استغرب مشاهدون عراقيون قيام ادارة قناة (العراقية) الفضائية بحذف مشاهد من مسلسل (فرقة ناجي عطا الله) للفنان عادل امام، على الرغم من أن القناة اشترت المسلسل بمبلغ 500 ألف دولار، مؤكدين أنهم لا يرون من داع الى الحذف كما كان يفعل النظام السابق في ظل الحملة الايمانية التي منعت مشاهد الخمر والرقص وغير ذلك.


بغداد:تحولت مسألة قيام ادارة قناة (العراقية) بحذف مشاهد من مسلسل (فرقى ناجي عطالله) الى نقاش حول الرقابة والحرية الفكرية ومحاولة البعض من استغفال المواطن العراقي واعادة بنائه على طريقته الخاصة على الرغم من أن الفضاء اصبح مفتوحًا،في اشارةإلى أن الحذف ينم عن مؤشرات عديدة تسجل ضد القناة وضد هيمنة الرقيب الذي لا يمتلك مهنية، والذي ما زال يضع الخطوط الحمر امام الاعمال الفنية ويتعامل بمنهج يمقته الباحثون عن حرية الفكر والتعبير، وتأتي هذه النقاشات لتشير ايضًا الى أن القناة لا بد أن تكون قد وضعت شروطًا لتنفيذ الاعمال الدرامية العراقية تتعلق بالسلوكيات في المجتمع وممارسات ابنائه اليومية العادية.

قال المخرج الصحافيفلاح حسن الخطاط: مازال تلفزيون (العراقية) يمارس نفس اساليب القائمين سابقًاعلى تلفزيون فيعهدالرئيس السابق صدام حسين بحجب مشاهد ومقاطع بعض المسلسلات، هذا ما حدث وانا اتابع مسلسل (فرقة ناجي عطا الله) الذي تعرضه قناة العراقية بعد الثانية عشرة من منتصف الليل، لقد امتاز الرقيب بالغباء ومحدودية التفكير، ونسي أن هذا المسلسل يعرض علىقنوات محلية وعربية عدةوبأوقات مختلفة، وهذا ما يتيح للمشاهد متابعته حسب وقته، إن مثل هكذا ممارسات لا تنم عن مهنية انما تسيء للعراقية كقناة، والا ما الضير في عرض مشهد في حانة، أو مشهد خيانة زوجة رافي مع ضابط الشاباك، واذا كنتم تخشون مثل هذا كان من الاجدر أن تحولوا برامجها الى الوعظ الديني خيرًا من استغفال المشاهد، واذا كنتم مستغفلين فالمشاهد لم يعد مثلما كان في عهد صدام لديه قناتان فقط، اعيدوا النظر بسياسة التلفزيون الذي عاد من اردأ تلفزيونات الدول العربية والدول المجاورة، علمًا أنه تأسس قبل أن تتأسس بعض الدول الخليجية.

اما الصحافي الدكتور محمد بديوي فقال: هذا اجراء عربي اصيل يذكرنا بسلوك وسائل اعلام الدول الشمولية التي تعمل على نموذجة العالم وفق رؤية الحاكم أو الحزب وتقديمه للناس، تحت شعار ما يسمى بالسلامة الفكرية، لكن العراقية وهي تقوم بهذا الفعل التقليدي جدًا تنسى أنها تعمل في فضاء مفتوح لم يعد أحد يستطيع أن يحتكر فيه عيون الناس وأذانها، خصوصًا اذا تعلق الامر بعمل كبير مثل مسلسل quot;فرقة ناجي عطا اللهquot; الذي يعرض على اكثر من عشر فضائيات في الوقت ذاته، انا لا اعرف الهدف من حذف مشاهد معينة من المسلسل، هل تريد القناة التبرؤ من هذه المشاهد، أم تريد أن تبعث رسائل معينة الى جهات سياسية ودينية، اما كان الاجدى الا تشتري العراقية حق عرض المسلسل اصلاً بدل الباسه الحجاب، وتشويه تسلسل بنائه الدرامي.

واضاف أنه مؤشر يضاف الى مئات المؤشرات الاخرى التي تثبت أن شبكة الاعلام العراقي عمومًا وقناة العراقية بشكل خاص كانت ومازالت ويبدو أنها ستبقى تفتقر الى الرؤية والادارة المحترفة القادرة على صناعة اعلام يليق بالعراق ويتماشى مع العصر وتحولاته الكبرى في مجال الاعلام.

فيما قال الكاتب جلال حسن: إن حذف أي مشهد ضمن قصةالمسلسل سيضر بالتصعيد الدرامي في سياق الحدث ما يضيع على المشاهد متعة تتابع الاحداث في quot;ثيمةquot; الموضوع، ولكي ينقل الكاتب تصوير الواقع بجدية فمن غير الوارد حذف أي مقطع لأنه يضر بالعمل، فما الضير من نقل وقائع حياتيةتمارس من قبل فئة اجتماعية باعتبارها حقاً مشروعاً طالما ليس فيها ما يخدش الحياء، بل صورة لما يجري في سياقات المجتمع وطريقة عيشه ومرحه ولهوه، إن التبجح بعدم نقل صور النوادي الاجتماعية هو تصرف يحمل من الرياء اكثر من نقل الحقيقة كاملة وفق ترتيب أي مجتمع في العالم، النوادي الاجتماعيةظاهرة واضحة للعيان وليس فيها ما يضر بقدر ما تجمع فئات اجتماعية من صلب وحقيقة المجتمع.

واضاف: يبدو أن المجتمع العراقي ما زال يعاني من اثار الحملة الايمانية التي قادها النظام السابق والسبب هو التصرف القسري المفروض ظلمًا وتزلفاً للدين خدمة لأجندات سياسية قبل أن تكون اخلاقية، فلماذا نعيد التصرفات القديمة بحجج أكثرفجاجة، لا شيء أجمل من نقل الواقع كما هو لكي يعرف الناس طبيعة المجتمع وبعد ذلك وضع الحلول اللازمة لأي ظاهرة إجتماعية.

وقال الصحافي والمخرج الاذاعي فائز جواد: هذه ليست الخطوة الاولى من نوعها، فقد عودتنا قناة العراقية على شراء مسلسلات وافلام عربية استهلكتها القنوات العربية، ونتذكر صفقة حبيب الصدر عندما اشترت القناة اعمالاً درامية وافلاماً مصرية مستهلكة ولاقصاد معروفة بالملايين، وهاهي التجربة اليوم تعاد ثانية ليشتروا بنصف مليون دولار مسلسلاً تعرضه اكثر من عشر قنوات عربية بأوقات قريبة جدًا وكان الاجدر أن ينفق هذا المبلغ على اعمال عراقية ومسلسلات وبرامج للأطفال والشباب، تكونتعليمية تثقيفية ترفيهية عراقية خالصة، ولكن يبدو أننا نتمسك بمقولة (مغنية الحي لاتطرب)، في العراق يوجد كتّاب دراما ومخرجون وسيناريست كبار لو فتحت الابواب لهم لانتجوا افضل ما انتجه عادل امام مع جل احترامي لنجوميته لكن ليس على حساب ميزانية يتصرف بها امناء للشبكةهمهم الشهرة الخاوية ليس الا.

واضاف: يبدو أن القائمين على القناة حاليًا تأثروا بالحملة الايمانية التي اطلقها النظام السابق في العلن فقط، ومراجعة سريعة لمسلسلات عرضتها وتعرضها قنوات عراقية تشرف عليها رقابة هيئة الاعلام الى جانب بعض العمايم، تجدها تخترق المشاهد والعبارات والمواقف التي يرمون حذفها إن تم حذفها فعلاً من مسلسل عادل امام.

اما الفنان محمد الشامي فقال: انا استغرب فعلاً أن تقوم قناة بشراء مسلسل بالملايين ومن ثم تحذف مشاهد منه، اذن كيف اشتروه، ألم يكن من الاجدر أن لا يقوموا بذلك اساسًا، انا اعتقد أن هؤلاء مثل المرأة التي تتحدث دائمًا عن الطبخ فيما طبخها سيىء، واعتقد أن الذين هويتهم الدينفقط لا ينتمون الى الحياة بفعل وعمل خير يفتخرون به، نحن اليوم تحت الفصل السابع ومادة 4 ارهاب، واعتقد أنه حتى عملية شراء المسلسل هي فساد مالي وادانة لهم، والمفروض أن تدعم الدراما العراقية.

وأضاف: لماذا لا نستطيع تقليد ايران يا ترى؟ لديها اناس مبدعون من السجادة (الكاشان) الى السينما، إنهم بحذفهم مشاهد من مسلسل درامي يذكرونني بالحملة الايمانية لـ(القائد الضرورة) حيث قطعوا يد ابو نواس بحجة أن الكأس فيها خمر، هذه كارثة وتلوت بيئي وسمعي، وسيحولون العراق من دولة الى تجمع سكاني، فالفكر العشوائي دائمًا هو من يحتمي بالدين لانفاذ نفسه من السخرية، والاحزاب الدينية تتشكل عندما ينتزع منها الايمان الحقيقي.

وقال: اعتقد أن السبب في حذف المشاهد من المسلسل هو لوجود أناس من بعض الاحزاب الدينية تسكر من الرائحةومن الصورة، وهم حساسون جدًا ، وشر البلية ما يضحك.