شهد سوق طهران يوم الأحد في 29 كانون الأول (ديسمبر) موجة واسعة من الاحتجاجات التي انطلقت من سوق الأحذية وسرعان ما انتقلت إلى سوق الأقمشة والعديد من الممرات والمتاجر الأخرى. جاءت هذه الاحتجاجات بمشاركة العديد من التجار الذين أغلقوا محلاتهم وانضموا إلى صفوف المحتجين ردًا على تدهور الأوضاع الاقتصادية.

وأشار التجار إلى أن الارتفاع الحاد في سعر الدولار، الذي تجاوز حاجز 80 ألف تومان، قد أدى إلى شلل كامل في النشاط التجاري وجعل عمليات البيع والشراء شبه مستحيلة. رفع التجار المحتجون شعارات مثل: " لا تخافوا، لا تخافوا، أغلقوا أغلقوا؛ أيها التجار الشرفاء، ادعموا ادعمو" لدعوة زملائهم للانضمام إلى هذا الحراك الاحتجاجي.

التضامن بين مختلف فئات السوق
إلى جانب تجار الأحذية والأقمشة، شارك في هذه الاحتجاجات أيضًا تجار الذهب وتجار سوق عباس آباد. تجار الذهب، الذين يعتمد سوقهم بشكل مباشر على أسعار العملات وقيمة العملة الوطنية، كانوا في طليعة هذه الاحتجاجات. ولجأ النظام إلى استخدام القوات الخاصة لقمع التظاهرات في سوق الذهب، مما يعكس أهمية هذا القطاع وشدة الأزمة الاقتصادية.

كما أن الارتفاع الحاد في أسعار المواد الخام وتكاليف الإنتاج أدى إلى ضغوط كبيرة على فئات مثل تجار الأحذية والأقمشة، مما جعل استمرارية نشاطهم الاقتصادي مهددة بالخطر. عزز التضامن بين مختلف فئات السوق في طهران، إلى جانب مشاركة سوق عباس آباد في هذه الاحتجاجات، من وحدة المطالب وسلّط الضوء على حالة السخط العام.

سوق طهران: مركز تاريخي للاحتجاجات
لطالما كان سوق طهران مركزًا اقتصاديًا وتاريخيًا مهمًا، حيث لعب دورًا بارزًا في التحولات السياسية والاجتماعية في إيران. بدءًا من الثورة الدستورية مرورًا بحركة تأميم النفط وثورة 1979، كان هذا السوق دائمًا محركًا للاحتجاجات والتغييرات. كما أن الترابط الوثيق بين مختلف فئات السوق في طهران وأسواق المدن الأخرى يمثل تحديًا كبيرًا للنظام الحاكم.

الفساد والسياسات الفاشلة: عوامل تفاقم الأزمة
ساهم انتشار الفساد على جميع المستويات الحكومية والسياسات الاقتصادية الفاشلة في تعميق الأزمة. ويرى المراقبون أن الحكومة بدلًا من معالجة المشاكل من جذورها، قامت باتباع حلول سطحية زادت من تعقيد الوضع. السؤال الرئيسي هو: هل ستقتصر هذه الاحتجاجات على المطالب الاقتصادية، أم ستتحول إلى حركة أوسع لتحقيق تغييرات سياسية؟

تصريحات المسؤولين: خوف من المستقبل
كشفت خطابات المسؤولين الحكوميين عن عمق الأزمة والخوف من المستقبل. حاول أحمد خاتمي، أحد رجال الدين البارزين، طمأنة قوات النظام بالإشارة إلى أحداث عام 2009، لكنه أشار أيضًا إلى هشاشة النظام بقوله: «كانت تلك الأشهر الثمانية أصعب من ثماني سنوات من الحرب المفروضة».

إشارات لتحولات أوسع
تعكس الاحتجاجات الحالية غضبًا شعبيًا متزايدًا إزاء التدهور الاقتصادي والسياسات الحكومية الفاشلة. أصبحت القضايا الاقتصادية نقطة انطلاق لحركات اجتماعية وسياسية أوسع. استمرار تجاهل الحكومة لمطالب الشعب يزيد من احتمال حدوث تغييرات جوهرية في البنية السياسية والاقتصادية.

في هذا السياق، أصدر الحرس الثوري بيانًا أكد فيه أنَّ "نظام الولاية سيتجاوز هذه التحديات"، لكن هذه التصريحات تعكس بشكل أكبر هشاشة النظام بدلًا من قوته.

مستقبل مليء بالتحديات
تزامنت احتجاجات سوق طهران مع احتجاجات أخرى شملت العمال والمتقاعدين وموظفي القطاع العام، مما يعكس تصاعد الضغط الشعبي ضد النظام. إذا لم تتمكن الحكومة من تقديم استجابة مناسبة لهذه المطالب بشكل سريع، فإن احتمالات حدوث تحولات سياسية كبيرة ستزداد بشكل ملحوظ.

ووجهت السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية، تحیاتها للتجار المحتجين والمضربين، وأكدت أن هذه الاحتجاجات تمثل جزءًا هامًا من الحركة الاجتماعية الواسعة والمتصاعدة، التي تشمل العمال، والكادحين، والممرضين، والمتقاعدين.

وأضافت أن الغالبية العظمى من الشعب الإيراني تزداد فقرًا يومًا بعد يوم بسبب السياسات النهبوية والقمعية والمغامرات العسكرية لنظام الملالي المجرم، وسط تضخم جامح، وتراجع مستمر في القدرة الشرائية، وانقطاع الكهرباء، وظروف معيشية كارثية.

وشددت على أن هذا النظام القاتل، الذي يدمر الحرث والنسل، سيسقط حتمًا على أيدي الشعب والمقاومة الإیرانیة.