لو أن "الآباء" الإسرائيليين يقرأون حقائق الأمور جيداًّ لما أقاموا إحتفالات بالذكرى الخامسة والسبعين لقيام دولتهم فهذه الدولة قد أصبحت بحكم الزائلة وحقيقة أنه عندما يقول اسحق هرتسوغ، رئيسهم، أن صافرات الأنذار هذه هي أكثر إيلاما اليوم من أي وقت مضى فإنه ربما قد بات يدرك حقائق الأمور وكما هي.

ولذلك عندما يقول هرتسوغ في إحتفال رسمي في القدس الشريف أنّ صافرات الأنذار في هذا العام هي أكثر إيلاماً من أي وقت مما يعني وهذا بالتأكيد قد فهمه غالبية الإسرائيليين بأن لحظة الرحيل قد أزفت وإنّ عليهم أن يبدأوا بتحزيم أقنعتهم فهذه البلاد ليست بلادهم ويقيناً أنهم قد جاءوا كمستعمرين والمعروف أنّ أي مستعمر لا بد من أن يحرص على أن يُبقى أمتعته "محزمة" إستعداداً للحظة الرحيل والمغادرة في أي لحظة.

وحقيقة أنه كان على هيرتسوغ أن يقول أن لحظة الرحيل قد أزفت وأنه لم يعد يربطنا في هذه البلاد إلا مقابرنا التي ليس من المستبعد أن نضطر إلى حملها معنا.. والواضح أنه كان يريد أن يقول أن هذه البلاد ليست بلادنا.

ولهذا فإن أغلب الظن لا بل المؤكد أنه عندما يطلب من "المرعوبين" بعدم حضور مراسم أثنين وخمسين مقبرة فإن هذا يعني أنه قد أصبح الرحيل جاهزاً لدى الإسرائيليين وذلك مع أن قادة أصحاب هذه البلاد، فلسطين، قد أبلغتهم على أنه بإمكان كل من يريد البقاء أن يبقى.. وهذا أساس أنّ كل من لا يريدون البقاء لا يشعرون أنّ هذه البلاد هي بلادهم.

وحقيقة إن إسرائيل كحركة صهيونية لم تعد موجودة في فلسطين وأنّ اليهود قد بدأوا يستعدون للتعايش مع الشعب الفلسطيني وحيث أنّ أصحاب القرار في القيادة الفلسطينية قد باتوا على قناعة تامة بأنه بإمكان اليهود غير الصهاينة أنْ يبقوا في فلسطين.. كمواطنين فلسطينيين ولهم كل الحقوق التي يتمتع بها الشعب الفلسطيني.

يجب ان يفهم كل الصهاينة المتطرفين ان احتلالهم زائل لا محالة كما زالت كل الاحتلالات في التاريخ، اما اليهود غير الصهاينة في فلسطين فابمكانهم التعايش مع الشعب الفلسطيني في الارض الفلسطينية والدولة الفلسطينية.