تحارب إسرائيل اليوم على عدة جبهات كما فعلت في الحروب السابقة مع الدول العربية. تحارب ولا تتعب، تقاتل حماس في الداخل، وحزب الله في لبنان، وإيران والميليشيات العراقية في سوريا. تقتل دون أن تمل أو تأخذ في الحسبان أي قانون دولي أو رادع أخلاقي، بقتلها النساء والأطفال. تغتال عشرات القيادات من حماس وحزب الله، الذي لم يبقَ من قياداته العليا سوى زعيمه حسن نصر الله. وكل هذه الدماء التي تُسفك لا تلقى رداً حازماً، لأن زعماء ما يسمون أنفسهم بالمقاومة لا يملكون ما يردون به على إسرائيل سوى الصراخ على شاشات التلفزيون. يزبدون ويرعدون فنسمع جعجعة ولا نرى طحناً. لا يمتلكون طائرات تقصف مواقع القيادات العسكرية الإسرائيلية بالمقابل، ولا مخابرات تستطيع تعقب قادة إسرائيل كما تفعل الموساد، ولا لديهم قدرات دبلوماسية لوقف هذه الاعتداءات اليومية المتكررة. ومع ذلك، ما زالوا يصرخون ويهددون بالوعد والوعيد، ثم يصمتون صمت القبور ويختفون في الكهوف والأنفاق! فإلى متى هذه العنجهية والصلافة والتضحية بأنهار من دماء شعوبهم دون جدوى أو نتيجة؟
أكثر من أربعين ألف قتيل في قطاع غزة وفلسطين، اغتيال عشرات القادة العسكريين في حزب الله، وقتل المئات من عناصره بقصف الطائرات. فماذا جنى هؤلاء من وراء كل ذلك؟ لا استطاعوا أن يزحزحوا إسرائيل من شبر واحد من الأرض المحتلة، ولا أن يحققوا حلم أجدادهم برمي إسرائيل في البحر، ولا حققوا نصراً ولا حرروا أرضاً بعد ثمانين عاماً من الحرب والقتال.
إقرأ أيضاً: خدم السلطان
كل ما فعلوه أنهم دمروا مدنهم وضحوا بدماء أطفالهم ونسائهم ورجالهم دون أي مبرر. حولوا غزة من جنة كان يعيش فيها أهلها إلى خراب لا يمكن إعماره إلا بعد خمسين عاماً وبتكلفة قد تزيد عن تريليونات الدولارات. أسقطوا حكومتهم المحلية بأيديهم، وخلقوا لأنفسهم أعداء من كافة أنحاء العالم. وكل ذلك من أجل ماذا؟ لا شيء سوى غرور وغباء قادتهم... لقد كان الرئيس الراحل أنور السادات أعقلهم وأكثرهم حكمة حين أنقذ شعبه من الحروب والقتال بمعاهدة السلام. فمنذ أكثر من خمسين عاماً، لم يُقتل مصري واحد برصاص إسرائيل.
إقرأ أيضاً: الحرب والسلام في الشرق الأوسط
فهل ينتظر المقاومون أن تلقي إسرائيل عليهم قنبلة نووية ليستسلموا وتنتهي هذه الحرب العبثية؟ أم سيعود زعماء حزب الله وحماس والميليشيات العراقية والإيرانية إلى رشدهم ويكفوا عن إراقة كل هذه الدماء قبل أن تحرقهم الطائرات الإسرائيلية أو تنفجر بهم الهواتف أو تتعطل صواريخهم وقاذفاتهم التي لم تحقق حتى الآن شيئاً سوى صرف ملايين الدولارات على صنعها؟
لقد تغير الزمن، وحان الوقت ليغير قادة النضال أسلوب حياتهم وحياة شعوبهم، وينخرطوا في سلام دائم وشامل، وينصرفوا إلى البناء والإعمار والرقي والتقدم، بدلاً من الجري وراء سراب لا تجني شعوبهم منه سوى الوهم والخذلان.
التعليقات