يومًا بعد آخر، تتمدد تداعيات "طوفان الأقصى" متصدعة في عمق القضية الفلسطينية.
يومًا بعد آخر، يُماط اللثام عن أبعاد عملية السابع من أكتوبر، حتى إن أكثر المتحمسين لغزوة يحيى السنوار باتوا مقتنعين بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قطف ثمرة المغامرة غير المحسوبة.
لن نصدق أن إسرائيل التي اغتالت زعيم حماس إسماعيل هنية في سريره بعدما اطمأنت إلى خلوده للنوم في قلب طهران، لم تلحظ تقدم مئات المقاتلين بعرباتهم ومروحياتهم الشراعية في قلب الدولة العبرية يوم السابع من أكتوبر!
ما كان يقال همسًا لا بد أن يُعلق على جدارية التاريخ. ليس انتقاصًا من الدور البطولي للشباب الذين ضحوا بأنفسهم لتحقيق الخرق، إنما التداعيات تشي بأن على المقلب الآخر في إسرائيل ثمة من كان ينتظر هذا العبور لاقتناص ما هو أكبر وأعمق.
اليوم، بعد 11 شهرًا، الدمار والتشرد يسيجان غزة وشعبها. 120 ألفًا من أبنائها هاجروا إلى مصر، فيما قائدها يحيى السنوار يتنقل في أنفاق تحت أنقاضها مفاوضًا على الغد.. وأي غد؟
انتهت غزة، والآن تتجه آلة الدمار الإسرائيلية لتكرار حلقات الإجرام في الضفة الغربية، مستهدفة بشكل مباشر مخيمات جنين وعسكر ونور شمس وغيرها، والهدف تصفية قضية اللاجئين. لا مكان للاجئي 48 في قاموس نتانياهو.
وتعلق أوساط عربية رفيعة المستوى على أحداث الضفة بقولها إن استهداف المخيمات في الضفة يعني أن إسرائيل بدأت المرحلة الثانية من مخططاتها بتصفية القضية الفلسطينية من خلال إطلاق عملية ترحيل طوعي لعشرات الآلاف من لاجئي المخيمات.
وتتوقف الأوساط عند "الصحوة السياسية" لكندا وأستراليا باستقبال اللاجئين عبر خطين. الأول "الخط السريع" ويشمل ترحيل أصحاب المهن الحرفية، والهدف ترحيل سريع لنحو 180 ألف عامل حرفي كانوا حتى ما قبل السابع من أكتوبر يعبرون الحدود يوميًا للعمل في إسرائيل. هم الآن عاطلون عن العمل ويمكن أن يشكلوا قنابل موقوتة، ولذا فإن ترحيلهم يحقق أهدافًا عدة منها تخفيف العبء على إسرائيل والاستفادة منهم في كندا وأستراليا.
أما خط الترحيل الثاني فيشمل حملة الشهادات الجامعية، وهذه الفئة من اللاجئين عليها أن تنتظر في طابور الإجراءات الروتينية.
استغل نتانياهو خطاب القوة أمام الكونغرس في يوليو الماضي، وعاد مسلحًا بقراري اغتيال هنية في طهران وفؤاد شكر في الضاحية الجنوبية من بيروت. وهو يستغل الآن فترة الانتخابات الرئاسية الأمريكية لإكمال مشروعه في تصفية القضية الفلسطينية ولن تتوقف آلة الحرب طالما لم يحدد البيت الأبيض من سيكون السيد أو السيدة القادمة إلى رحابه.
في تقدير الأوساط ذاتها فإن "الوضع في الضفة الغربية خطير.. وخطير للغاية ويمكن أن يحيي عمليًا أيضًا مشروع الترحيل إلى الأردن كالوطن البديل حسب المخطط التاريخي لإسرائيل".
وتضيف "الضفة الغربية هي قلب الدولة الفلسطينية.. تكافح السلطة الفلسطينية على كافة الجبهات ولكن يدها مغلولة بالعجز العربي والدولي، والآتي أخطر بكثير".