-1-
يا ليت شارون هو الذي خطف الإمام موسى الصدر، لعلمنا الآن أين هو، كما علمنا بمكان سمير قنطار بعد ثلاثين سنة، وأعدناه سالماً، بعد أن خسرنا من أجله أكثر من 15 مليار دولار، فكان أغلى سجين في العالم؟
قالت عجوز شيعية من الجنوب اللبناني.
-2-
يا ليت الأسود أو الضباع في الغابة، أكلت الإمام الصدر ورفيقيه، لعثرنا على آثار عظامهم، وبقية من دمهم.
قال عجوز سبعيني من الجنوب.
-3-
يا ليت قُطاع الطرق، داهموا الإمام ورفيقيه، لوجدنا على الأقل جُبَّة الإمام وقفطانه، وعرفنا أن اختُطف، وقُتل مع رفيقيه.
قال شيخ درزي طاعن بالسن.
-4-
لماذا اهتم حسن نصر الله وquot;حزب اللهquot; بالسجين سمير قنطار، وأشعل حرباً بينه وبين إسرائيل، كبّدت لبنان أكثر من 15 مليار دولار خسائر، في الطرقات، والجسور، والبيوت، والناس، ولم يهتم كل هذا الاهتمام بالإمام موسى الصدر، ويحتجز القذافي لديه، عندما كان يحضر قمة دمشق عام 2008 (اعتذر القذافي عن حضور قمة بيروت 2002 خوفاً على حياته) ، كما احتجز الجنديين الإسرائيليين، إلى أن تفرج ليبيا عن سرِّ اختفاء الصدر؟
سأل قسيس ماروني في الجبل اللبناني.
-5-
فهل كانت إسرائيل أرحم من ليبيا القذافي بالأسرى العرب؟
نعم، إسرائيل أرحم من ليبيا القذافي، ومن كثير من الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي، وعلى رأسها سوريا الأسد، التي تُخفي أعداداً من الأسرى اللبنانيين، وتمتنع عن ذكر أسمائهم، وهل هم أحياء أو أموات.
-6-
فإسرائيل الصهيونية، المغتصبة للأرض الفلسطينية، تحكمها مؤسسات دستورية، لا يستطيع فيها الحاكم الفكاك من أسئلتها واستجواباتها. وأنتم تشاهدون وتسمعون الآن (البهدلة) التي يعيش فيها رئيس وزرائهم أولمرت، لمجرد تهم في ذمته المالية.
-7-
وإسرائيل الصهيونية الغادرة، فيها رأي عام، يُنزل أكبر رأس في الدولة عن كرسيه، لمجرد مداعبته لسكرتيره، أو رشوة لا تتجاوز مائة ألف دولار.
-8-
وإسرائيل الدولة التي وُلدت سفاحاً، كما يقول العرب، هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط كله، الذي يتمتع فيها الإعلام بحرية كاملة، وتمارس فيها أحزاب المعارضة الديمقراطية كاملة.
-9-
فيا ليت الإمام موسى الصدر ورفيقيه تلقوا دعوة رسمية من مناحيم بيغن عام 1978 لزيارة تل أبيب أو الصلاة بالمسجد الأقصى في القدس، لكان مصيرهم أفضل من مصيرهم في حضن الثعلب القذافي.
فلو اختفوا في تل أبيب أو القدس، لوجدوا أعضاء كينيست يسألون عنهم، ويقتفون أثرهم.
ولوجدوا صحافة حرية، تقلب حجارة إسرائيل كلها، بحثاً عنهم.
ولوجدوا رأياً عاماً، يريد أن يعرف أين الحقيقة.
ففي إسرائيل لا توجد quot;لجان شعبيةquot; أشبه بقطعان الماشية، كما هي في ليبيا، عليها أن تسمع وتطيع فقط، ولا ترفع رأسها إلا عندما (تنتُش) حزمة البرسيم.
ولهذا، ستبقى إسرائيل، وتزول دولة القذافي، كما ستزول وكما زالت ديكتاتوريات كثيرة في التاريخ
لقد كفَّر القذافي عن ذنوبه وإرهابه مع الغرب، من حادثة quot;لوكربيquot;، وحادثة quot;إياتاquot;، وحادثة الملهي الليلي الألماني.
فلماذا لا يُكفِّر القذافي عما فعل بالإمام موسى الصدر ورفيقيه؟
ولماذا يصمت quot;حزب اللهquot;، وإيران، وسوريا، وحماس، هذا الصمت المريب، غير المبرر، وغير المغفور على اختفاء الإمام ورفيقيه في ليبيا؟
-10-
هل لو اختفى هؤلاء في أي بلد من بلدان الخليج، أو بلدان المغرب العربي ما عدا ليبيا، فسوف تضيع دماؤهم هدراً هكذا، كما ضاعت في ليبيا القذافي؟
-11-
لقد قيل: quot;ذنب الكلب أعوج ولو وُضع في مائة قالب وقالبquot;
فهل المليارات التي دفعها القذافي للغرب ثمناً لتبرئته من مغامراته الإرهابية، سوف تُحيله من ذئب أو ثعلب مفترس إلى حَمل وديع؟
-12-
رغم اختلافنا مع بعض أفكار الإمام موسى الصدر، وأفكار مرافقيه، إلا أن من واجبنا كليبراليين الدفاع عن قضية الإمام، وإثارتها على هذا النحو، بعيداً عن التعصب السياسي والمذهبي. فقد كان الإمام إنساناً نبيلاً أكثر منه شيعياً متطرفاً. وكان داعية متسامحاً أكثر منه رجل دين متعصباً. وكان يحب الحياة والبشر جميعاً دون تفريق بين أسود وأبيض، أو مؤمن وكافر، أو مسلم ومسيحي.
السلام عليكم.