-1-
نشرت إحدى وسائل الإعلام العربية حديثاً، صورةً لشاب وفتاة، يقفان على ضفاف دجلة، يتهامسان، ويتحابان في عيد الحب (فالينتاين). وهي برأيي أجمل صورة نشرت للعراق، منذ نصف قرن مضى.
فالحب في العهد الديكتاتوري، كان ممنوعاً، وما كان مسموحاً به، أو مُتغاضى عنه ndash; ربما ndash; هو الدعارة، وليس الحب.
فالدعارة جزء من أخلاقيات العهود الديكتاتورية.
فلم تنتشر الدعارة في ألمانيا وإيطاليا، كما انتشرت في العهدين النازي والفاشي. أما الحب فهو المطرود والمطارد، في العهود الديكتاتورية، لأن الحبَّ وليدُ الحرية، فحيثما هناك حب، فهناك حرية، وحيثما هناك حرية هنالك حب.
فالحب في العهد الديكتاتوري، كان ممنوعاً، وما كان مسموحاً به، أو مُتغاضى عنه ndash; ربما ndash; هو الدعارة، وليس الحب.
فالدعارة جزء من أخلاقيات العهود الديكتاتورية.
فلم تنتشر الدعارة في ألمانيا وإيطاليا، كما انتشرت في العهدين النازي والفاشي. أما الحب فهو المطرود والمطارد، في العهود الديكتاتورية، لأن الحبَّ وليدُ الحرية، فحيثما هناك حب، فهناك حرية، وحيثما هناك حرية هنالك حب.
-2-
وصورة الشاب والفتاة على ضفاف دجلة، في quot;عيد الحبquot;، التي أشرنا لها، تُثرينا بالكثير من المعاني النبيلة.
أولها، أن العراقيين قد بدأوا يقطفون فاكهة الحرية والديمقراطية اللذيذة، التي ناضلوا من أجلها، في السنوات الخمس الماضية.
وثانيها، أن العراق بدأ يعود إلى سابق عهوده المُزهرة، في القرن الثامن والتاسع الميلادي، كمنارة للحب والحرية والشعر، الذي كان العراق منبعه، منذ القرن الخامس الميلادي إلى اليوم.
فالشعر لا ينبت بغزارة، إلا في أرض الحب والحرية معاً.
وعندما كانت بغداد عاصمة الحضارة العربية، وعاصمة الشعر العربي في القرن السابع والثامن الميلادي، كانت بغداد حرة وشعبها حر. وكان أبو نواس العظيم، يسير في شوارع بغداد، يُنشد الشعر الوصفي، والإيروتيكي العظيم والخالد حتى الآن، ولا يعترضه أحد، إلا بعض رجال الدين المتشددين والمتعصبين، كما هو حال اليوم، في بعض بلدان الخليج.
وكان هارون الرشيد (كان يحج عاماً ويغزو عاماً) يتخذه نديماً. كذلك كان ابنه الخليفة الأمين، الذي كان لا يبعده عنه، ولكنه كان يسجنه، بعد إلحاح رجال الدين المتشددين واحتجاجهم عليه، حتى لا يُفسد المُلك، وما كان مُفسِدُه، بل مُخلِّدُه. ورجال الدين هؤلاء، هم الذين أفسدوا المُلك.
وصورة الشاب والفتاة على ضفاف دجلة، في quot;عيد الحبquot;، التي أشرنا لها، تُثرينا بالكثير من المعاني النبيلة.
أولها، أن العراقيين قد بدأوا يقطفون فاكهة الحرية والديمقراطية اللذيذة، التي ناضلوا من أجلها، في السنوات الخمس الماضية.
وثانيها، أن العراق بدأ يعود إلى سابق عهوده المُزهرة، في القرن الثامن والتاسع الميلادي، كمنارة للحب والحرية والشعر، الذي كان العراق منبعه، منذ القرن الخامس الميلادي إلى اليوم.
فالشعر لا ينبت بغزارة، إلا في أرض الحب والحرية معاً.
وعندما كانت بغداد عاصمة الحضارة العربية، وعاصمة الشعر العربي في القرن السابع والثامن الميلادي، كانت بغداد حرة وشعبها حر. وكان أبو نواس العظيم، يسير في شوارع بغداد، يُنشد الشعر الوصفي، والإيروتيكي العظيم والخالد حتى الآن، ولا يعترضه أحد، إلا بعض رجال الدين المتشددين والمتعصبين، كما هو حال اليوم، في بعض بلدان الخليج.
وكان هارون الرشيد (كان يحج عاماً ويغزو عاماً) يتخذه نديماً. كذلك كان ابنه الخليفة الأمين، الذي كان لا يبعده عنه، ولكنه كان يسجنه، بعد إلحاح رجال الدين المتشددين واحتجاجهم عليه، حتى لا يُفسد المُلك، وما كان مُفسِدُه، بل مُخلِّدُه. ورجال الدين هؤلاء، هم الذين أفسدوا المُلك.
-3-
الشعب العراقي من أكثر الشعوب العربية رومانسية، وعشقاً.
هم شعب quot;عيونُ المها بين الرصافة والجسر... جلبن الهوى من حيث أدرى ولا أدريquot;. كما وصفهم الشاعر ابن الجهم.
والشعر موطنه الرومانسية، وحاضنه العشق.
ولذلك، كان أكثر من خمسين بالمائة من نتاج الشعر العربي ndash; حتى يومنا هذا - يخرج من العراق، ومن إنتاج شعراء العراق.
ولكن الشعر في العراق، كاد أن يموت خلال عواصف الإرهاب، التي عصفت بالعراق في العهد الديكتاتوري، وفي أعوام 2004-2007 ، وهي أعوام الرمادة في العراق، التي قضت على كل ما هو أخضر ومُزهر، في وادي الرافدين.. العراق. وحرقت أشجار النخيل.. حيث المليون نخلة في العراق.
ففر من العراق مئات الشعراء إلى الشتات في كل مكان من العالم، وعاشوا في الشتات، ومات معظمهم في الشتات، ودُفن فيه، وكان آخرهم نازك الملائكة.
وعندما كانت عواصف الإرهاب تجتاح العراق، كان يتمُّ جلد الرجال الذين يشاهَدون مع فتيات، قبل الزواج .
أما الآن، فإن الشباب يقضون مع صديقاتهم quot;عيد الحبquot;، على ضفاف دجلة والفرات وبين النخيل، الذي بدأ يخضرُّ من جديد في العراق.
الشعب العراقي من أكثر الشعوب العربية رومانسية، وعشقاً.
هم شعب quot;عيونُ المها بين الرصافة والجسر... جلبن الهوى من حيث أدرى ولا أدريquot;. كما وصفهم الشاعر ابن الجهم.
والشعر موطنه الرومانسية، وحاضنه العشق.
ولذلك، كان أكثر من خمسين بالمائة من نتاج الشعر العربي ndash; حتى يومنا هذا - يخرج من العراق، ومن إنتاج شعراء العراق.
ولكن الشعر في العراق، كاد أن يموت خلال عواصف الإرهاب، التي عصفت بالعراق في العهد الديكتاتوري، وفي أعوام 2004-2007 ، وهي أعوام الرمادة في العراق، التي قضت على كل ما هو أخضر ومُزهر، في وادي الرافدين.. العراق. وحرقت أشجار النخيل.. حيث المليون نخلة في العراق.
ففر من العراق مئات الشعراء إلى الشتات في كل مكان من العالم، وعاشوا في الشتات، ومات معظمهم في الشتات، ودُفن فيه، وكان آخرهم نازك الملائكة.
وعندما كانت عواصف الإرهاب تجتاح العراق، كان يتمُّ جلد الرجال الذين يشاهَدون مع فتيات، قبل الزواج .
أما الآن، فإن الشباب يقضون مع صديقاتهم quot;عيد الحبquot;، على ضفاف دجلة والفرات وبين النخيل، الذي بدأ يخضرُّ من جديد في العراق.
-4-
ونقلت وكالات الأنباء من العراق، أخباراً في quot;عيد الحبquot; من هذا العام، تقول: انتشرت الرومانسية في أجواء بغداد، بينما يحتفل العراقيون الذين أرهقتهم الحرب بـ quot;عيد الحبquot; بعد التراجع الحاد في أعمال العنف والإرهاب. وهو ما سمح للأحباء بأن يسيروا متشابكي الأيدي في الحدائق، وان يتسوّقوا لشراء الهدايا، من أجل أحبائهم.
ولعل تزايد إظهار مشاعر المودة علانيةً، وارتداء الملابس الجريئة من جانب النساء، بعد سنوات من الإرهاب الديني والأخلاقي الطالباني المتزمت والعنيف، قد يكون إشارة على أن الإرهاب والتيار الطالباني، الذي اقترن بانزلاق العراق نحو أعمال العنف الطائفية، بدأ يفقدان قبضتهما.
ولعل تزايد إظهار مشاعر المودة علانيةً، وارتداء الملابس الجريئة من جانب النساء، بعد سنوات من الإرهاب الديني والأخلاقي الطالباني المتزمت والعنيف، قد يكون إشارة على أن الإرهاب والتيار الطالباني، الذي اقترن بانزلاق العراق نحو أعمال العنف الطائفية، بدأ يفقدان قبضتهما.
-5-
العراق يعود هذه الأيام إلى حقيقته، وطبيعته الأولى.. جنةً للحب، والعشق، والشعر، والإبداع. وسينهض، وسيعود الشعراء العراقيون كالجواهري، ومحمد بحر العلوم، والشبيبي، والكاظمي، والرصافي، والزهاوي، والنجفي، والبصير، والسيّاب، والبياتي، والحيدري، والملائكة (الرباعي الذهبي للشعر الحديث) والسماوي، وصلاح نيازي، وعبد القادر الجنابي، وسعدي يوسف، وغيرهم، إلى نشيد الحب من جديد، في الأيام المقبلة..
العراق يعود هذه الأيام إلى حقيقته، وطبيعته الأولى.. جنةً للحب، والعشق، والشعر، والإبداع. وسينهض، وسيعود الشعراء العراقيون كالجواهري، ومحمد بحر العلوم، والشبيبي، والكاظمي، والرصافي، والزهاوي، والنجفي، والبصير، والسيّاب، والبياتي، والحيدري، والملائكة (الرباعي الذهبي للشعر الحديث) والسماوي، وصلاح نيازي، وعبد القادر الجنابي، وسعدي يوسف، وغيرهم، إلى نشيد الحب من جديد، في الأيام المقبلة..
فالشعراء لا يموتون.
ولا موت في الغربة، ولا تشرّد في الشتات، بعد اليوم، لشعراء العراق العظام.
فقد دبَّت روح الحرية الآن في العراق، وبدأت عصافير الربيع، تُعلن قدوم الفصل الجديد.. فصل الحرية والديمقراطية الممتد، بلا نهاية في وادي الرافدين.
وعادت الابتسامة لشناشيل (بناء علوي من الخشب له واجهات مزخرفة) ابنة الجلبي، كما وصفها السيّاب.. وبدأت البصرة (أم الشناشيل) تعود إلى سحرها، ومجدها القديم.
وبدأ أبو نواس والمتنبي، يتجولان في شارعهما ببغداد، وينشدان الأشعار.. على المقاهي الممتلئة بالروّاد، ورائحة الشاي المُعطَّر بالهيل، تملأ الأجواء..
وعادت بغداد الحب إلى محبيها، بعد غياب طويل، وميلاد جديد.
ولا موت في الغربة، ولا تشرّد في الشتات، بعد اليوم، لشعراء العراق العظام.
فقد دبَّت روح الحرية الآن في العراق، وبدأت عصافير الربيع، تُعلن قدوم الفصل الجديد.. فصل الحرية والديمقراطية الممتد، بلا نهاية في وادي الرافدين.
وعادت الابتسامة لشناشيل (بناء علوي من الخشب له واجهات مزخرفة) ابنة الجلبي، كما وصفها السيّاب.. وبدأت البصرة (أم الشناشيل) تعود إلى سحرها، ومجدها القديم.
وبدأ أبو نواس والمتنبي، يتجولان في شارعهما ببغداد، وينشدان الأشعار.. على المقاهي الممتلئة بالروّاد، ورائحة الشاي المُعطَّر بالهيل، تملأ الأجواء..
وعادت بغداد الحب إلى محبيها، بعد غياب طويل، وميلاد جديد.
السلام عليكم.
التعليقات