تمكنت الكويت من الصمود وتجاوز بجدارة سياسية وإعلامية مراحل ومحاولات الابتزاز المالي والسياسي للصحف ووسائل الإعلام العربية التي تقتات على المساومة في النشر وعدم النشر للأكاذيب والافتراءات وصناعة الفضائح وفبركتها، فتلك مهنة صحافة رخيصة وحناجر إعلامية وأقلام مأجورة.

واصلت الكويت الصمود أمام عملية ابتزاز سياسي منظمة وممنهجة اثناء الغزو وبعد التحرير أيضاً حين تحالفت بعض الصحف الأجنبية والعربية مع بعض في حملة اغتيال الكويت إعلامياً وسياسياً والمساومة مقابل التراجع عن حق التقاضي بعد فضيحة سرقة الاستثمارات في اسبانيا.

بعد التحرير، استعدت أطراف اقتصادية متنفذة لصعود منابر صحافية خاصة وتكوين إمبراطورية إعلامية لترهيب الخصوم السياسيين في مجلس الأمة، البرلمان، عموماً والحكومة خاصة وتحققت بعض الاهداف فقد كانت الأطراف دقيقة في التصويب السياسي والإعلامي!

اسنان فتاكة إعلامياً وسياسياً تمكنت منها بعض الصحف الكويتية التي تفوقت بالترهيب والترغيب للأقلية والأغلبية البرلمانية، فلعبة تبادل المصالح كانت منظمة وممنهجة في حين الطرف الحكومي كان ضعيفاً أمام المساومات ومستسلماً للمقايضة!

علامات التعجب لا تكفي عند تناول جولات إعلامية مأجورة في الكويت من بعض الصحف الخاصة حتى اصبحت الكويت المأوى الحنون لجماعة الإخوان وملاذ الترحم على محمد مرسي وتحريف بكل جرأة خطابات سامية بمناسبات رسمية ونشرها بأسلوب الملقن العربي من الإخوان!

في العام 2013، قلبت بعض الصحف ووسائل الإعلام الخاصة المعادلات، فقد طلقت تلك الصحف والمنابر أخلاق حرية الرأي والتعبير ودعم هذه الثقافة الدستورية، فالمصالح كانت أهم بكثير من مصالح الدولة والشعب خاصة، فالشعب هو الحلقة الضعيفة في معادلات المصالح العملاقة.

مجلس الأمة الذي حله سمو الأمير في 22 حزيران (يونيو) 2022 نزولا عند رغبة الشعب، لم يكن خبراً ساراً لأهل التسول والابتزاز حيث انبرت الصحف وكتابها في توجيه عمليات اغتيال علنية للديمقراطية دون الاعتراف في منبع الانسداد السياسي خلال الاعوام 2013-2020!

العمل الوطني التاريخي أدى الدور نحو وضع حجر الأساس للنظام الديمقراطي وليس من الصواب تسمية ما جرى خلال مجالس الأمة السابقة انها جزء من العمل الوطني لأن العمل السياسي مختلف، بل اختلف عن منهج العمل الوطني وطبيعته.

أفضل بداية في قبول النقاش والتمهيد نحو معرفة ظروف وأسباب الأخطاء والعثرات والأزمات في مجلس الأمة وعدم التشنج امام مصادر الأزمة الحقيقية وهذا يستوجب جلوس أطراف الخصام من وزراء ونواب مع بعضهم باعتبارهم مصدر الأزمة الأخيرة بين المجلس والحكومة.

يمكن إطلاق مسمى معارضة إذا كانت القوى السياسية متلاقية عند هدف وطني وليس قبلي وطائفي وفئوي ومناطقي وعدم التعامل مع مصالح أخرى سوى المصلحة العامة وليس المساومة النيابية والمقايضة السياسية والتعسف في المسائلة الدستورية!

إن العمل الوطني يمكنه النهوض من جديد من دون مزايدات سياسية ولا وأد للمكتسبات الديمقراطية ولكن لابد من وقفة إعلامية جادة في تحليل موقف بعض الصحف الخاصة التي تنشد مصالحها التجارية وتغطي على جماعة الإخوان المسلمين من كويتيين وعرب أيضاً.

وزارة الإعلام طرف من الأزمة السياسية، فهي لا تقوى على تحليل ما يدور خلف كواليس الصحافة الخاصة، ولا تقوى على تقديم معالجة جذرية دون تقييد للحريات وهذا يتطلب قراءة فاحصة لمصادر التشدد الديني ومصادر استباحة الحكومة وتحصين مصالح غير حكومية!

ولعل خير بداية في التحليل الموضوعي وتقصي أسباب وظروف الهجوم الذي تعرض له سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد حفظه الله بصفته رئيس الوزراء آنذاك في حين حصنت وقدست بعض الصحف الشريك النيابي في سلطة مجلس الأمة خلال الفترة 2013-2020!

الكويت باتت مستهدفه من الإعلام والصحافة الخاصة داخلياً وكذلك الديمقراطية التي اصبحت ليست بمنأى عن القصف الكثيف العشوائي في حين تنشغل وزارة الإعلام في أحلام وأوهام مستحيلة بحجة تنظيم الإعلام وتحصين أمور غير دستورية وتقديسها!

*إعلامي كويتي