الأرجنتين.. ما هي صورتها الذهنية التي تسيطر عليك؟ بالنسبة لي هي "العثرات الاقتصادية"، هي البلد اللاتيني الذي قام على الهجرة الأوروبية أكثر من أي بلد لاتيني آخر، هي البلد المنتج لأجود اللحوم في العالم، وقبل كل ذلك هي مارادونا، وباتيستوتا، وريكيلمي، وفيرون، وتيفيز، وميسي، وقائمة لا نهاية لها من صناع المتعة الكروية.
الأرجنتين هي كرة القدم بقلبها اللاتيني وعقلها الأوروبي، الأرجنتين هي كرة القدم الأكثر توازنا مقارنة مع جنون المهارة البرازيلية، وملل العقل الأوروبي، نعم هي كذلك كما أراها، كرة القدم هي الأرجنتين، والأرجنتين هي كرة القدم (التي أعرفها).
الأرجنتين هي "العنصرية"
ولكن حينما تتوجه بهذا السؤال لمواطن لاتيني.. "ما هي الصورة الذهنية للأرجنتين؟" فسوف يقول لك هي "العنصرية"، هي المجتمع الذي حرص على أن يقول نحن "الأمة البيضاء" طوال تاريخنا.
يقول المؤرخ وأستاذ التاريخ في جامعة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا، جورج ريد أندروز مؤلف كتاب "أميركا الأفرو - لاتينية"في مقابلة مع موقع الحرة إنه من النادر رؤية لاعبين من أصحاب البشرة السمراء في منتخب الأرجنتين، لأن 0.4 % فقط من سكان البلاد عرفوا أنفسهم بأنهم ينحدرون من أصل أفريقي.
ويشير الباحث المتخصص في تاريخ الأرجنتين إلى أنه "في معظم الفترات التاريخية، سعت الأرجنتين إلى تقديم نفسها للعالم على أنها أمة بيضاء وقد أدى ذلك إلى محو أصحاب البشرة السمراء خطابيا ورمزيا من الهوية الوطنية".
لا وجود لأصحاب البشرة السمراء في الأرجنتين
الأرجنتين التي يبلغ عدد سكانها 46 مليون نسمة، لا يوجد بها أكثر من 200 ألف من أصحاب البشرة السمراء على أقصى تقدير، وهو الأمر الذي ينعكس بالطبع على المنتخب الذي ظهر في مونديال 2022 وكوبا أميركا 2024 بدون أي لاعب من أصول أفريقية، وهو أمر معتاد تاريخياً وليس في السنوات الأخيرة فحسب.
ما الداعي لكل هذا السرد التاريخي؟ الداعي هو تورط عناصر المنتخب الأرجنتيني في العنصرية بصورة مكررة، وخاصة ضد نجوم منتخب فرنسا، فقد تسبب التنافس الكروي بين الأرجنتين وفرنسا في السنوات الأخيرة وخاصة في مونديالي 2018 و 2022، في رفع وتيرة هذه العنصرية الأرجنتينية ضد منتخب فرنسا.
من أنغولا ويلعبون لفرنسا!
وقبل ساعات انتشر مقطع فيديو لاحتفالات منتخب الأرجنتين بلقب كوبا أميركا مع جماهيرهم في بوينس أيرس، وهم يغنون: "هؤلاء أتوا من أنغولا، ولكنهم يلعبون لمنتخب فرنسا"، وهو هتاف عنصري ضد منتخب فرنسا، ولم يكن هناك ما يدعو لذلك لأن فرنسا لم تكن منافساً للأرجنتين في بطولة أميركا اللاتينية، فهي بكل بساطة بلد أوروبي، وبالطبع شعر الفرنسيون بالغضب الشديد، وتقدموا بالشكوى رسمياً ضد الأرجنتين وسط اتهامات مباشرة بالعنصرية والتمييز.
معاقبة الأرجنتين.. متى؟
ملخص القول أنَّ العنصرية الأرجنتينية لها بعدها التاريخي، كما أن عدم وجود أي لاعب من أصحاب البشرة السمراء في منتخب الأرجنتين جعل من ممارسة العنصرية ضد الآخرين أمراً أكثر سهولة، والآن يتطلع المجتمع الكروي العالمي بتوقيع عقوبة مغلظة ضد الأرجنتين بمنتخبها واتحادها الكروي وجمهورها، لكي تتوقف دائرة الإهانة، وتتخلص كرة القدم من وصمة عار كبيرة اسمها "العنصرية".
التعليقات