في البداية، إنْ كان لي أن أصف نجاحاً محدداً للجمهورية الإيرانية الخمينية منذ ذلك اليوم التعيس الذي نشأت فيه أواخر السبعينيات، فهو القدرة على تبنّي الكذبة ثم إطلاقها وبذل الغالي والنفيس ليصدقها عامة الناس البسطاء ذوي النزعة العاطفية الدينية على امتداد السنوات الطويلة. فبحسب من عاصروا تلك الحقبة، كان حتى بعض منتسبي المذهب السنّي رأوا في الخميني – الهنديّ الأصل والمنشأ – بأنه هو (المهدي المنتظر)، ناسين أو متناسين بأن أدبيات ظهور المهدي، وفق الروايات السنّية والشيعية معاً لم تُشر بأنه سيأتي على إحدى رحلات الطيران الفرنسي القادمة من باريس! فلا الخميني الولي الفقيه نائب صاحب الزمان ولا هم يحزنون! كما أن الإمعان في الكذب والدجل الذي قامت عليه ثورة الخميني ودولته ساهم في إعطاء هالة من القدسية على فصائل إرهابية حقيرة لا تتورّع عن ارتكاب الجرائم بشتى أنواعها وإزهاق أرواح الأبرياء من مختلف الأعراق والأديان والطوائف والجنسيات والأعمار وتسميتها بمسميات تداعب العواطف كإطلاق اسم (حزب الله) مطلع الثمانينيات الميلادية على المجموعة الإرهابية اللبنانية واختيار اسم (أنصار الله) على المجموعة الإرهابية اليمنية وإحضار أدوات ينسبونها كذباً وزوراً للنسب الشريف لتكون رأس الحربة لتلكم العصابات الإرهابية، فباتت الجرائم تُرتكب والأنفس المعصومة تُقتل باسم محمد صلى الله عليه وسلم وآل محمد وسط تغييب ٍكامل ٍ للمنطق وانتزاع عقول مريديهم ومؤيدهم من أحرازها لتتهافت الجموع المُغيّبة عن الواقع تأييداً لتلكم الأعمال الوحشية التي لا يقرّها دين أو عقل أو عُرف غير مدركين لحقيقة الوجه القبيح للنظام الإيراني الذي حصر المسلمين – من وجهة نظره الفارسية – بين ( الحسين ويزيد ) وما تدوينة الخامنئي في منصة (إكس) منّا ببعيد.
إن هلاك المجرم الإرهابي حسن نصر الله أمين ما يسمى بحزب الله اللبناني وقبله هلاك جميع قيادات الحزب في ظرف أسبوعين لحظة فارقة في تاريخ لبنان الذي كان يئن تحت وطأة اختطاف سيادته الذي بلغ الذروة بعزله عن محيطه العربي وبقاء كرسي رئيس الدولة شاغراً منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2022. لقد هلك الأداة الإيرانية الطيّعة والظاهرة الصوتية الجوفاء المزعجة، وتبّت يداه بعد انتهاء دوره، فكانت مكافأة نهاية الخدمة تقديم المعلومة الذهبية التي استخدمها الإسرائيليون لدفنه تحت الأنقاض، فإيران اليوم أصبح لديها مشروع جديد وهو الخضوع للأمر الواقع والمجاهرة بالأخوة مع الأميركان الذين كانت أدواتهم ولا تزال تهتف بموتهم! والدور آتٍ لا محالة لزمرة التخلّف والجهل التي تحكم اليمن اليوم فهم ليسوا بأعزّ من نصر الله بالنسبة لإيران؛ فهل يعي الحوثي ما يدور في العالم ويتحسّس رقبته؟! أم أن سكرة الشعارات الفارغة وغيبوبة القات يحولان دون ذلك؟! لا شك أن الأيام القادمة في طياتها الخبر اليقين.
التعليقات