عندما دعتني زوجتي إلى مشاهدة فيلم أفاتار - طريق الماء فور طرحه قبل نحو ثلاثة أسابيع لم أكن متحمسا فقد كانت تجربة مشاهدتي للفيلم الأول قبل ثلاثة عشر عاما ليست أفضل تجاربي.

لكن المخرج جيمس كاميرون الذي يستغرق وقتا طويلا في إنتاج أفلامه عوَّدنا على المفاجآت.

وعندما قدم لنا كاميرون فيلم تايتانك في عام 1997 كانت قصة الحب بين روز وجاك سيدة الموقف. نهاية الفيلم افترضت تفضيل وفاة البطلين معا على ظهر تايتانك بدلا من نجاه أحدهما وقد تركت آثارا نفسية عميقة في كل من شاهد الفيلم.

ثم أطل علينا مرة أخرى كاميرون بتقديم فيلم أفاتار الأول عام 2009 وكان على العكس تماما من فيلم تايتانك عندما كانت الصورة هي العامل الأساسي في الفيلم، وأراد كاميرون أن يقدم سينما ثلاثية الأبعاد في أبهى صورها مستعرضا التقنيات الفنية التي تقدمها مثل هذه الأفلام.

وقد أصبح الفيلم واحدا من أكثر الأفلام تحقيقا للإيرادات في تاريخ السينما واقتربت من ثلاثة مليارات دولارات.

وبعد نحو ثلاث عشرة سنة جاء فيلم أفاتار: طريق الماء ليمزج بين القصة والصورة في عمل يحمل أفضل العناصر التي حملها تايتانك بما فيها استخدام عنصر البحر والماء وقصة الحب والعائلة وأفضل العناصر التي حملها فيلم أفاتار وهو الإبهار البصري الكبير.

قضايا الأسرة المعاصرة

منذ بداية الفيلم يبدو جاك (سام وورثينغتون) فخورا بأسرته، سعيدا وسطهم، حريصا على التقاط الصور معهم وهو يردد عبارة "السعادة أمر بسيط لا يكلف الكثير" ، الفيلم أيضا - وبعد معارك طاحنة - ينتهي بالتئام شمل الأسرة معا في جو من السعادة الممزوجة بالشجن بعد أن فقد جاك وزوجته نيتيري أحد أبناءهم في المعارك التي دارت رحاها على كوكب باندورا.

ويُظهر الفيلم كوكب باندورا على أنه كوكب غني جدا بالموارد، بينما يحاول بعض الأشرار من كوكب الأرض السيطرة على هذا الكوكب واستثمار موارده واستهداف قيادات القبائل الأصلية التي تعيش عليه وترفض الاستسلام.

وقد أكد كاميرون أنه عمل مدة عام ونصف مع الممثلين على تطوير أداءهم التمثيلي ليتمكن من إحداث التأثير الانفعالي المطلوب بالقصة لدى المشاهدين.

وقالت زوي سالدانا التي لعبت دور نيتيري زوجة جاك إن فكرة الحفاظ على الأسرة وحمايتها وسط الحروب والصراعات تشغل الكثيرين وهي لب القصة في هذا الفيلم.

الفيلم أيضا قدم الفتاه (توك) ابنة جاك ونيتيري والتي كانت توصف من قبل أقرانها بأنها غريبة الأطوار ولكن الفيلم يطرح قضية أن الأطفال الذين نظنهم انطوائيين أو غريبي الأطوار يحملون بين جوانحهم مشاعر وبصيرة وقدرات هائلة تجعلهم رصيدا كبيرا لأسرهم وللمجتمع كما ستسهم توك في حماية الأسرة من الأعداء في نهاية الفيلم عن طرق بصيرتها النافذة.

التقنيات ثلاثية الأبعاد

يركز الإبهار البصري في هذه المرة، كما هو واضح من التسمية، على التصوير تحت الماء، وباستخدام النظارة ثلاثية الأبعاد يشعر المشاهد وكأنه بالفعل تحت الماء مع الممثلين.

الإبهار في إظهار الكائنات البحرية والأضواء تحت الماء بل والمشاعر التي تظهرها الكائنات البحرية ومن بينها الحيتان وكيف تعبر عن تلك المشاعر هي مما يميز الفيلم من الجانب البصري.

افاتار
Getty Images
المخرج جيمس كاميرون (إلى اليسار) مع نجمي الفيلم سام وورثينغتون وزوي سالدانا

ومن التقنيات التي استخدمها كاميرون هي إنتاج صورة حركة أفاتار عن طريق الكمبيوتر CGI واستخدم الذكاء الاصطناعي في بناء العناصر المختلفة لكوكب باندورا.

الكاميرا المتأرجحة Swing camera لديها القدرة على مزج صور الممثلين مع البيئات الافتراضية التي يظهرون فيها. تقنية Deep X مكنت كاميرون من تصوير صور ثلاثية الأبعاد تحت الماء وهذه التقنية تقوم بالتصوير بكاميراتين في الوقت نفسه.

لقد أصبح إنتاج الأفلام حاليا يمثل معركة تقنية خلف الكاميرات لتقديم الرؤية الإبداعية لمخرجين مثل كاميرون بصورة حقيقية. هذه المعركة تتضمن عمل مهندسين ومتخصصين في معالجة البيانات وخبراء اتصالات، كل هذا يضاف إلى قوة القصة وروعة الآداء.

وبعد ثلاثة أسابيع من طرحة يقترب فيلم أفاتار - طريق الماء من بيع تذاكر بقيمة ملياري دولار وبذلك الفيلم أصبح من أكثر سبعة أفلام أرباحا في تاريخ السينما وعلى الرغم من ذلك وخلال ثلاثة أسابيع لم يحقق الفيلم أية جوائز وكانت آخر الإخفاقات في جوائز غولدن غلوب.

"أفاتار: طريق الماء" يحقق أكثر من مليار دولار خلال 14 يوما

تفاصيل جديدة حول الأجزاء القادمة من فيلم "أفاتار"

العودة للسينما مقابل نتفليكس

تقديم الإبداع التقني في السينما ثلاثية بأبهى حلله وأكثرها جاذبية والأرباح التي جناها الفيلم حتى الآن أسباب دعت كاميرون للتصريح بأنه يتمنى أن يكتفي الناس من مشاهدة الأفلام في بيوتهم عن طريق خدمات بث الأفلام مثل نتفليكس ويعودوا مرة أخرى الى السينمات.

وأكد كاميرون قبيل توزيع جوائز غولدن غلوب أن أفاتار - طريق الماء أثبت ذلك. وقال كاميرون إنه كان قلقا من انكماش سوق السينما بسبب أزمة وباء كورونا ولكن الإيرادات التي حققها الفيلم بددت مخاوفه.

كيت
Getty Images
أعاد كاميرون تقديم الممثلة كيت وينسلت إلى أفلامه بعد ربع قرن من العمل معها في فيلم تايتانك

أعاد كاميرون تقديم الممثلة، كيت وينسلت، إلى أفلامه بعد ربع قرن من العمل معها في فيلم تايتانك.

ولعبت وينسليت دور رونال وهي زوجة زعيم القبيلة التي تحترف الصيد والتعامل مع الماء على خلاف قبيلة جاك التي كانت تتخصص في عالم الغابات.

وتقول وينسلت إن التجربة كانت مختلفة عن تايتانك. لكنها أثنت على وضوح رؤية كاميرون والعالم الذي أوجده والجو الذي بناه والثقة التي أعطاها لفريق العمل وأكدت أنها ستشارك في فيلم أفاتار 3 الذي بدأ كاميرون في تصويره بالفعل.