عنتريات فارغة، سياسات فاشلة، إدارات فاسدة، عقليات متخلفة، هذه هي حال معظم القادة الذين حكموا الدول العربية والإسلامية. فمنذ أكثر من ثمانين عامًا على قيام دولة إسرائيل، لم تستطع كل الدول العربية بشعوبها وعساكرها وأسلحتها أن تزيح إسرائيل من شبر واحد من الأراضي التي احتلتها، ولولا فضل إسرائيل ورغبتها بإنهاء الصراع لما تنازلت ووافقت على قيام السلطة الفلسطينية فوق أراضي فلسطين. هذه هي الحقيقة الأولى التي يدركها الجميع.

دول تعاني من أزمات اقتصادية مستفحلة ومن إدارات متخلفة تملأ مخازنها العسكرية بأحدث الأسلحة التي تشتريها سنويًا بمليارات الدولارات، وذلك على حساب ثروات شعوبها، لكنها تعجز عن استخدام هذه الأسلحة ولو لقتل صرصار في البلدان المعادية لها. هذه حقيقة ثانية يدركها الجميع أيضًا.

دول تفرض نظامًا دكتاتوريًا على شعوبها وتكمم الأفواه وتزج بالأحرار في السجون بتهم التجسس لصالح إسرائيل أو أميركا، ولكنها تجتمع بقادة هذه الدول في فنادق خمس نجوم من أجل التطبيع والتعاون الاقتصادي والاستثماري. وهذه حقيقة أخرى!

دول تخوض حربًا طويلة تمتد لعشرات السنين مع "الكيان الصهيوني"، وبعد مقتل عشرات الآلاف بل الملايين من أبناء شعبها في هذه الحروب العبثية، تأتي وتجلس في عاصمة دولة كبرى لتوقع اتفاقية سلام مع الدول التي قتلت وأبادت شعبها. وهذه حقيقة أخرى!

في خضم الصراع العربي الإسرائيلي الذي استمر أكثر من ثمانين عامًا، عملت القيادة الإسرائيلية على تحقيق تقدم علمي وتكنولوجي وبناء الدولة على أساس ديمقراطي، فيما عجزت الحكومات العربية عن تحقيق ولو الحد الأدنى من الحرية والديمقراطية والتقدم لأن شعارها كان "كل شيء من أجل المعركة"، وأنهم سوف يرمون بإسرائيل في البحر!

دول نأت بنفسها عن خوض الصراعات العبثية وشن الحروب أو التنازع على أشبار من الأرض، حققت تقدمًا باهرًا في الإعمار والبناء وتحقيق الأمن والرخاء والعدالة الاجتماعية لأفراد شعبها مثل الإمارات وعُمان، فيما صرف جيرانها مئات المليارات من أجل زعزعة أمن واستقرار الدول الأخرى من خلال دعم العصابات والجماعات الإرهابية.

ماذا جنى الفلسطينيون من حرب 7 تشرين الأول (أكتوبر)؟ فمقابل قتل ألف يهودي، تكبدوا ما يقرب من أربعين ألفًا من الرجال والنساء والأطفال، وغدًا سينصاعون إلى وقف الحرب بعد الخراب والدمار الهائل الذي حل بقطاع غزة الذي لن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب!

ماذا جنى الإيرانيون من صنع كل هذه المليشيات والعصابات الموالية لهم والتي صرفوا عليها مئات المليارات فيما يرزح شعبهم تحت وطأة الجوع والحصار؟ فبماذا ينتفع قادة إيران حتى لو امتلكوا القنبلة النووية؟ هل يستطيعون ضرب إسرائيل بها أم سيخزنونها في مخازنهم إلى يوم يبعثون؟!

اغتيال إسماعيل هنية كان رسالة بليغة لكل أعداء إسرائيل بأنها قادرة على الوصول إلى غرف نومهم، فماذا بعد ذلك؟

نهضت أوروبا من دمار الحروب والنزاعات وبنت حضارة متقدمة حققت لشعوبها أعلى مراتب التقدم والرقي. فمتى سينهض العرب من سباتهم العميق ويفكرون بأنَّ زمن الحروب ولى، وأنَّ النزاعات لن تفيد، وقد آن الأوان لكي تعمل حكوماتهم على إنقاذ شعوبهم من الخوف والجوع والتخلف والمرض، لكي يشعر المواطن في هذه الدول بإنسانيته وبحقه في الحياة؟