مع مرور الوقت واقتراب العدوان الإسرائيلي على شعبنا من عامه الأول، تبرز العديد من التساؤلات حول قائد حركة حماس يحيى السنوار، إذ لم نسمع أو نرَ ما يدل على أنَّ السنوار لا يزال على قيد الحياة منذ بداية ما يسمى "الطوفان"! باستثناء ذلك المقطع الذي تم بثه في بدايات العدوان، والذي يظهر فيه وهو يدخل إلى النفق مع عائلته. لا توجد دلائل أو مؤشرات، ولا حتى رسائل صوتية أو أي شيء آخر، سوى ما يصرح به بعض قيادات حماس حول تواصله معهم، وأنه يقود المفاوضات وغير ذلك من الأمور، والتي في مجملها لا تشير إلى أي شيء حاسم. ومن ناحية أخرى، يبث جيش الاحتلال الإسرائيلي تقارير تفيد بأنَّ السنوار لا يزال مختبئًا في الأنفاق، وأنه يحيط نفسه بالرهائن. كما أشارت بعض الصحف إلى أنَّ إسرائيل قد حددت مكانه، بينما في تقارير أخرى يُذكر أنها لم تستطع تحديد موقعه بالضبط، نظرًا لعدم توفر التقنية الكافية لاكتشاف وتحديد مكانه.

تُطرح العديد من التساؤلات حول كيف يمكن أن يكون السنوار رئيسًا لحركة حماس دون أن يُدلي بأي بيان أو يوجه أي خطاب لمؤيديه وأنصاره، ليعبر فيه عن رؤيته وما سيقوم به؟ أليس من الغريب، بل العجيب، أن لا يرثي السنوار رئيس حركة حماس إسماعيل هنية، الذي اغتالته إسرائيل في إيران؟ وفي الوقت ذاته، يهنئ الرئيس الجزائري بفوزه بفترة رئاسية جديدة، ويخاطب الحوثي ليهنئه بالمولد النبوي، ويبارك له على الصاروخ الفرط صوتي! إذا كان السنوار لا يزال حيًا، فما هذا القائد الذي لا يقيم وزنًا لشعبه وحركته ولا يخاطبهم ولا يطلعهم على ما يقوم به؟ ولماذا؟ ألا ينبغي له أن يخبر شعبه بما عليهم أن يتوقعوه في قادم الأيام، ويطلعهم على تطورات المفاوضات التي يدعي الجميع أنه يقودها بنفسه؟ لم أجد في كتب التاريخ حالة مثل حالة قائد حماس، الذي يظل مختبئًا طوال المعركة خوفًا من القتل، وكأن بموته ستختفي فلسطين!

الاعتقاد المنطقي الذي يُطرح هو أن السنوار قد تم التخلص منه منذ بداية العدوان أو في وقت ما خلال الأشهر القليلة الماضية، وأن إسرائيل تستغل ما تقوم به حماس من دعاية حول قيادته للحركة للاستمرار في العدوان واستكمال مخططها العسكري. ومن ناحية أخرى، لا تستطيع حماس الإعلان عن ذلك، كما فعلت مع الضيف، إذ سيُعتبر ذلك هزيمة مدوية للحركة، التي لا يهمها ما يحدث للشعب بقدر ما يهمها مستقبلها وبقاؤها ومستقبل حكمها. يعود هذا الاعتقاد إلى أنه إذا كان من الممكن تصوير عمليات ضد إسرائيل بحبكة هوليودية، وتوثيق الرهائن في الأنفاق وهم يبثون رسائل إلى ذويهم، فإن من الممكن أيضًا بث رسالة مصورة للسنوار لإثبات أنه على قيد الحياة، ليخاطب حركته ويخبرنا بما يفعله، وما هي خطته للأيام القادمة، كما يفعل غيره من المطلوبين لإسرائيل مثل حسن نصر الله.

يمكنني فهم أن سياسة الغموض قد تجدي نفعًا عندما يتعلق الأمر بالرهائن، لكن لا أستطيع فهم كيف تجدي نفعًا عندما يتعلق الأمر بقائد حركة حماس!

على حماس أن تثبت أن السنوار لا يزال على قيد الحياة، وألا تختبئ خلف لثام مثل المدعو أبو عبيدة، وألا تلعب بمشاعر الناس وحياتهم. وعلى السنوار أن يخرج ليخاطب الناس ويقول لهم الحقيقة، وإلا فإن الاستمرار في هذا المسلسل ستكون له عواقب كبيرة على حماس أولًا، التي ستحاسب بكل تأكيد من الشعب الفلسطيني، وكذلك على الشعب الفلسطيني برمته.

وأختم بأبيات لشاعرنا الكبير محمود درويش، يقول فيها:

وأَنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ

[لا تَنْسَ مَنْ يطلبون السلامْ]

وأَنتَ تعودُ إلى البيت، بيِتكَ، فكِّرْ بغيركَ

[ لا تنس شعب الخيامْ]

وأَنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّرْ بغيركَ

[ ثَمَّةَ مَنْ لم يجد حيّزاً للمنام]