-1-
قليلة هي الأخبار السارة في العالم العربي.
فالعالم العربي أصبح كمقبرة من المقابر الشعبية في الأرياف، لا تسمع فيها غير البكاء، والنواح، وشق الجيوب، وطلب الرحمة والعون من السماء.
فمن أين يأتي السرور إلى عالم يسير نحو الهاوية، كما أشارت أرقام وحقائق تقرير الأمم المتحدة الصادر في بيروت 21/7/2009 لعام 2009، والذي يقرع ناقوس الخطر كما سبق أن قرعه منذ عام 2002 في تقريره الأول، وحتى الآن.
ولكن لا حياةَ لمن تُنادي
وما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ
فالوقَرُ و quot;الطرَشquot; من حِكَم العرب الثمينة هذه الأيام. وقد اختار العالم العربي أن يضع في الأُذن اليُمنى طيناً وفي الأُذن اليُسرى عجيناً، حتى لا يسمع هذه الأرقام المخزية، التي تعني اندفاع العالم العربي بخطوات متسارعة نحو الهاوية.


-2-
لا أحد يُنكر، أن مشكلة العالم العربي ومتاعبه المختلفة تكمن بالدرجة الأولى في التعليم، ومناهجه، ومدارسه، وطرق تدريسه. وقد سبق لـ quot;مؤسسة الفكر العربيquot; ومؤسسات فكرية وثقافية أخرى، أن أقامت الملتقيات والمنتديات الخاصة بالتعليم، وضرورة مراجعته، وإصلاحه، وتوجيهه وجهة علمية خالصة، لأن العالم اليوم هو عالم العلم ومنجزاته، وليس شيئاً آخر.


-3-
وتقارير التنمية البشرية العربية، التي بدأت تصدرها الأمم المتحدة منذ 2002 إلى اليوم، لم تخلُ قط من تنبيه الأنظمة العربية إلى ضرورة إصلاح التعليم والاهتمام به اهتماماً جدياً، لأن التعليم أساس الداء، وفيه كل الدواء لعالم عربي متخلف، تبلغ فيه نسبة الأمية 50%-60% وهي من أعلى النسب في العالم. كما تبلغ فيه نسبة البطالة 15%-25% ويوجد على خط الفقر (2 دولار يومياً) أكثر من 60 مليون فقير عربي. والعالم العربي لا يُنتج من البحوث العلمية إلا النزر اليسير. وتقول بعض التقارير المتخصصة، أن العالم العربي بمجموعه لا ينتج من البحوث العلمية غير 72% مما تنتجه إسرائيل وحدها، حيث لم يتعدَ الإنفاق على البحوث العلمية في العالم العربي أكثر من نصف بالمائة من الإنفاق العام، في حين تنفق إسرائيل خمسة أضعاف ما ينفقه العالم العربي بأجمعه؛ أي 2.6% من أنتاجها القومي على البحث العلمي. وتموّل الحكومات العربية 80% من هذا الأنفاق، بينما يتم تمويل النسبة الكبيرة من الإنفاق على البحث العلمي في الدول المتقدمة من قبل القطاع الخاص. ففي اليابان يُموّل القطاع الخاص البحوث العلمية بـ 70% وفي إسرائيل وأمريكا بـ 52%.


-4-
إذن التعليم، والعلم، والتعليم العلمي الحديث، هي الطرق السالكة إلى التقدم والتحضر. ولقد سررت عندما علمت بأن الدكتور الصديق علي بن موسى الأمين العام المساعد السابق لـ quot;مؤسسة الفكر العربيquot;، قد قام بتأسيس منظمة لرعاية وتطوير التعليم العربي. وهذه المنظمة الذاتية هي الأولى ndash; على حد علمي ndash; في العالم العربي. وقد أخذت بوسائل النشر الحديثة. فأقامت لها موقعاً على الانترنت تحت عنوان:
ALTAALIM.ORG
تنشرُ فيه كل ما يهمّ المواطن والمتلقي العربي من أمور التعليم. كما أنشأت لها مجلة اليكترونية خاصة بالتعليم تنشر فيه الأخبار والبحوث والمقالات الخاصة بالتعليم. وهذه الجهود جهود شخصية ذاتية، تتطلب أن يبادر رجال الأعمال والقطاع الخاص إلى دعمها دعماً مادياً مجزياً، كما تفعل في الدول المتحضرة. فدعم مثل هذه المنظمة الحضارية، سوف ترتد نتائجه الإيجابية على رجال الأعمال العرب، الذين سيلقون غداً كفاءات من الخريجين هم في أشد الحاجة لها لتنمية أعمالها وزيادة معدلات نجاحهم.
إن العطار(التعليم) قادر كل القدرة، على إصلاح ما أفسده الدهر العربي.
السلام عليكم.