في حين ينزح نحو مليوني فلسطيني إلى جنوب قطاع غزة ويتوارى القصف العنيف وتستمر الاشتباكات وينشغل العالم بحرب إسرائيل المدمرة في غزة، وفي حين ينزح مئات آلاف الإسرائيليين من الشمال ومن جوار غزة الى الجنوب البعيد، وفي حين يستمر حزب الله بإشغال نحو ثلث الجيش الإسرائيلي في الشمال، ويعلن الحوثي حصاراً بحرياً على إسرائيل، يدير بنيامين نتانياهو رئيس حكومة اسرائيل الحالي حملة انتخابية بامتياز للبقاء على كرسيه ضارباً عرض الحائط كل الدعوات لمحاسبة النفس واستخلاص العبر من هجوم حماس في السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
بنيامين نتانياهو، يواجه منذ اندلاع الحرب تراجعاً حاداً في شعبيته بحسب نتائج الاستطلاعات الأسبوعية التي تظهر انخفاضاً مستمراً في شعبيته وشعبية حزبه الليكود. حتى بعد مبادلة الأسرى الفلسطينيين بمحتجزين مدنيين، بقيت شعبية رئيس الحكومة الإسرائيلية كما هي منخفضة بينما تزداد بشكل كبير شعبية بيني غانتس، غريمه من جهة وشريكه في حكومة الحرب من ناحية اخرى.
بنيامين نتانياهو خرج هذه الايام رافضاً حل الدولتين، متنصلاً من اتفاق أوسلو، يروج لحرب في الضفة الغربية متهما قيادة منظمة التحرير وحركة فتح انها تريد القضاء على اسرائيل بمراحل وليس كما حماس مرة واحدة على حد تعبيره.
حرب غزة تدخل شهرها الثالث ولا حسم في الافق ولا من ينتصرون، فحماس أغرقت غزة بدماء الفلسطينيين فوق الأرض وإسرائيل أشبعتها قذائف وصواريخ وقصف وتدمير فوق الأرض وتحتها وتسعى لضخ مياه البحر لأنفاقها وإغراق من فيها من مسلحي حماس ومحتجزين وأسرى وجثث وعتاد وأموال قطرية بتصريح إسرائيلي.
بنيامين نتانياهو يشكر إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على دعمها اللامحدود سياسياً وعسكرياً لكنه يرفض دعوات البيت الأبيض لاعتماد حل بعد الحرب والبحث عن شريك فلسطيني يكون قادراً على تحمل أعباء الضفة الغربية وقطاع غزة والتعاون لإعادة إعمار غزة مع دول الخليج بعد تدميرها الممنهج.
الإدارة الأميركية وعلى لسان كبيرها عبرت عن يأسها من بنيامين نتانياهو وحكومته وطالبته بإجراء التغييرات والتعديلات، فما كان منه إلا أن زاد حدة التصريحات ضد فتح وحماس ومشروع حل الدولتين الذي تتبناه كل الدول العربية والإسلامية، ويبدو من خلال ما يرشح عن خلافات داخل حزب الليكود وعن خلافات داخل بيت نتانياهو العائلي أنه يسعى للبقاء في منصبه بكل ثمن وإلا فانه سيغرق في أنفاق غزة مع كل الأعداء وجميع الحلفاء.
التعليقات