إيلاف من القاهرة: بفيلمه الجديد الذي حصد ثلاثة جوائز ( جائزة الإتحاد الدولي للنقاد ، جائزة أفضل فيلم عربي ، وجائزة هنري بركات لأفضل إسهام فني ) بالدورة الرابعة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، واصل المخرج أحمد عبدالله تواجده وتمثيله المشرف للسينما المصرية.

عن الفيلم الذي تدور أحداثه حول حارس عقار عجوز يعيش في فيلا متداعية تفرض عليه الظروف مواجهة مع شاب، وعن المهرجان والسينما ورؤيته الإخراجية، كان الحوار التالي مع إيلاف:

*قدمت في "19 ب" تجربة سينمائية مختلفة تعود بها للتجارب التي قدمتها قبل تجربتك الأخيرة في "ليل خارجي"، هل كان هذا الأمر مقصود؟

- مهتم برؤيتك للفيلم، لكن بالنسبة لي لا احب أن اقدم فيلم يشبه عمل قدمته من قبل، أحاول في كل أفلامي الابتعاد عن التجارب السابقة، وهذه أزمتي مع الجمهور أيضاً، فمثلا بعض الجمهور أحب فيلم "ميكروفون" وحمسهم الأمر لمشاهدة فيلم "فرش وغطا" فوجدوه مختلفاً تماما، وشعروا بالحزن أو الإحباط، لكني أحب تلك اللعبة مع الجمهور في كل مرة اقدم بها فيلم سينمائي.

*هل تحاول أن لا تلزم نفسك بنمط معين؟

- في كل تجربة جديدة أحب أن افاجئ نفسي، فأنا أرى أن السينما لعبة، وأحب المشاركة في اللعبة الحلوة، ولو قدمت السينما التي اعتدت عليها في كل تجربة لن اشعر بالسعادة، رغم رؤيتي أن هذا الحل سيكون آمن جداً وكثير من المخرجين حول العالم يتبعونه، ويكونوا مخلصين لتصوراتهم السينمائية بعكسي حيث أسعى لهدم تصوراتي من وقت لآخر.

*ما هو طموحك من التجربة الجديدة في "19 ب"؟

بالنسبة لي أكثر طموح هو أن يلقى الفيلم أكبر قدر من فرص العرض جماهيرياً، فطبيعة الأفلام التي اقدمها ليس بالضرورة أن أجد لها فرص عرض كثيرة، والحمدلله الآن أصبح لدينا المنصات الرقمية التي اعتبرها نعمة ونقمة بالوقت ذاته.

*عن تجربة التعامل في التصوير مع الحيوانات ؟

- بلا شك، فخلال التصوير تعاملنا مع 14 كلب وقطة، وجميعهم غير مدربين، فهم كلاب وقطط من الشارع، وفي أغلب الأوقات كانت ترفض الكلاب العمل وهو ما كان يمثل كابوساً لفريق الإخراج والإنتاج بسبب تعطيل الكلاب للتصوير، لذا كانت سلطة الحيوان أكبر من سلطتنا في العمل لدرجة أن التصوير سيتم أو لن يتم في اليوم بحسب ما يراه الكلب.

*لماذا تم اختيار سيد رجب للقيام بدور البطولة في الفيلم؟

- سيد رجب ممثل مظلوم، أحبه من فترة مراهقتي، لأنني عندما بدأت اهتم بالسينما شاهدته على خشبة المسرح فهو ممثل مسرحي مهم، وفترة التسعينات كانت مليئة بالعروض المسرحية والورش التي خرجت ممثلين كثر منهم سيد رجب وأحمد كمال وغيرهم من الممثلين أصحاب الطبيعة الخاصة، فكنت استغرب تمثيله مع فرقة الورشة وأراه مبهج لذا حاولت العمل معه في عمل سينمائي، وبالفعل كان هناك مشروعين لكن الظروف حالت دون اتمام العمل فيهم حتى جاءت تجربة "19 ب" التي قدمها بشكل متميز للغاية.

*هل تبذل مجهود أكبر عندما تتعامل مع ممثل من خلفية مسرحية؟

- عند العمل مع أي ممثل، نتحدث كثيرا قبل البدء في الفيلم عن تصوره وما نريده وكل تلك الأمور، في بعض الأحيان ليس بالضرورة أن يكون الممثل مسرحيا لتكون طريقته مختلفة، فمن الممكن أن يكون ممثل تلفزيوني ولكن بسبب ظروف السوق والأعمال الرديئة طريقته في التمثيل تغيرت وأصبحت سهلة، وإقناع هؤلاء الممثلين بأن الفيلم مختلف ويحتاج لطريقة عمل مختلفة يحتاج إلى جهد وعمل فقط.

*الأغاني في الفيلم كانت مزيج بين الماضي والحاضر، كيف تم اختيارها؟

يختلف الأمر بحسب كل فيلم، أحاول في كل تجربة عدم استخدام موسيقى معدة مسبقة لها، وفي فيلم "19 ب" استخدمنا حوالي 4 مقاطع موسيقية مُعدة مسبقا للفيلم، كل منها لا يتجاوز الـ40 ثانية، لكن بقية الفيلم يستمع المشاهد للأغاني، وهو عكس ما حدث بفيلم "ليل خارجي" حيث كان استخدام الأغاني أسهل لأن الفكرة كانت داخل تاكسي، وبالتالي كان من السهل توظيف الأغاني مع المشاعر في الأحداث، فأنا أحب لعبة استخدام الأغاني وصوت الشاعر، رغم أنه يكون أكثر تكلفة على المنتج، لأن هناك أزمة في الحصول على حقوق الملكية.

*حدثنا عن تفاصيل التحضير للفيلم خلال الفترة الماضية؟

- استغرق العمل على الفيلم نحو عام ونصف تقريباً ما بين تحضير حتى الانتهاء منه بالكامل، وصورنا الأحداث على مدار 4 أسابيع، وخلال فترة التحضير أمهلتنا المنتجة يارا جبران شهران لاختيار مكان التصوير وبحثنا عن فيلات قديمة في الاسماعيلية والصعيد والإسكندرية، لكن الفيلا التي جرى التصوير فيها رشحت لنا في يوم كان يفترض أن نقوم بمعاينة 4 فيلات آخرى لكني وافقت عليها فور رؤيتها لأنها تحقق كل ما جرى تخيله في السيناريو بلا استثناء بما فيها موقعها بين عمارتين تم بناءهما حديثا، وهو شئ صعب للغاية الآن.

*عندما شاهدت الفيلم شعرت بأن به تقدير للعزلة وأهمية أن يكون الإنسان على حريته

أتمنى أن يكون الجمهور لاحظ نفس الرؤية الخاصة بك، فالفنان لا يطالب شخصا بشيء، من الممكن أن تستجيب لما يحدث في الفيلم ومن الممكن أن تقابله بعدم استجابة، والفيلم كُتب أصلا في فترة العزلة فكان محملا بمشاعر العزلة، وفي النهاية ظهر الفيلم مُحمل بالأسئلة الخاصة بالوحدة وكيفية أن تعيش مع خوفك؟

*ماذا عن مشروعك المقبل؟

- العمل القادم حتى الآن هو "19 ب" لأنه لم ينتهي بالنسبة لي حتى الآن، ولا زال لدينا عمل كثير، ونبحث عن العرض التجاري للفيلم، أو طرحه على منصة "شاهد".