ليلى المر – "إيلاف_باريس":&عشتار كونيكشين، هوالعنوان الذي اختاره فوزي العائدي لأسطوانته الرابعة عشر والتي جمع فيها بين الموسيقى العربية التراثية والألكترو، والإيقاع، وضمنها باقة من أجمل أغنيات التراث من مختلف البلدان العربية مضيفاً اليها وشاحاً عصرياً.&علماً أنه نتاج لعمل مشترك مع ثلاثة شبان استغرق ثلاثة أعوام ليُطل بتوليفة تجمع&جيل الماضي مع جيل الحاضر، بإنسجام متلألئ عبر أعمال&جديدة&تنقل المستمعين إلى فضاء يتلاقى فيه الغناء واللحن الشرقي بإيقاعٍ غربي، حيث تنصهر أنغام العود مع الأكورديون والدرامس، والناي وغيرها.

&

&

وكان اللقاء مع "العائدي&في مساء باريسي ممطر، على مسافة بين مساحتين وزمنين، بعد نزوله من القطار وقبل ذهابه الى الفندق. وقبل يومين من سهرة إطلاق "عشتار كونيكشين". وهو لا يزال بعد أربعين عاماً على غربته&الفنان الذي&ولِد وترعرع في البصرة، ويعكس شخصيته في فنه. فقد اختار فرنسا كما يختار الحرية وبقي على وفائه لجذوره ووطنه الذي لم يزره منذ غادره إلا في أحلامه، وعبر موسيقاه، التي حولها الى فسحة لقاء بين الشرق والغرب.&

والجدير ذكره، أن اختياره لـ"عشتار" كعنوان لألبومه الجديد، لم يكن فقط للغناء عن الحب، بل لكونها ترمز الى طبيعة الحياة المليئة بالأضداد. فعشتار كانت إلهة الحب والحرب عند السومريين، والبعد الرمزي لم يقتصر على أسم الألبوم فقط. فقد اختار أن يكون حفل الإطلاق على متن سفينة على نهر السين، في إشارة إلى سندباد الذي انطلق من البصرة ليجوب العالم على متن سفينته.&

وفي هذا السياق،&يقول "العائدي":&"هناك حكاية مع كل ألبوم. عشتار كونيكشن، عمل مشترك تعاونت فيه مع فنان مبدع شاب إيطالي يعزف على سبع آلات، هو فانسان بونيفاس، الأكورديون، آلة القرب، الكلارينيت، الأوبوا، والناي، وولداي، أدريان عائدي، يعزف على الدرامس والألكترونيات، وأمين العائدي يعزف على الباس وتولى التوزيع."
وأضاف: "ضمنت الألبوم أغنيات من كافة البلدان العربية، وللإهتمام بتراثنا بتوزيع جديد حيث كان الإيقاع العربي مترجم بالألكترو."

وشرح على سبيل المثال أغنية "ياعين موليتين"، لسميرة توفيق ومنها عرفت أنها من التراث العراقي. الهادي الجوني من تونس، مع أغنية لاموني، التي تروي قصة مغرم بفتاة من الشعب وعندما سئُِل عن هذ الحب أجاب أنظروا اليها بعيوني وستفهمون. "هي وهاي وهية" أغنية من التراث العراقي، كما عملت على أغنية "ليلى"، من شعر امرؤ القيس، "نسًم علينا الهوى"، للأخوين رحباني، وفيروز، "شهلة لعياني"، من التراث الجزائري ل عبد القادر شعو، "وأنت دايز" للبشير عبدو من المغرب. "جارية" من شعر أبو نواس، في إشارة الى الجاريات اللواتي كن يغنين في بلاط هارون الرشيد. وأغنية "عربية"، من كلماتي مهداة الى المرأة العربية. وفي أغنية ترقص في الميدان في تونس تهو كتبت هذه الأغنية للربيع العربي. جمعت المغرب والمشرق في هذه الأسطوانة التي هي جسر بين الشرق والغرب". ويضيف: "عرفت منذ البداية أني موسيقي وكنت الوحيد الذي يعرف ذلك".

&


فوزي، عرف مدينته في أوجها يوم كانت مدينة الشعر والأدب والمقاهي الجميلة. لم يأتِ من عائلة موسيقية وعندما يتحدث عن اللحظة التي اكتشف فيها سحر الموسيقى، تراه يعود ذلك الطفل الذي ما زال العالم يدهشه ويقول: "حصل ذلك يوم عزف أستاذي أمامنا في الصف، وكان وجهه يحمل آثار حرق شوه بشرته، لكن أثناء عزفه على الكمان رأيته يتحوّل الى شخصٍ آخر، تحوّل الى شخصٍ جميل، اختفت آثار الحروق عن وجهه، عندها قلت في نفسي الموسيقى تجعل الإنسان جميلاً." &
ويتابع: "على إثر هذه التجربة بدأ اهتمامي بنوادي البصرة، كنت أسكن قرب المطار، ومحطة البصرة، ومرفأ البصرة، في قلب الشريان الذي يتدفق من خلاله الغرباء. قلب يعج بالحركة، حيث تجد خليطاً من البشر من كافة الجنسيات، والبصرة كانت مدينة تعيش مع الموسيقى بكافة ألوانها، موسيقى الغجر والأفارقة، خليط بين الشرقي والأفريقي، العراق فسيفساء ولم يكن لدينا أي تفرقة بين الثقافات والعرقيات العديدة".
ويكمل: "ثم تركت البصرة للدراسة في بغداد في المعهد العالي للموسيقى، أهلي كانوا معارضين بالطبع، لكني لقيت مساعدة الأصدقاء درست الأوبوا، وهي نوع من المزمار، وآلة العود وتعلمت الموسيقى الكلاسيكية والمقامات، كما تعلمين لدينا تراث موسيقي ضخم، البياتي، والحجاز، والرست والنهاوند فإلى جانب المقامات ال 7 الأهم لدينا 400 مقام في الموسيقى الكلاسيكية".
&
ويذكر "العائدي"_ الفخور&بعوده الذي صنعه له يعرب فاضل، المتواجد في بلجيكا_&الحادثة التي جرت له مع صدام حسين عندما كان رئيساً للحكومة في عهد أحمد حسن البكر، حين&منع الحكم الجديد مغادرة الشباب للعراق، ويقول: "كنت أعمل في إذاعة بغداد وكنت حاصلاً على منحة لإكمال دراسة الأوبوا، الكلاسيكي في فارصوفيا، وأثناء زيارة له لراديو بغداد طلبت منه المساعدة للذهاب لإكمال دراستي، فأكد لي أنه سيكون لي ما أبتغي، وبعد أسبوع وصلتني رسالة رسمية للخدمة العسكرية في شمال العراق. لكني غادرت بعدها إلى باريس، ودرست الموسيقى. وعندما ذقت طعم الحرية لم يعد بإمكاني العودة إلى الوراء."
ويضيف: "في العراق كنا نقصد بيروت كونها كانت متنفساً للمثقفين، وبعد باريس لم يعد بإمكاني أن أقبل بعداً آخر غير الحرية. والمنفى دفعني للإبداع، أن أضيف أشياءً جديدة على موسيقاي".

عمل هذا الفنان في ألبوم "عشتار"&لأول مرة على موسيقى عربية تقليدية ومعروفة و4 أغنيات من تأليفه مثل "يا حبيبي"، "عربية"، و"جارية". ويقول أن جمهوره متنوّع من العرب والفرنسيين المنفتحين على هذه الموسيقى. مشيراً إلى أنه عمل&على الدوام ليكون جسراً بين الشرق والغرب والتواصل&عبر الثقافة.&
ويضيف: "ثقافتنا هي الموسيقى، وبإيصال ثقافتنا إلى الغرب نكون قد كسبنا، الدين لا يجب أن يتعدى الدائرة الخاصة، والموسيقى هي لغة عالمية، أحاول إيصال أحاسيس، والثقافة هي أهم وسيلة لمحو الاختلافات".

&


في الاحتفال
ولقد تألق فوزي بأدائه وعزفه على العود الكهربائي التركي الأصل بمزيدٍ من الإضافات. والسفينة غصت بجمهور متحمس صدح بأغاني التراث وتمايل على أمواج الألكترو والسين معاً. وغب رده على السؤال "والآن بعد مسيرة ثلاثون عاما هل قدمت حفلات في الدول العربية؟"، أجاب:&"نعم، لكن كان ذلك على الدوام عبر المركز الثقافي الفرنسي. فبالنسبة لي، كنت معارضاً، وكان من الصعب أن أعود الى العراق.
وختم مضيفاً: "أحلم بأداء فني في الجزائر، لبنان، والعراق، وفي كافة الدول العربية بشكلٍ مباشر، فأنا لم أشارك حتى الآن في مهرجانات في الدول العربية."