إيلاف من تورتنو: عرض الفيلم السعودي الجديد "هجان" في الدورة الحالية من مهرجان تورنتو السينمائي الدولي ضمن قسم "اكتشافات" وهو الفيلم الذي يخوض به المخرج المصري النمساوي أبو بكر شوقي تجربته الثانية في الأفلام الروائية الطويلة.

في هذا اللقاء يتحدث أبو بكر شوقي عن الفيلم وتحدياته التي خاضها خلال مرحلة التحضير التي انطلقت من فكرة استمر عليها خلال السنوات الماضية وصعوبات كثيرة مر بها ليصل للصورة النهائية التي شاهدها الجمهور للمرة الأولى في المهرجان الكندي الشهير...

*ما سبب حماسك لتقديم تجربتك السينمائية الجديدة "هجان" خاصة وأنه ليس مشروعك الخاص كالذي حصل في فيلمك السابق "يوم الدين"؟

- أسعى دائماً للبحث عن الأفكار الجديدة، لكن فكرة سباق الجمال تحديدا جذبتني، لأنني شعرت بأنها عالم جديد لم نشاهده من قبل في السينما، بالإضافة إلى كونها رياضة غير معروفة بكثرة، لذا اعتبر أن الفيلم كان بمثابة تجربة لتقديم عمل كبير عن الصحراء من منظورنا نحن ومنحنا فرصة لاستخدام الفلكلور العربي، خاصة مع التطورات التي تحدث فمثلا السباقات الحديثة لا يوجد بها "هجانة"، لذا كنت حريص على إظهار التطور الذي حدث عبر السنوات في هذه النوعية من السباقات والعالم الخاص بها الذي لا يعرفه الكثيرين.

أبو بكر شوقي، مخرج مصري نمساوي يخوض تجربة سينمائية عن سباقات الجمال في السعودية، الم تشعر بالخوف من هذا التحدي الصعب؟

تكمن متعة العمل في التحدي، فعندما تدخل عمل لا تعلم عنه شيئاً تبدأ في مرحلة استكشاف العالم الذي ستقدمه للجمهور، وعند التحضير للفيلم لم يكن لدي المعلومات الكافية بالفعل، لكن ذهبت إلى الصحراء وجلست مع أشخاص متعددين ليتحدثوا معي عن عالمهم الخاص وعلاقتهم بسباقات الجمال بعدما أخبرتهم بأنني سأقوم بتقديم عمل سينمائي عن "الهجانة" وسمعت وتعرفت على العديد من المصطلحات الخاصة بهم التي لم أكن أعرفها أو افهم معناها بالإضافة إلى أنني سمعت قصص مختلفة عن هذا العالم.

*عادة ما يعمل صناع الأفلام خلال التحضيرات إما على السعي لمخاطبة المهرجانات السينمائية بأعمالهم أو الجمهور عبر شباك التذاكر، أشعر في هذا العمل وكأنهما صنع للغرب بشكل خاص؟

لا أعتقد أن الأفلام يتم توجيهها لمكان معين، التوجه للغرب لا يكون في مخيلتي عندما أعمل على مشروع سينمائي حتى في الأفلام القصيرة التي أقدمها، فما أسعى إليه دائما هو تقديم فيلم جيد يستطع أي شخص مشاهدته بأي مكان في العالم، وما أعمل عليه هو تقديم أفلام عالمية تسعد جمهور السينما خلال مشاهدتها بغض النظر عن جنسية العمل الذي أقدمه، ولا أفكر في تحديد الجمهور بقدر ما يكون الفيلم موجه للجمهور في العالم أجمع.

الفيلم نتاج عمل أكثر من كاتب، فكيف جرى التحضير؟

- الكتابة كانت بالمشاركة بين الكاتب المصري عمر شامة والكاتب السعودي مفرج المجفل بجانبي، وخلال العمل الذي استمر لشهور طويلة حاولنا استخراج قصة أساسية في البداية للعمل عليها ثم انتقلنا إلى التفاصيل، فكانت الكتابة مشتركة بيننا وهذه هي المرة الأولى التي اعمل فيها على فيلم سينمائي بهذه الطريقة حيث كنت أقوم بالكتابة في السابق بمفردي لذا اعتبر أن التجربة كان بها إثراء لنا جميعاً، وكل شخص قدم خبرته لصالح الفيلم.

*سافرت إلى بلدة "رماح" مسقط رأس الكاتب مفرج المجفل وحاولت العيشة هناك والعيش مع الإبل ومعرفة سلوكها ؟

- بالفعل، خلال التحضيرات سافرت إلى الرياض برفقة عمر شامة وانتقلنا إلى بلدة "رماح" لنتعلم أكثر عن هذا العالم وبشكل أعمق، وقبل هذه الزيارة كنت قد ذهبت بمفردي لمنطقة "وادي رم" في الأردن لمعرفة تفاصيل أكثر عن سباقات الهجن خاصة وأن لديهم سباق يقام كل عام فكانت فرصة حضوره لمعرفة هذا العالم وطبيعته وفهم ثقافته وكيفية تعامل المتسابقين مع الجمال من الأمور الهامة للغاية خلال التحضير.

*بعد مشاهدة الفيلم في عرضه الأول ظهر واضحاً غياب مرجعية واضحة للهجة خلال حديث الأبطال، فهل كان هذا مقصودا؟

- يوجد اختلاف لهجات في الفيلم نظراً لطبيعة التصوير في عدة مناطق خلال الأحداث، في الجزء الأول على سبيل المثال تجدهم يتحدثوا اللهجة الجنوبية أو الشمالية وكلما تطورت الأحداث تتغير اللغة بحسب المنطقة المتواجدين فيها.

*ما هي الصعوبات التي واجهتك خلال التصوير؟

- ثمة صعوبات عدة في الفيلم بداية من التصوير في الصحراء مروراً باختيار مناطق يصعب الوصول إليها ولم يتم التصوير فيها من قبل، فضلاً عن التصوير خلال فصل الشتاء فكان البرد قاسياً وتصوير الجمال في مثل هذه الأمور ليس أمر سهل على الإطلاق فتصوير السباقات نفسها كان يتطلب صبر ووقت أيضاً في بعض الأحيان كانت لدينا فرصة واحدة فقط لتصوير الجمال وهي تجري، لكن استطعنا التغلب على هذه الصعوبات بفضل فريق عمل جيد جداً.

*الموسيقي التصويرية للفيلم تجمع بين "الهُوبال" و"الأبل" وقدمها الموسيقار المتميز أمين بو حافة، كيف جرى العمل على الوصول لهذه الصيغة الموسيقية المعبرة بشدة عن مضمون العمل؟

- من بداية التحضيرات وكنا على علم أن "الهُوبال" سيكون جزءا كبيرا من الفيلم، لذا كان من السهل أن نستخدمه في الموسيقى الخاصة بالفيلم، وأمين بو حافة قدم عمل جيد جدا بأنه اتخذ "الهُبال" الموجود في الفيلم وقدم به التيمة الأساسية لموسيقى الفيلم، كما استخدم أيضا الآلات الموسيقية العربية الأصيلة، وحولها لموسيقى كبرى للفيلم وأضفت طابع متميز على العمل.

*بعد عرض الفيلم للمرة الأولى في تورنتو، هل تعتقد بأن الغرب يحب رؤية السعودية بصورة معينة مرتبطة بالنفط والجمال والصحراء، رغم حديثك بعد الفلم مباشرة بأن السعودية أكبر من ذلك؟

- العالم الخاص بنا ثري جدا بالحكايات والقصص، والتيمات التي يمكن تقديمها في أفلام، في بعض الأوقات أشعر بالاستغراب من أن يفكر أحد في أننا سنقدم أفلام من نوعية معينة أو عن تيمة معينة، نحن نستطيع تقديم أفلام مثلما يقدم أي شخص، فنستطيع تقديم أفلاما للتسلية أو غيرها، لذا أرى أن جزء كبير من الأفلام يكون للتسلية حتى تشاهدها الناس وتسعد بها، ونستطيع تقديم أفلام عن كل الأشياء الثرية في الوطن العربي.

*وبالنسبة لتوقعك بشأن استقبال الجمهور السعودي للفيلم؟

- سأكون سعيداً بوصول الفيلم للجمهور ومشاهدتهم له، وأعتقد أنهم سيرون شيء جيد خاصة وأن الفيلم ينتمي لنوعية أفلام المغامرة والأكشن عن سباقات الهجن وهي تيمة لا اعتقد أنها قدمت في السينما السعودية من قبل.

*ما بين تجربتك الأولى في الأفلام الروائية الطويلة والثانية أربع سنوات، هل سيكون فيلمك الثالث بعد نفس المدة؟

- تمنى أن يكون في وقت أقصر من ذلك، خاصة وأنني سأبدأ في تحضير فيلم جديد قريباً، لكن الإنتاج السينمائي يعتمد على أمور كثيرة منها المرتبط بجداول ورحلات البحث عن التمويل وأشياء آخرى وأتمنى أن يسير الأمر بشكل أسرع واستطع تقديم فيلم كل عام.