ظهر عارضو أزياء إلى جانب جذع شجرة باوباب معمّرة (تُعرف محليا بشجرة الحياة) ليمشوا على منصة العرض؛ فبسبب القيود المفروضة بسبب انتشار فيروس كورونا كان لا بدّ من تنظيم العرض في الهواء الطلق.
خلال عطلة نهاية الأسبوع افتتح أسبوع الموضة في العاصمة السنغالية تحت عنوان "المسؤولية البيئية"، وشارك فيه 20 مصمما تضمنت مجموعاتهم، سواء التي عرضت على المنصة أو التي تباع في المتاجر، ثيابا تصنع يدويا منذ زمن طويل في القارة، بدلا من اللجوء إلى المصانع بهدف الإنتاج بكميات ضخمة.
تشرح أداما ندياي، وهي مصممة أزياء ومؤسسة مشروع أسبوع الموضة في داكار أن كثيرا من المصممين أصبحوا جزءا مما يعرف بصناعة "الأزياء البطيئة" دون أن يدركوا ذلك. (والموضة البطيئة مصطلح يطلق غالبا على الصناعة اليدوية التي تحترم الإنسان والبيئة والحيوانات - عكس ما يجري في المصانع).
وتقول: "هذه الثياب مصنوعة هنا، ولا تصنّع بكميات كبيرة. كنا نشعر بالخجل من هذه الصناعة طيلة سنوات، لكننا الآن فخورون بها".
وفيما أصبح يعرف بالـ "الموضة السريعة"، يشتري المستهلكون، خاصة في الغرب، الثياب ويتخلصون منها بمعدل ينذر بالخطر، مما يتسبب في زيادة التلوث المرتبط بهذه الصناعة.
ووفقا لتقرير صدر عام 2017 عن مؤسسة Ellen Macarthur Foundation فقد انخفض متوسط عدد المرات التي تُرتدى فيها قطعة الثياب قبل التخلص منها بنسبة 36 بالمئة خلال السنوات الخمس عشرة الماضية.
كما أن التقرير يذكر أن عمليات الإنتاج والصباغة تستهلك كل عام حوالي 100 مليون طن من الموارد غير المتجددة، كما ينبعث منها كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري.
في عام 2015، بلغ إجمالي انبعاثات الكربون من إنتاج المنسوجات أكثر مما تسببت به الرحلات الجوية الدولية وعمليات الشحن البحري سوية.
كما أن المواد الكيميائية السامة المنبعثة من صباغة المنسوجات ومعالجتها تعد مسؤولة عن 20 بالمئة من تلوث المياه بسبب الصناعات العالمية.
ويذكر أن غالبية الأقمشة المستخدمة في أسبوع الموضة في دكار لهذا العام جرى استيرادها من الخارج، لكنها جُمّعت في أفريقيا.
وتوضّح أداما ندياي: "لا نصنع كل شيء هنا، لذا لا يمكننا ابتكار مجموعة سينغالية في حين أن موادها قادمة من تايلند. لكننا على الأقل اتخذنا زمام المبادرة وقمنا بأمور محددة هنا".
وتماشيا مع موضوع البيئة، أقيم العرض، يوم السبت الماضي، في غابة أشجار الباوباب - التي تعرف محليا بأنها أشجار الحياة.
لكن الأجواء تعكرت بسبب أكوام من زجاجات الماء والمظلات والحصائر والملصقات التي يظهر عليها شعار الشركة الراعية للحدث والتي تتخصص في تعبئة المياه.
وتنتشر زجاجات كيرين في كل مكان على طول شوارع دكار وسواحلها التي يعرف عنها أنها غارقة في النفايات البلاستيكية.
لكن ندياي تقول إنها قبلت الحصول على دعم الشركة لأنها كانت بحاجة إلى دعم مالي، كما أن الشركة تعهدت بإطلاق برنامج لإعادة التدوير.
وقالت: "بالنسبة لي، حتى لكي أكون قادرة على الحديث عن مواضيع الاستدامة، يجب أن أحصل على الدعم ، لأن كل هذا يكلف المال".
وقالت بيل جاكوبس، إحدى مؤسسات حملة فاشن آكت ناو Fashion Act Now، إنه يجب الاعتراف بدور أسبوع الموضة في داكار بفضل مشاركته في الحديث الدائر حول الاستدامة والاستهلاك المفرط.
وتشتهر حركة جاكوبس باحتجاجاتها بهدف إلغاء أسبوع الموضة في لندن.
وقالت: "إن أسابيع الموضة موجودة للترويج تحديدا لفكرة الاستهلاك المستمر للملابس الجديدة". وتضيف: "لا يزال ممكنا أن تكون هذه الأسابيع احتفالا بالإبداع والخيال والابتكار. ولكن نحن بحاجة لأن يكون كل شيء موجها نحو الأزمة التي يمر بها الكواكب".
وأشارت جاكوبس أنه بحلول عام 2023، سيُطلب من المصممين خلال أسبوع الموضة في كوبنهاغن تلبية مجموعة شروط تتكون من 17 شرطا يتعلق بالاستدامة حتى يكونوا مؤهلين للمشاركة بالعرض.
ومن ضمن هذه المتطلبات، استخدام 50 بالمئة من المواد المعاد تدويرها أو المواد العضوية، والتعهد بعدم إتلاف الملابس غير المباعة واستخدام التغليف الصديق للبيئة.
كلمات وصور: أنيكا هامرشلاغ.
التعليقات