إيلاف من بيروت: أثار الكاتب والمخرج بيركون أويا الكثير من الضجة في الأوساط الفكرية التركية، وما وراءها ، مع مسلسله الأخير Ethos المؤلف من 8 حلقاتتدور أحداثها في إسطنبول مع مجموعة غنية من الشخصيات.

يطرح العمل موضوعاً لا يمسّ المجتمع التركي فقط، بل المجتمعات العربية أيضاً، وهو تأثير المعتقدات الدينية الشعبيّة على علاج الاضطرابات النفسيّة، والتصوّرات المسبقة المغلوطة عن الآخرين تبعاً لخلفياتهم الدينية أو طبقتهم الاجتماعية.

منذ اللقطات الأولى، يضعنا المخرج بركون أويا على تماس مع شخصيتيه المحوريتين: عاملة التنظيف مريم (أويكو كرايل)، وهي فتاة فقيرة، محجبة، تقيم مع شقيقها وعائلته، والطبيبة النفسية بيري (دفنة كايالار)، ابنة العائلة الميسورة، البعيدة عن أي ممارسة دينية.

وتلتقي البطلتان في العيادة، حين تزورها مريم، بحثاً عن حلّ لنوبات اغماء متكرّرة، ولكن، عليها قبل أن تكمل جلسات العلاج النفسي، أن تأخذ إذن شيخ القرية.

يتأكد أويا من أن المشاهد لا يفوت معنى اسم مريم ، بعد أن تشرح لطبيبتها النفسية بيري (دفني كايالار) أنه يعني "مريم ، أم النبي عيسى". وبهذا تم تعيين مسار مريم، فهي الشخصية "الطيبة" العذراء في قلب الأحداث التي لا ترتكب أي خطأ.

تكتشف بيري سبب إغماء مريم في الحلقة الأولى أيضًا: أي شيء له علاقة بحفل الزفاف يبدو أنه يعمل كمحفز - حفل زفاف تحضره ، أو عرض زفاف على التلفزيون النهاري. لكن أهمية هذا الاكتشاف لا يتم تفسيره حتى وقت لاحق.

بيري "تركية بيضاء" نموذجية، تلقت تعليمها في أرقى المدارس، ودرست في الخارج، وعادت إلى تركيا لممارسة الطب النفسي. ويبدو أن تأثير مريم على طبيبتها، كان سلبياً. هكذا، تذهب بيري إلى عيادة المعالجة النفسية غولبين (تولين أوزن)، ولكن بدور المريضة هذه المرّة، لتحكي عن صراعها الداخلي تجاه مريضتها الجديدة.

يتبيّن أن تربية بيري الرافضة للتديّن، لا تستطيع أن تأخذ موقفاً موضوعياً من المريضة، لأنّها محجبة، ولأنّها تعدّ استشارة الشيوخ في أمور الصحة النفسية، من مظاهر "التخلّف".

حين تختلي غولبين بصديقها سنان (اليجان يوجيسوي)، تعبّر عن احتقارها لنظرة بيري المتعالية تجاه المحجبات، وعن تفكيرها بعدم استكمال الجلسات العلاجية معها.

ولكن، مع تقدّم المسلسل، نكتشف أنّها تعيش صراعاً مماثلاً، مع شقيقتها الكبرى غولان (ديريا كاراداس)، المحجبة والملتزمة دينياً. صحيح أنّ غولبين ترفض الأحكام المسبقة، لكنها في الوقت عينه تجد صعوبة في التواصل مع شقيقتها، الرافضة لنمط حياتها.

تعيش مريم مع شقيقها ياسين (فاتح أرتمان) وزوجته روحية (فوندا إريجيت) وطفليهما عصمة وإسماعيل. ياسين جندي سابق يعاني من مشاكل في السيطرة على الغضب، وروحية تعاني من اكتئاب عميق، بينما إسماعيل الذي يبلغ من العمر حوالي 3-4 سنوات، لا يتكلم. تحاول روحية الانتحار ، لكن الأطباء في المستشفى يتمكنون من إنقاذها.

تكشف الحلقات اللاحقة أنها ضحية اغتصاب، وقد اعترفت بهذه الحقيقة "المخزية" لياسين قبل زواجهما. لكنه مضى قدماً على أية حال، وقال لها: "كل ما يهم أن قلبك طاهر".

سنان (أليكان يوسيسوي)، الرجل الذي تذهب مريم لتنظيف منزله والذي تشعر بالإعجاب تجاهه، في الوقت الذي يعيش علاقات جنسية مع غولبين الطبيبة النفسية، وكذلك ميليسا (نسرين كافادزاد) ، الممثلة التركية التي صادقت للتو بيري في صف اليوجا.

هناك أيضاً هوجا (سيتار تانريوجين) الذي تحتاج مريم للحصول على مباركة منه لجلسات العلاج الخاصة بها، وابنته هيرونيسا (بيج أونال)، وهي محبّة جدًا لوالديها، لكنها تستمع إلى "الموسيقى الأجنبية" وهو أمر لا يلقى قبولاص بين أقرانها.

عندما توفيت زوجة هوجا مسعود في رحلة إلى القرية، أخبرته هيرونيسا أنها ستعود إلى الجامعة في قونية، بحسب الإتفاق مع والدتها قبل وفاتها. يشعر الحاج بالضيق لأنه لم يتم تضمينه في عملية صنع القرار ، لكنه يتماشى مع خطة ابنته. وتجدر الإشارة إلى أن هيرونيسا هي واحدة من شخصيتين مثليتين في المسلسل، كما تخلع حجابها قرب النهاية وتقول لوالدها المرتبك "أنا مستعد لمغادرة المنزل [هكذا]". ومع ذلك فإنه يقبلها.

إحدى مشاكل المسلسل هي أن كل شخصية تبدو وكأنها تمثل شريحة إجتماعية أو فكرية ما، كائنات بعضها ثنائي الأبعاد يقادون كقطع شطرنج على لوحة المخرج ليحركها كيفما شاء، وكلهم يعانون لسبب ما.