الياس توما من براغ : أكدت الدراسات الأوروبية الحديثة أن الأوروبيين يتعاطون الكحول بشكل خطير وأكثر من أي شعوب أخرى في العالم الأمر الذي يسبب وفاة 600 ألف منهم سنويا والى وفاة عشرات الآلاف أيضا على الطرقات من جراء حوادث السير التي يكون الكحول سببها الرئيسي كما يسبب مشاكل صحية عديدة ويخلق إشكالات اجتماعية حادة . وتؤكد هذه الدراسات أن الأوروبي يشرب في المعدل المتوسطي سنويا 12 ليترا من الكحول الصافي أي أكثر بمرتين مما يتعاطيه مواطن أي قارة أخرى ، كما يرتفع بشكل مقلق تعاطي الأولاد في الدول الأوربية للكحول في أعمار مبكرة .
وقد حذرت المفوضية الأوروبية من أن استمرار هذه الحالة سيجعل الأمور تأخذ أبعادا خطيرة ولهذا بدأت تعد لإصدار توصيات تستهدف الحد من تعاطي الكحول بمختلف أنواعه في دول الاتحاد الأوربي الخمسة والعشرين .

ويقول الناطق باسم المفوضية الأوروبية فيليب تود إن هذه التوصيات ستكون موجهة للدول الأعضاء في الاتحاد وأيضا للجهات التي تنتج الكحول وذلك للحد من الإفراط في تعاطي الكحول. وحسب مجلة " اوروبين فويس"فان التوصيات ستتضمن نصوصا عن ضرورة رفع العقاب في الجرائم التي ترتكب تحت تأثير الكحول كما أن المفوضية الأوروبية تفكر الآن في إحياء الاقتراح الخاص بتحديد الحد الأقصى من نسبة وجود الكحول في دم السائقين والذي ينتظر أن يكون بحدود 5و0% لان أخر الإحصاءات أفادت بان 43000 أوربي قتلوا العام الماضي على الطرقات من جراء شرب الكحول .
ويرى العديد من الخبراء انه لو جرى تحديد هذه النسبة من قبل لكان عدد الذين يقتلون على الطرقات اقل . ويعترفون بان الاتحاد الأوروبي حاول ذلك في عام 2001 لكنه اخفق غير أن الوضع الآن حسب رأيهم أصبح مختلفا لأنه توجد إرادة اكبر الآن بين حكومات دول الاتحاد للحد من التعاطي المفرط في استهلاك الكحول في أوروبا.

وتختلف الآن عملية التعامل في دول الاتحاد الأوروبي بشان شرب الكحول من قبل السائقين ففي تشيكيا وسلوفاكيا مثلا لا يسمح أبدا للسائق بان يشرب الكحول أبدا قبل صعوده إلى سيارته فيما تسمح بريطانيا وايرلندا للسائقين بشرب 8و0% من الكحول كحد أقصى مما يعني في الترجمة العملية نحو 3 كؤوس من البيرة فيها نسبة الكحول 12% . وتريد المفوضية الأوروبية دعم الحملات المختلفة في دول الاتحاد للتنبيه إلى مخاطر الإفراط في شرب الكحول أو تعاطيه بشكل متكرر كما يجري التفكير بإمكانية التوصية بمنع بيع الكحول في السوبر مارك أو مراكز التسوق الكبيرة واقتصار بيع الكحول بأنواعه المختلفة في محلات خاصة كما يجري الأمر في الدول الاسكندنافية وأيضا في ساعات محددة. وتتوقع الصحافة الألمانية أن يقدم مفوض الاتحاد الأوربي لشؤون حماية المستهلكين ماركوس كيبريانو بداية العام القادم ما يسمى " بالكتاب الأبيض " يتضمن فيه بوصياته في كيفية الحد من استهلاك الكحول .

وعلى الرغم من أن الكتاب الأبيض ليس قانونا إلا أن الكثير من دول الاتحاد تشرع على أساسه قوانينها المختلفة في مجالات عديدة ولذلك فان ما يرد في هذه " الكتب البيضاء " سرعان ما تظهر عاجلا أو أجلا على شكل قوانين في دول الاتحاد . ويقال بان كيبريانو يريد أن يتضمن كتابه الأبيض نصا يقول بان بيع الكحول يجب أن لا يسمح به لمن تقل أعمارهم عن 18 عاما وتوصية أخرى برفع قيمة الضريبة على أسعار الكحول والعمل بنظام المحلات الحكومية التي تحتكر عملية بيع الكحول كي يتم الإشراف على بيعه بشكل افصل . ويبدو واضحا من هذه الأفكار أنها استلهمت من تجربة الدول الاسكندنافية التي تعمل بمثل هذه القيود والاجراءات منذ فترة طويلة وقد أعطت نتائج جيدة بدليل أن استهلاك الكحول تراجع بشكل ملموس مقارنه بالفترة التي لم تكن تطبق فيها هذه الاجراءات. ويرى البعض بان تدخل الاتحاد الأوروبي في مسالة التعاطي المفرط في شرب الكحول في دوله سيسهل على حكومات الدول الأوروبية تطبيق الإجراءات التي تريدها في هذا المجال من دون أن تفقد شعبيتها كما أن العمل بهذه التوصيات سيجعل القوانين السائدة في هذه الدول تتوحد لأنه هنالك تناقض بينها في هذا المجال ففي تشيكيا مثلا لا يسمح ببيع الكحول لمن عمره اقل من 18 عاما فيما لا يوجد هذا القيد في ايطاليا مثلا .