-1-
كان النبي والملك سليمان بن داوود عليه السلام، يحتل مكانة عظيمة في التاريخ الديني. فهو أول وآخر من كان نبياً وملكاً في الوقت ذاته، مكلفاً، ومتوّجاً من السماء.
فكانت له الدالين: دال الدنيا، ودال الدين. وكان سليمان النبي والملك، محباً للمال والسلطان كذلك.
كذلك يريد أن يكون خالد مشعل، أو الملك سليمان الحمساوي.
فهو يريد الدالين معاً: دال المقاومة، ودال الزعامة السياسية.
أي أن يصبح جيفارا المقاوم، وكاسترو السياسي، في آن واحد. وهو ما لا يوجد في القاموس السياسي. فإما أن تكون مقاوماً، وإما أن تكون سياسياً مفاوضاً. ولكن الملك سليمان الحمساوي، يريد أن يكون زعيماً للمقاومة وزعيماً سياسياً في المفاوضات السياسية كذلك. وهو لم يأخذ بأركان المقاومة وضروراتها، من حيث مصادر السلاح والمال والدعم السياسي، كما كان عليه حال الفيتكونج في حرب فيتنام، الذين كان يأتيهم الدعم المالي واللوجستي والسياسي من دولتين كبريين هما: الاتحاد السوفيتي، والصين.
كذلك، يريد الملك سليمان الحمساوي، الزعامة السياسية في المفاوضات، كما سبق وقال للأديب الفرنسي مارك هالتر: quot;أن عباس لا يصلح للقيادة ولا للمفاوضات، ونحن مستعدون للتفاوض مع إسرائيل بدلاً من عباسquot;، كما ذكرنا في مقالنا (خواطر شيطانية في اللعبة الحمساوية، إيلاف، 10/1/2009) أي أن يكون هو صاحب العرش الفلسطيني، كما قال كذلك في quot;خطبة النصرquot; من دمشق بالأمس. ولكن الملك سليمان الحمساوي، لا يملك مفاتيح هذه الزعامة السياسية التفاوضية، حيث أنه لا يعترف بالطرف الآخر المفاوض، وهو إسرائيل. ويريد من إسرائيل العالم أن تعترف به، دون أن يعترف بإسرائيل فلسطين.
فكيف تستقيم الأمور للملك سليمان الحمساوي؟
-2-
البارحة، وقبل أن تجفَّ دماء الفلسطينيين في غزة، وقف خالد مشعل في دمشق، في حديث مُتلفز، وطلب من المانحين لمليارات الدولارات لإعادة إعمار غزة من عرب ومن عجم، أن يضعوها في البنك الحمساوي الشريف النظيف، وليس في البنك الفتحاوي المفلس والقذر.
كما شرح لنا الملك سليمان الحمساوي طبيعة مملكته وسلطانه الجديد، بقوله للعرب والعجم:
-أعتقد أنه آن الأوان للاعتراف بنا.. فتكفي ثلاث سنوات لمحاولة إقصاء quot;حماسquot;، وقد آن لكم أن تتعاملوا مع quot;حماسquot;.
وقال المفسرون لآيات مشعل، أن الملك الحمساوي، كان يعني بأن الأوان قد آن، أن الحرب التي انتصر فيها على إسرائيل، قد انتهت بالنصر وباحتفالات quot;غزة حماسquot; بهذا النصر المبين. وقال مفسرون آخرون، أن الملك الحمساوي كذلك، كان يقصد بآن الأوان، أن فترة ولاية محمود عباس، قد انتهت في 9 يناير الحالي، وأنه هو الملك الوريث الآن لعرش عرفات. وأضاف المفسرون لآيات مشعل، أن حرب غزة، لم تكن لتشتعل من قبل quot;حماسquot; إلا من أجل نزع اعتراف عالمي بشرعية quot;حماسquot;، وبأنها القوة الوحيدة على أرض فلسطين الآن. وأن حماس قد كانت سبباً في تدمير غزة على هذا النحو المفجع مقابل أن يعترف بها العالم رغم أنها لا تعترف به. فبينما كان الفتحاويون يجولون في العالم العربي، طالبين البركة والعون والدعاء الصالح، كان الحمساويون يذيقون إسرائيل كؤوس المر والخوف والرعب والهزيمة.
ومن هنا يتضح لنا، أن الملك سليمان الحمساوي، يريد من العالم أن يعترف به وبمملكته، دون أن يعترف هو بهذا العالم. ومفتاح هذا الاعتراف، هو الاعتراف بإسرائيل، وهو المفتاح (الماستر) لكل غرف العالم، فهذا هو النظام العالمي ndash; شئنا أم أبينا - ولكن الملك سليمان الحمساوي، لا يريد أن يفهم ذلك.
-3-
وفي خطاب النصر بالأمس أعلن خالد مشعل من دمشق:
quot;إن حماس التي أرادوا إنهاءها، تعززت، ودخلت كل بيت. وحرب غزة هي أول حرب ينتصر فيها الشعب الفلسطيني على أرضه. وهي نقطة تحول في الصراع مع العدو الصهيوني تؤسس لإستراتيجية جادة وفاعلة للتحرير، تبدأ من فلسطين، وتمتد بدعم الأمة في كل مكانquot;.
وكما أعلن الملك الحمساوي قبل أسابيع، عن قيام الانتفاضة الثالثة، فلا رأينا ثالثة، ولا رابعة، فقد أعلن بالأمس أن quot;حماسquot;، قد أسست لإستراتيجية جادة وفاعلة للتحرير. ولو صدقنا هذا الكلام العابث والطفولي جداً، لتساءلنا:
- إذن، لماذا يريد الملك الحمساوي، الاعتراف به من قبل العالم المغلقة أبوابه في وجه quot;حماسquot;، ولفتحها عليه استعمال المفتاح (الماستر)، وهو الاعتراف بإسرائيل كما قلنا قبل قليل، ما دام قد أخذ بطريق التحرير، كإستراتيجية فاعلة وجادة؟
-4-
وأخيراً، وكما قامت بلقيس ملكة سبأ، بإرسال هداياها من الحلي والمجوهرات الثمينة للملك سليمان، كما تقول الأسطورة الدينية، فقد قام كذلك وفد من ميليشيا quot;رجال الطريقة النقشبنديةquot; الإرهابية في العراق، حسب ما أعلن تلفزيون quot;الرأيquot; من دمشق، في 4/1/2009 ، وبحضور مالك هذا التلفزيون مشعان الجبوري، العراقي الهارب والمطلوب في العراق، والمقيم إلى سوريا. وقدم وفد quot;الطريقة النقشبنديةquot; الإرهابية إلى الملك سليمان الحمساوي، مجموعة كبيرة من الحُلي والمجوهرات، تبرعات من نساء quot;الطريقة النقشبنديةquot;، فتقبّلها الملك سليمان الحمساوي، كما تقبّل هدايا بلقيس الملك سليمان بن داوود، قبل ثلاثين قرناً.
السلام عليكم.