تكرر الاستفهام البريطاني عن الديمقراطية، ومستقبلها في الكويت في مطلع العام 2025 من المهتمين والباحثين والسياسيين والإعلاميين بالشأن السياسي الكويتي كما كان عليه الواقع في العام 2024 اثناء حلقات نقاشية ولقاءات خاصة، وهو ما دعاني العودة إلى العاصمة لندن.
ماذا بعد حل مجلس الأمة؟
انحصر محور بداية النقاش في هذا الاستفهام، والتساؤل عن التطورات السياسية في الكويت منذ حل مجلس الأمة، وتعليق بعض مواد الدستور في 10 مايو 2024، وبعد مرور أكثر من ستة شهور على حل المجلس.
الواقع كما يبدو أن المتابعين في بريطانيا للشأن الكويتي يترقبون تطورات سياسية أو خطوات تتعلق بتصورات حكومية مبدئية، وأولية للترتيبات والتعديلات الدستورية المتوقعة بعد حل المجلس وتعليق بعض مواد الدستور، لأن التطورات السياسية لها معني وأكثر من قراءة وتحليل ومؤشر.
لم يكن هناك حاجة لشرح المرسوم الأميري عن تعليق بعض مواد الدستور، وحل مجلس الأمة لمدة أربعة سنوات، فهي معلومة حاضرة في النقاش واللقاءات، ولم تكن غائبة أو مغيبة عن تبادل الآراء، والاستماع، إلى الاستفهامات السياسية البريطانية.
الأمر الواضح أن الكويت لم تدخل حتى الآن مرحلة مفصلية أو تتضح الرؤية للحكومة، فزمام المبادرة بات بيد السلطة التنفيذية التي يفترض أن تقدم تصوراتها إلى لجنة دراسة التعديلات الدستورية بعد تشكيلها، لذلك نصحت بالتريث والتأني وانتظار تصورات ومقترحات الحكومة.
لم يكن لدي معلومات أو تصورات ما يدحض التشاؤم أو يحفز على التفاؤل والرد العلمي والموضوعي على الاستفهامات البريطانية التي فرضت نفسها مجدداً أمامي، لكنني تساءلت بشفافية؛ ما هي القراءة البريطانية للموقف الحكومي الكويتي؟ هل الصورة السياسية واضحة أم غامضة؟
الغموض له معني وأبعاد، وعدم الوضوح له أيضاً تفسير وتحليل سياسي، وكانت الإجابة على التساؤل عدم توفر معلومات سواء عبر قنوات مباشرة أو غير مباشرة مع النوافذ الدبلوماسية أو الحكومية الكويتية ودوائرها السياسية.
الأبعاد النفسية والاجتماعية والقانونية لملف سحب الجناسي وفقدها، وخاصة الأمور المتعلقة بسحب جناسي مواطنات المادة الثامنة، استحوذت على النقاش والآراء، وبدت وكأنها معركة إعلامية موازية لملف الهوية الوطنية "تستعر" أيضاً بين مزيج من جمهور من الخصوم والانصار والمتضررين في الكويت وخارجها.
المعركة الإعلامية المستعرة بين المتضرر والمؤيد لملف سحب الجناسي وفقدها، لم تكن محفزة على التعليق والرد، فقد طغى توغل خطاب العنصرية وبث سموم الانتصار والهزيمة تحت سقف نسيج مجتمع صغير لا يحتمل كل هذا التشويش والهجوم والتفرقة والتمييز!
الإعلام الرسمي الكويتي، لا ننكر، اتخذ موقفا سلبياً ومتفرجاً أو مشوهاً وخاملاً مما تشهده الساحة الإعلامية الكويتية من هجوم عنصري تجاه شرائح وفئات نسيج المجتمع الكويتي، وهو أمر مؤسف وخطير حين تعم الفوضى في منصات السوشيال ميديا دون موقف رسمي!
أيضا فأن الكلام عن الانتصار لشريحة اجتماعية، وهزيمة لشرائح أخرى لا يعكس نفس أسلوب إعلامي طويل لإعادة ترميم نسيج الوحدة الوطنية، والالتفاف حول المصالح الوطنية، تفادياً لاستنزاف قوة محاصرة التفتيت الاجتماعي من قبل أهل الحكمة، والعقل في الكويت، والحكومة أيضاً.
المحللون السياسيون والإعلاميون البريطانيون لا يؤيدون تجاهل السياقات التاريخية والاجتماعية في الكويت، والمكتسبات الديمقراطية التي نشأت في الديمقراطية الدستورية منذ عقود وهو ما استدعى إلى مناقشة الأفكار السياسية والممارسات النيابية والحكومية تفادياً للوقوع في فخ استنتاجات خاطئة.
تمسك الحكومة في موقف المتفرج والتزام الصمت تجاه هزات سياسية واجتماعية ليس حلا يؤدي إلى التخلص من العيوب والمشاكل الحكومية وخصوصا في الإعلام الرسمي الذي غلب عليه الجمود وعدم التجديد، ومعالجة متطلبات المرحلة الراهنة، واحتياجاتها التفاعلية.
عاد الحوار إلى بداية الاستفهام عن؛ ماذا بعد حل مجلس الأمة؟ وما طبيعة التطورات السياسية منذ حل مجلس الأمة، وتعليق بعض مواد الدستور حتى اليوم؟
الحكومة وحدها وقنواتها الدبلوماسية والدوائر السياسية هي القادرة على تقديم الإجابات على هذه الاستفهامات الغربية الثقيلة، والمتراكمة منذ حل مجلس الأمة وتعليق بعض مواد الدستور في العام 2024.
*إعلامي كويتي
التعليقات