من أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى قائد حركة حماس وحاكم قطاع غزة بعد أن انقلب على السلطة الفلسطينية، تلك هي ملخص رحلة يحيى السنوار، زعيم حركة حماس ورئيس مكتبها السياسي. السنوار أدخل مستقبل قطاع غزة في نفق مظلم، وتسبب في تحويل حياة أكثر من 1.5 مليون فلسطيني إلى جحيم، تعددت أشكاله ما بين القتل على يد الاحتلال أو الموت جوعًا أو مرضًا أو اللجوء إلى مناطق الإيواء، في انتظار أيّ معونة أو مساعدة أو حتى قرار أممي يخلصهم من مأساتهم.

إنَّ السنوار وعائلته، التي سيطرت على قطاع غزة وقادت حركة حماس، ما زالت تشكل صداعًا وقلقًا لملايين الفلسطينيين، لأنها ببساطة تتحكم في المفاوضات مع الاحتلال بشأن هدنة مؤقتة أو كاملة تضمن للشعب العيش في سلام. فتتصاعد المخاوف لدى السكان من استمرار الحرب الإسرائيلية وعدم التوصل إلى اتفاق لإنهائها رغم مرور 11 شهرًا على بدايتها، خاصة بعد تعيين يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس، وتولي شقيقه محمد السنوار قيادة كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة.

إقرأ أيضاً: أهالي الضفة في قلب المعاناة

ربما تشكل التحولات في قيادة حركة حماس، بعد تولي محمد ويحيى السنوار منصبيهما، قلقًا على مستقبل القطاع، خاصة أن يحيى السنوار مطلوب لإسرائيل بشدة كونه أحد مهندسي هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، بينما شقيقه، محمد، معروف بميوله العسكرية أكثر من السياسية. لكنَّ المعطيات الحالية تؤكد أنَّ السلطة وتحديد مستقبل القطاع تتركز في أيدي عائلة السنوار، التي لا تريد إلا السلطة والجاه والمال لنفسها، مهما كان ثقل الفاتورة على الشعب ذاته.

إقرأ أيضاً: أن تكون رب أسرة في غزة!

من الواضح أن إمبراطورية عائلة السنوار، التي تعتبر غزة لعبتها الخاصة أو بمعنى أدق "ملكيتها الخاصة"، قد تحولت أيديولوجياتها تمامًا من مقاتلي الحرية إلى رجال أعمال أنانيين. كان يُنظر إليهم ذات يوم على أنهم أبطال القضية الفلسطينية، لكن أطماعهم حولت حركتهم إلى مشروع تجاري تديره الأسرة، مما ساهم في ارتفاع معدلات الفقر وأسعار المواد الغذائية داخل غزة. هذا بالإضافة إلى إقحام القطاع في حرب طويلة مع الاحتلال الإسرائيلي، لن يدفع ثمنها سوى المدنيين.

وقد أصدرت فرنسا مرسومًا يقضي بتجميد أصول يملكها أو يتحكم بها السنوار، لمدة ستة أشهر، بحسب مرسوم نشر في الجريدة الرسمية. ولم يتسنَ نشر معلومات حول تفاصيل الحساب البنكي.

إقرأ أيضاً: دلالات زيارة عباس المرتقبة إلى غزة.. هل تنهي الكابوس؟

كما أنَّ عائلة السنوار مريضة ببارانويا السلطة والمال. فبعد أن كانوا نشطاء سياسيين، أصبحوا وسطاء قوة مؤثرين على حساب السكان المحليين. فالسنوار، قائد الفصائل الفلسطينية، هو أكبر الأشقاء الثلاثة، ويصغره مباشرة الدكتور زكريا، الذي يعمل مؤرخًا وأكاديميًا، ويعتبر من أكثر المستفيدين من بقاء شقيقه على رأس السلطة في غزة. وكذا الحال مع الشقيق الثاني وهو أصغر الأبناء محمد السنوار، الذراع الأيمن لشقيقه يحيى. وهو من المخططين لعملية "طوفان الأقصى"، وقد يكون العقل المدبر لعملية 25 حزيران (يونيو) 2006 التي تم فيها أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وكان مشرفًا أيضًا على صفقة الإفراج عن شاليط مقابل عدة أشخاص، منهم شقيقه يحيى.

إن استغلال عائلة السنوار الأحداث لبناء نفسها ومجدها على حساب الشعب والقضية، ساهم بالتأكيد في إحباط الجمهور المتزايد إزاء استغلالهم لمناصبهم. لكنهم في الحقيقة يحتاجون إلى مزيد من المساءلة والشفافية. فلن يسمح الشعب الفلسطيني لأحد بأن يتربح على حساب القضية.