعتدلة حال أراد الغرب أن يدعم ديمقراطية حقيقية في العالمين العربي والإسلامي وليس ديمقراطية غنائية جوفاء.
وبنفس القدر من الصدق والصراحة يقر بان حرب العراق أضرت كثرا العلاقات بي الأديان والأمم وبدلا من أن تجعل فكرة الإرهاب تحت السيطرة ساهمت في انتشاره.
وباختصار غير مخل فان رؤية اللاهوتي المستنير هانس كونغ يمكن تلخيصها في مقولته: أن كل من الأديان النبوية الثلاثة لديها قوة كافية مؤثرة من اجل المستقبل على أساس الثراء الروحاني والأخلاقي،وان كل من الأديان الثلاثة يمكن أن تسهم بشكل اكبر من خلال التفاهم والتعاون.وان أديان العالم الثلاثة جميعها سوف تقدم أسهاما لا يمكن الاستغناء عنه لعالم أكثر سلاما وأكثر عدلا.
وهذه المنظومة تختزل في القول: لن يكون هناك سلام بين الأمم بدون سلام بين الأديان ولن يكون هناك سلام بين الأديان بدون حوار جدي بين أتباع الأديان.
التعليقات