تعد المدابغ في مصر من الصناعات الملوثة للبيئة حيث تنتج مخلفات سائلة وصلبة وغازية تؤثر سلبا على البيئة المحيطة والإنسان.


فتحي الشيخ من القاهرة: صباغة الجلود من أقدم الصناعات في مصر، ربما يرجع تاريخها إلى عهد قدماء المصريين. وتعتمد أغلب المدابغ التي تقوم بهذه الصناعة حاليا على تقنية ترجع إلى مائة عام أو أكثر على الرغم من التطور الكبير في هذه الصناعة على مستوي العالم، و مع هذه التقنية القديمة.

ترتكز المدابغ بمصر بشكل أساسي في منطقة quot;مصر القديمةquot; أحدي مناطق القاهرة وبها 75% من هذه الصناعة، وفي منطقة quot;المكسquot; بالاسكندرية، في التفتيش الاخير الذي قام به جهاز شئون البيئة المصري بالاسكندرية على المدابغ في منطقة المكس وجد مخالفات بيئية متنوعة من احتواء الصرف الصناعي الناتج عن عملية الدباغة على مواد عضوية وغير عضوية وزيوت وشحوم وكروم وأملاح يتم صرفها بدون معالجة مباشرة على شبكة الصرف الصحي بالمدينة،وتؤدي هذه الرواسب والمخلفات الصلبة لانسداد الشبكات كما تبين وجود عدد من المدابغ يقوم اصحابها بالتخلص من الصرف الصناعي غير المعالج علي خليج المكس الذي يربط بين بحيرة مريوط والبحر المتوسط مما يؤدي الي تلوثه.

المخلفات الناتجة عن المدابغ تمثل خطراًََََ شديداً على البيئةكما تؤكد لإيلاف الدكتورة سهير ابوالعلا استاذة تكنولوجيا معالجة المخلفات السائلة والدراسات البيئية قائلة: ينتج عن مخلفات المدابغ عدة غازات سامةrlm;،rlm; مثل كبريتيد الهيدروجين وأكاسيد الكبريت هذا بخلاف مواد اخرى سامة تكون ذائبة في الماء مثل الكروم والذي يسبب السرطان،بالاضافة إلى مركبات النيتروز أمين وهو مادة سرطانية قياسيةrlm;،rlm; ومركباته تتسبب في سرطان الكبد والرئة.

تختلف المواد المستخدمة في هذه الصناعة حسب الطريقة المستخدمة في صباغة الجلود كما يؤكد عاطف محمد صاحب مدبغة قائلا :هناك 6 طرق للصباغة هي الكروم والصباغة النباتية والزيوت وصباغة مشتقات الألدهايد والصباغات الصناعية وصباغة الالمونيوم،وأكثر الطرق المستخدمة فى مصر هى الصباغة الكروم،والتي تمثل 90٪ من منتجات الجلود فى مصر، وال 10٪ الباقية تستخدم الدباغة النباتية،وأن كانت المدابغ تقوم باعادة استخدام المواد النباتية حتى تستطيع تصدير انتاجها كما لاوربا حيث تشترط الدول الاوربية أن يكون المنتج صديق مطابق للموصفات البيئية.

وهو ما تفسره لإيلاف الدكتور سهيرة بأن الكروم من أخطر المواد التى تتحول بسرعة، بفعل تفاعلها مع الأكسجين و الحرارة أو الأملاح الموجودة فى المياه إلى كروم سداسى، وأن هناك دراسة تمت على مياه المكس التى يتم إلقاء الصرف الصناعى الخاص بالجلود بها، وأكدت هذه الدراسة أن نسبة الكروم السداسى موجودة بصورة كبيرة وأن الأسماك الموجودة فى مياهها ليست مريضة، لكنها حاملة للمرض ويتسبب استمرار تناول هذه الأسماك، فى الإصابة بسرطان المعدة، بينما يسبب الاستحمام فى هذه المياه الإصابة بسرطان الجلد،لهذا تحظر اوربا استيراد الجلود المعاملة بالكروم.

52 مدبغة تعمل في منطقة المكس تمثل خطراً على البيئة المحيطة،ينتج عنها أنواع وكميات مختلفة من المخلفات الصلبة التي يمكن تصنيفها إلى فئتين مخلفات صلبة ناتجة عن العمليات المختلفة و الحمأة المحتوية على أملاح الكروم والتي تعتبر المشكلة البيئية الأساسية فى صناعة دباغة الجلود، بالإضافة إلى الإنبعاثات الغازية، كل هذه المشكلات جعلت وزارة البيئة المصرية تهدد تلك المدابغ بالاغلاق في حالة عدم الالتزام بالمعايير البيئية، وهو ماجعل هناك محاولات حثيثة من تلك المدابغ لتعديل أوضاعها،حيث قامت 20مدبغة بتوفيق وضعها البيئي بتركيب أقفاص معدنية لحجز المخلفات الصلبة وعمل سجلات بيئية بالإضافة إلي توفير حاويات لتجميع المخلفات الصلبة الناتجة عن المدابغ على أن تقوم سيارات بنقله بعض ذلك لمناطق تجميع المخلفات، ولكن رغم هذه الخطوات يري الخبير البيئي محمد محرم انها غير كافية وان أهم خطوة للحد من التلوث الناتج عن المدابغ يجب أن تقوم بها الدولة وليس اصحاب المدابغ وذلك بانشاء محطة معالجة خاصة بمنطقة المدابغ للتخلص من مادة الكروم ويمكن استخلاصها وأعادة استخدمها مرة اخرى.