مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية ومجلس الخبراء (المعروف باسم "مجلس الشورى الإسلامي" في قوانين النظام الإيراني) في آذار (مارس) 2024، تتكشف الثغرات العميقة في واجهة الديمقراطية والانتخابات الحرة. تشير التقارير إلى أنَّ هذه الانتخابات ستكون واحدة من أكثر الانتخابات تميزًا في تاريخ نظام ولاية الفقيه، حيث تُؤكد على التناقض الأساسي بين مبادئ الانتخابات الديمقراطية والهيمنة الاستبدادية المتزايدة على السلطة.

تاريخ الانتخابات في إيران:
منذ الثورة الإيرانية عام 1979، التي أطاحت بالنظام الملكي في إيران، وتأسيس النظام الجديد تحت عنوان "الجمهورية الإسلامية" من قبل الخميني، كانت الانتخابات تُستخدم كأداة لإضفاء الشرعية على النظام الديني الحاكم بدلاً من نقل السلطة إلى الشعب الإيراني.

الاختلافات بين الفصائل:
ازدادت الخلافات بين التيار المعروف باسم "الإصلاحيين" والتيار المتطرف المعروف باسم "الأصوليين" الخاضع لسيطرة علي خامنئي، الولي الفقيه للنظام. أدت نتائج فحص صلاحية المرشحين الأخيرة إلى خيبة أمل المعتدلين الذين يسعون للحصول على حصة من السلطة، وتشير جميع الدلائل إلى أن الأصوليين الخاضعين لسيطرة خامنئي سيسيطرون على مجلس الخبراء والبرلمان المقبل. وتكمن أهمية مجلس الخبراء الجديد في أنَّ الموضوع الرئيسي الذي سيناقشونه في جلساتهم هو اختيار خليفة علي خامنئي كـ "قائد" و"ولي فقيه" المستقبلي. لهذا السبب، يتم فحص مرشحي مجلس خبراء بدقة للتأكد من ولائهم لخامنئي.

نوايا خامنئي:
في هذا الصدد، صرح أحد محللي النظام، مهدي نصيري، الذي شغل منصب رئيس تحرير ومدير مسؤول صحيفة كيهان، إحدى أهم الصحف الحكومية، من 1988 إلى 1994، مؤخرًا أنَّ خامنئي يسعى من خلال مجلس الخبراء الموالي له إلى انتخاب ابنه مجتبى خامنئي كـ"الولي الفقيه" المستقبلي. لكنَّ المجتمع لا يقبل مجتبى ولن يتحمله.

التلاعب بالانتخابات:
بالإضافة إلى ذلك، وبحسب تجربة 44 عامًا الماضية، يتم التلاعب بصناديق الاقتراع بشكل منهجي ومخطط له لخدمة المتطرفين والقضاء على المعارضين.

غياب المنافسة العادلة:
يشير المراقبون الدوليون الذين يهتمون بالقضايا الإيرانية إلى غياب المنافسة العادلة أو عدم عرض منظور سياسي متنوع لإيران. في الانتخابات القادمة، يمثل المرشحون المعتمدون والمتطرفون 20 بالمئة فقط من المجتمع، مما أثار تساؤلات جدية حول شرعية وشمولية هذه الانتخابات.

الرد على الاحتجاجات والقمع الاجتماعي وخلق الرعب في المجتمع:
يُضاف إلى ذلك المشكلات والأزمات الاقتصادية مثل التضخم والبطالة، مما أدى إلى استياء عام من الوضع الحالي. لهذا السبب، يرد مسؤولو النظام على الاضطرابات الاجتماعية بزيادة القمع بدلاً من الانفتاح السياسي.

تجدر الإشارة إلى أن مجلس صيانة الدستور المكون من 12 شخصًا برئاسة الملا أحمد جنتي المتطرف البالغ من العمر 97 عامًا منع 99 بالمئة من المرشحين الإصلاحيين من المشاركة في الانتخابات الرئاسية لعام 2021. تم اتخاذ هذا الإجراء القمعي بناءً على إشارة من خامنئي، الذي حدد مسبقًا في خطابات مختلفة مرشحه المفضل، إبراهيم رئيسي، باستخدام الكلمة الرئيسية "رئيس جمهورية شاب وكفوء". يرى الخبراء أنَّ مثل هذه القمع العلني يدل على الحفاظ على السلطة بأي ثمن من خلال العمليات غير الديمقراطية.


مؤتمر في برلمان المملكة المتحدة في 31 كانون الثاني (يناير) 2024

يُعد القمع الاجتماعي وخلق الرعب في المجتمع من خلال الإعدامات المستمرة مؤشرًا آخر على ذلك. لقد أعدم النظام القمعي لولاية الفقيه 864 شخصًا في العام الميلادي الماضي. في كانون الثاني (يناير) من هذا العام، أعدم النظام 83 شخصًا. تم قطع أصابع يد 3 أشخاص على الأقل بوحشية بتهمة السرقة، وتم تأكيد إخراج العين اليسرى لشخص آخر تحت عنوان "القصاص" من قبل المحكمة العليا للنظام.

النظام الإيراني صاحب الرقم القياسي في انتهاكات حقوق الإنسان:
يُعد النظام الإيراني صاحب الرقم القياسي في انتهاكات حقوق الإنسان، ولا سيما الإعدام، وقد تم إدانته حتى الآن 70 مرة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان. كما أدانت العديد من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان هذا النظام بشدة بسبب القمع الوحشي والإعدامات خارج نطاق القضاء. ولابد من الإشارة أن المقاومة الإيرانية دأبت على المطالبة بإحالة ملف انتهاكات حقوق الإنسان للنظام الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي. ولازالت تصر عليه.

فشل النظام في إظهار الديمقراطية وفتوى خامنئي:
بالإضافة إلى النقاط المذكورة أعلاه، لجأ خامنئي إلى حيلة دينية لتسخين مسرحية الانتخابات، وأعلن بشكل هستيري، من خلال إصدار حكم حكومي أو فتوى دينية، أنَّ المشاركة في الانتخابات هي "واجب عام" و"واجب ديني". كل هذه العوامل تشير إلى عدم شرعية الانتخابات في إيران مع زيادة القمع الذي لا يزال مستمراً.


مريم رجوي تتحدث إلى مؤتمر عقد في برلمان المملكة المتحدة في 31 كانون الثاني (يناير) 2024

على مدار العقود الأربعة الماضية، أبرزت جهود نظام ولاية الفقيه لإظهار الديمقراطية من خلال الانتخابات المزيفة والمُهندسة، المزيد من التشکيك في الشرعية والديمقراطية أكثر من أي وقت مضى، وزادت من المطالب الاحتجاجية من قبل الشعب الايراني لتغيير النظام بصورة جذرية.

حل ديمقراطي:
في المقابل، يوجد حل يعتمد على الرأي العام وأسس الديمقراطية. في يوم الأربعاء 31 كانون الثاني (يناير) 2024، عقد مؤتمر في برلمان إنجلترا حضره أعضاء عن مجلسي العموم واللوردات من الأحزاب الرئيسية في إنجلترا حول الدور المدمر لنظام الملالي في المنطقة والحلول لمواجهته، وألقت السيدة مريم رجوي، التي كانت على اتصال بالمؤتمر عبر الإنترنت، كلمة أمام النواب في المؤتمر، قائلةً:

"لقد جئت لأقول إن هناك استراتيجية صحيحة. الاستراتيجية الصحيحة هي الإطاحة بالنظام الإيراني على يد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية.

الهدف هو إقامة جمهورية تعددية وديمقراطية، حيث يكون هناك فصل بين الدين والدولة، ويكون الملتزم بحقوق الإنسان والقانون الدولي والاتفاقيات الدولية".

إن عزم الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية وإرادة الشباب والنساء والمنتفضين على تحقيق الثورة الديمقراطية الإيرانية سيتجسد بالتأكيد.

الشعب الإيراني يستحق حكومة شعبية مبنية على مبادئ الديمقراطية الراسخة والانتخابات الحرة.