أدت الطاقة البديلة دوراً أساسياً في الحفاظ على النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع اضطرار هذه الأخيرة إلى تنويع توريدات الطاقة على نطاق واسع في وجه الطلب المحلي المتزايد والمتسارع على الطاقة، وهو طلب من الصعب تلبيته بسبب انعدام التوازن الذي تخلّفه الصادرات النفطية والغازية.

دبي:
يتعيّن على المنطقة أن تعزّز من فاعلية استخدامها للطاقة وأن تباشر باستمداد الطاقة المرادة من مصادر وتكنولوجيات بديلة تتّسم بالفاعلية وبقابلية التطور من جهة، وتكون مجدية تجارياً من جهة أخرى لتتمكّن من أن تحوّل نفسها من منطقة تعتمد أعتماد كلي على النفط إلى منطقة تحتلّ مكانة بارزة وتتميّز باقتصاد متوازن ترسو دعائمه على الوقود البديل على حد ما جاء في آخر تقرير أصدرته شركة الماسة كابيتال المتخصصة في إدارة الأصول البديلة تحت عنوان quot;إطلاق إمكانات الطاقة البديلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقياquot;.

بحسب هذا التقرير، بدأ تطوير الوقود البديل يستجمع قواه في المنطقة تماشياً مع التزامات الحكومات الإقليمية بتوفير الطاقة والتخفيف من استهلاك الوقود الأحفوري. وفي حين أنّ الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة يتطلّب ويستلزم بناء منشآت هوائية وشمسية ونووية وغيرها من المنشآت الخضراء بشكل يتغيّر فيه طابع المنطقة تغييراً كبيراً، تستوجب الطاقة الخضراء لا بل تفرض على المنطقة ككل أن تغيّر وتبدّل خريطة توريداتها من الطاقة في المستقبل القريب.

وقد صرح عضو مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة الماسة كابيتال، شايليش داش، quot;باتت الطاقة الجديدة ومنها محطات الطاقة الهوائية والشمسية والنووية والتكنولوجيات النظيفة والمحافظة على البيئة ضرورة ملحة للمنطقة لتتمكّن من تلبية الطلب على الطاقة. ولا يسعها أن تحقّق ذلك إلا باحتفاظها بمصدر غذاها - أي النفط - على المدى الطويلquot;.
وأضاف داش بالقول إنّ الاستثمارات الهائلة التي تضخها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الصناعات التي تستخدم الطاقة بكثافة، وفي تطوير البنى التحتية والعقارات إلى جانب التزايد السكاني واستهلاك الماء أدت جميعها إلى الزيادة في الحاجة إلى الطاقة.

والبرهان على ذلك، ارتفع إجمالي استهلاك الطاقة الأولية في منطقة الشرق الأوسط بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 5.3% خلال الفترة الممتدة من عام 1999 إلى عام 2009. ويُعتبر هذا المعدل ثاني أعلى معدل مسجل عالمياً بعد المعدل الذي سجلته منطقة آسيا والمحيط الهادئ عن الفترة الزمنية نفسها.

سجلت المنطقة ككل معدل نمو سنوي متوسط بنسبة 4% في مجال استهلاك النفط خلال العقد (1999-2009) وهذه نسبة تزيد عن النسبة المسجلة في العقد الذي سبقه أي من عام 1989 إلى عام 1999 بنسبة 3.2%. و بالمثل بالنسبة لاستهلاك الغاز الذي ارتفع بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6.6% في الفترة الممتدة بين سنة1999 و2009 بالمقارنة مع ارتفاع بنسبة 6% فقط عن الفترة الممتدة بين سنة 1989 و1999.

بفضل النفط الذي يسهم تقريباً بخمسين في المئة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي، يرتبط ازدهار المنطقة الاقتصادي ارتباطاً وثيقاً بالهيدروكربونات. فدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمتلك ما يقارب 61% من احتياطي النفط في العالم و45% من احتياطي الغاز الطبيعي فيه.
quot;ولكن مع نمو الطلب العالمي على الطاقة وزيادة نسبة الاستهلاك المحلي، بدأت نسب الإنتاج تزداد بحدة مؤدية بذلك إلى استنفاد الموارد بسرعة أكبرquot; كما علق داش.
والبرهان على ذلك أنّ نسبة احتياطي النفط إلى الإنتاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تدنّت من أكثر من 110 سنوات في عام 1989 إلى 85 سنة في عام 2009 في حين أنّ نسبة احتياطي الغاز الطبيعي إلى الإنتاج تدنت بدورها من أكثر من 368 سنة عام 1989 إلى 187 سنة تقريباً عام 2009.
وبالإضافة إلى ذلك، تسدّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 98% من حاجاتها إلى الطاقة الأولية بالنفط والغاز.

quot;كثرة الموارد الهيدروكربونية وانخفاض التكاليف عنصران باتا يتسببان بهلاك المنطقة وبزيادة استهلاك الطاقة فيها على مر السنينquot;.
quot;وبالتالي، يبقى الحفاظ على هذه الموارد ضرورة ملحة لأنّ كمياتها محدودة وتسهم مساهمة كبيرة في توليد عائدات تصدير هائلة للمنطقة لتدفع باقتصادها إلى التطور. ولذلك، تنصبّ الجهود حالياً على تطوير موارد بديلة للطاقة بما يكفي لتلبية استهلاك الطاقة محلياً والحفاظ على احتياطي الطاقة القيّم والثمينquot;.

وأضاف داش أيضاً قوله إنّ مشاريع الطاقة البديلة كثيرة حالياً في المنطقة وهي قيد التنفيذ على الرغم من أنّ الاستخدام الحالي للطاقة البديلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أدنى مستوياته الآن. إن المشاريع التي لا تزال في قيد التخطيط كثيرة ولكن لا شك في أنّ الجهود المنصبة على ذلك ستحصد ثمارها في نهاية المطاف. المهم هو أن المنطقة قد أدركت هذه الحاجة اليوم قبل الغد حينما ربما يكون الأوان قد فاتquot;.

عام 2007، ساهمت الطاقة المتجددة بنسبة 3% تقريباً في إجمالي الكهرباء المولدة في منطقة الشرق الأوسط. لكنّ توليد الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ازداد بمعدل نمو سنوي مركب قدره 8.4%بين عام 2000 وعام 2007 مع احتلال كل من مصر وإيران مرتبة الصدارة في استخدام الطاقة الخضراء.
من الجدير ذكره أنّ دول مجلس التعاون الخليجي الست التي هي أبرز مصنّع للنفط والغاز كانت متأخرة في استخدام مصادر الطاقة المتجددة. quot;لم تبدأ هذه الدول بإنتاج الطاقة المتجددة إلا في عام 2008. غير أنّ مشاريع الطاقة البديلة أكثر توسعاً بحيث أنّ العديد منها قيد التنفيذ حالياً والقسم الآخر المتبقي منها قيد الدراسة والمراجعةquot;.
عام 2008، كانت حصة مصر من الطاقة المتجددة الإجمالية الحصة الكبرى (56.8%) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حين أنّ حصة الجمهورية الإيرانية حلّت بعدها (18%).

quot;تُعتبر الطاقة الكهرمائية أكثر أنواع الكهرباء تطوراً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كما أنّها الكهرباء غير المولّدة بالوقود الأحفوري. وفي هذا الحقل، تتصدّر الجمهورية الإيرانية الصدارة لأنّها تتمتع بأكثر مصادر الطاقة الكهرمائية تقدماً وتطوراً وولّدت في عام 2009 10% من كهربائها بالطاقة المائيةquot;.
بسبب الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تحتله منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تؤدي الأحوال المناخية الطاغية عليها إلى تطوير مصادر للطاقة المتجددة لا سيما منها الشمس والهواء. فالصحراء الشاسعة مثالية للطاقة الشمسية أما الشواطئ الممتدة على طول البحر الأبيض المتوسط فملائمة للطاقة الهوائية.

بفضل الشمس التي تبقى ساطعة على مدى 8.8 ساعات في اليوم تقريباً والغيوم المنخفضة الارتفاع، وقلة الأمطار ووفرة المساحات الخالية، تتمتع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأكثر الموارد مادية لإنشاء محطات توليد طاقة شمسية واسعة النطاق.

بحسب وكالة الطاقة الدولية، تستطيع محطات الطاقة الشمسية المركزة أن تسدّ استهلاك الطاقة في كل من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا معاً بمئة أضعاف.
quot;تكتنز منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكبر مورد ألا وهو أشعة الشمس التي تمكّنها من تلبية الطلب على الكهرباء عالمياًquot;.
واستناداً إلى الأحوال المناخية والموقع الجغرافي، كشفت شركة الماسة كابيتال أنّ مصر تتمتع بأفضل الموارد المادية لتطبيق التكنولوجيات الشمسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتليها كل من سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة.

أما بالنسبة للاستهلاك الحالي، فقد قام المغرب بتثبيت أكبر ألواح ضوئية لتوليد الطاقة الشمسية في المنطقة.
ليس ما تقدّم سوى ملخص سريع عن وضع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لكنّ التقرير المفصّل الذي أعدته شركة الماسة يتضمّن بحثاً معمقاً عن الموضوع ويلقي الضوء على معضلة أساسية تواجه المنطقة. هي معضلة تحتاج إلى حلّ شامل من أجل تقدم هذه المنطقة في المستقبل على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. ورغم كل الإنجازات المحققة حتى الآن في هذا الحقل، تبقى الطاقة البديلة ضرورة ملحة من أجل الازدهار المستمر والمتواصل.