معادلة لا وجود لها إلا في كوكب القارة العجوز (على حد معرفتي)، كيف تكون مديراً وتعلن أنك سوف ترحل نهاية العام، وعلى الرغم من ذلك تظل متوهجاً متألقاً، والأهم تظل مسيطراً متحكماً، وتنال كافة أشكال الاحترام، وكأنك مستمر للأبد.
توهج ما بعد الاستقالة
فعلها يورغن كلوب المدير الفني لفريق ليفربول، حينما أعلن وبلا مقدمات في كانون الثاني (يناير) الماضي، أنَّه سوف يرحل في نهاية الموسم الحالي، أي في صيف 2024، والمذهل في الأمر (بمقاييس ثقافتنا) أنه أغلق الملف، ويحقق الانتصارات، ويسير في طريقه بخطى واثقة لتحقيق لقب الدروي الإنكليزي للموسم الحالي، أي أنه ربما يكون أكثر توهجاً مما لو كان مستمراً.
ليس كلوب بمفرده
لم يفعلها كلوب بمفرده، بل سبقه تشافي هيرنانديز المدير الفني للبارسا، فتحرر من الضغوط، وارتقى أداء البارسا، وكذلك سار على خطاهما توماس توخيل المدير الفني لبايرن ميونيخ، ويظل السؤال.. كيف يفعلون ذلك؟ وكيف يستمرون أشهراً عدة في مناصبهم ويحظون بكل الاحترام والثقة من الجماهير وإدارات الأندية، واللاعبين؟
احتراف بلا عاطفة
إنه العقل الاحترافي الذي يحيل كل شيء للأسس والقواعد والورق المكتوب والاتفاقات المبرمة والعقود، فلا مجال للعاطفة، ولا مجال للاعب يتقاعس بحجة أن المدير الفني سوف يرحل نهاية الموسم، ولا مجال لإدارة تحيل حياة هذا المدرب إلى جحيم، وتبدأ في الضغط عليه بالبحث عن بديل له، وسط صخب إعلامي مثلاً.
مديرك يستقيل
هل يمكننا توسيع الدائرة قليلاً بعيداً عن المستطيل الأخضر؟ هل يمكنك أن تتخيل مديرك في العمل الذي قرَّر الرحيل عن المكان، ويستمر على رأس علمه حتى نهاية العام، وربما أكثر من عام وهو في قمة الثقة والأداء الجيد؟ هل يمكنك أن تتخيله وهو يعطي للمكان وكأنه مستمر للأبد؟
فعلها ويفعلها كلوب مع ليفربول، استقال وسوف يرحل نهاية الموسم، وبالرغم من ذلك مستمر في البناء، ويعطي وجوهاً شابة فرصة للمشاركة، وكأنه يريد أن يقول لمن سيتولى منصبه الموسم المقبل "لقد قمت بالبناء من أجل تسهيل مهتمك، ومن أجل النادي الذي عملته له اليوم، وغداً سوف تعمل أنت له".
من أيّ كوكب؟
أعزائي كلوب وتشافي وتوخيل.. من أنتم؟ وفي أي كوكب تعيشون؟ وبأي عقلية تفكرون؟ وهل حقاً ما تفعلونه لا يستحق كل هذه الدهشة التي أكتب بها هذه السطور؟ نعم.. قد يكون سبب دهشتي هو طبيعة "ثقافتي" وعقلية "مجتمعي".
التعليقات