تحظى التكنولوجيات الخضراء باهتمام متنام في الجزائر، نظرا لفضائلها في مجال تحصين البيئة عبر معيارية جديدة تنتصر لفعل صناعي نظيف، ويقول باحثون ومتعاملون لـquot;إيلافquot; إنّ هذه التكنولوجيات الخضراء تقوم على إعداد مواد قابلة للرسكلة، أو تزيل تلك الخطيرة بصفة طبيعية، مثلما تنبني على معالجة المعادن وتقديم حلول لظواهر التلوث والتصحر وانبعاث الغازات وغيرها.


كامل الشيرازي من الجزائر: تحت شعار الإنتاج quot;السريعquot; وquot;الأحسنquot; وquot;الصحيquot;، يجري التسويق لاستخدام التكنولوجيات الخضراء التي أصبحت تشكل تحديا أساسيا في الجزائر، بهذا الشأن، يقول quot;تيجاني قرماشquot; إنّ هذه التكنولوجيات تشكل وصفة مناسبة للمصنّعين، من حيث استجابتها للانشغالات المتعلقة بالتنمية المستديمة وحماية البيئة، خصوصا مع التناقص المستمر للموارد الطبيعية واتساع حجم التلويث بسبب الاستعمال الإنساني الغير عقلاني.

وفي تجربة نموذجية، جرى رصد 20.2 مليون دولار بغرض نقل التكنولوجيات النظيفة لفائدة المدينة الجديدة quot;بوغزولquot; (155 كلم جنوبي العاصمة)، ويقول وزير البيئة الجزائري quot;شريف رحمانيquot; إنّ المشروع الذي يحمل شعار quot;تصور مدمج من أجل انبعاث اقل لثاني أكسيد الكربونquot; يرمي إلى تطوير الطاقات المتجددة وتكريس ما سماه quot;اقتصاد الطاقةquot;.

ويتضمن المشروع تكثيف صبغة الاخضرار لمدينة بوغزول، مع تصفية مياه الأمطار والمياه المستعملة، وجعل قنوات صرف المياه تجوب المدينة وتصب في بحيرة كبرى من أجل تطهيرها، وهو ما سيحول المدينة التي توصف بالعاصمة البديلة كحزمة رئيسية خضراء ومجمّع مائي يتم تفريغ مياهه نحو جزيرة التل في الشمال وجزيرة الصحراء جنوبا، فضلا عن جزيرة الهضاب.

وتلفت الدكتورة quot;نشيدة قصباجي مرزوقquot; إلى أنّه يمكن تطبيق التكنولوجيات البيئية في مختلف أوجه الصناعة وحماية الشريطين الغابي والصحراوي للحيلولة دون تلوث الهواء والماء وتدهور الأراضي وتعرية الغابات.

وعليه، تسجل quot;عبلة شاكرquot; مديرة المخبر الجزائري للأبحاث في الفيزياء الطاقوية، أنّ التكنولوجيات البيئية أتت كاقتراح نموذجي للتخفيف من وطأة الصعوبات المرتبطة بالصحة وسلامة البيئة عبر مقاربات بديلة، مثل الاعتماد على تكنولوجيا quot;دي إكسquot; ذات الفعالية العالية، مع مراعاتها للبيئة والمحيط، إلى جانب وكذا التكنولوجيا البسيطة المستخدمة في إنتاج الطاقات البديلة كالشمس والرياح وسائر الموارد الغير قابلة للنفاذ.

وبحسب quot;محمد بلهاملquot;، يمكن الاستفادة من تجارب متطورة عبر العالم على غرار الخبرات الألمانية والدانماركية، خصوصا وأنّ الرياح التي تهب على الجزائر تحمل معها كثيراً من الهواء البحري الرطب وكميات كبرى من الهواء القاري الخاص وبعض الأهوية الصحراوية والمحلية بمتوسط سرعة سنوية يفوق 7 أمتار في الثانية خصوصا بالمناطق الشاطئية بمساحة تمتد إلى خمسين ألف كيلو متر مربع.

وتسمح هذه المقاربة المستقبلية بتقليص المصاريف الطاقوية التقليدية عبر استعمال الطاقات النظيفة، وإقامة منشآت تعتني باستغلال طاقة الرياح بواسطة ألواح شمسية لضخ وتحلية المياه وتوليد الكهرباء بالمناطق القاحلة التي يعاني سكانها من آثار الملوحة والتصحر، وانعكاسات ذلك إيجابا على توازنات المناطق المعزولة.

من جهته، يشير quot;حسين دوفانquot; إلى كون التكنولوجيات الخضراء تتيح جملة من المزايا على أصعدة تسيير النظافة والأمن والبيئة بالدرجة الأولى، ومعالجة المعادن كاليورانيوم والفوسفور والرصاص والزنك والفلورين وغيرها عبر المناجم والمقالع.

وشكّل ادراج التكنولوجيات الخضراء في التنمية المستدامة للواحات الجزائرية ومكافحة التغيرات المناخية، محور لقاء نشطّه خبراء من الجزائر وايطاليا مؤخرا، حيث جرى عرض مشروعين مدعمين من الجانب الايطالي في مجال حماية الواحات والتسيير المحكم للموارد المائية ورسكلة المياه المستعملة لاستغلالها في الانتاج الزراعي لاسيما بمناطق جنوب البلاد.

ويركز المشروعان على ضرورة ادراج التكنولوجيات الخضراء للتنمية المستدامة للواحات الجزائرية لمواجهة آثار التغيرات المناخية ومكافحة التصحر، لا سيما في ظلّ اتساع محذور الشح في المياه، وضرورة تقديم إسهامات نوعية لتخفيض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بجانب احتدام ظاهرة التصحر التي صارت شبحا يهدد النسيج الزراعي كما الغابي، عبر طول يمتد إلى 27 مليون هكتار.

ويقدّر quot;ستيفان بوفاريquot; الخبير الدولي في التغيرات المناخية، أنّ الجزائر وبالنظر إلى قدراتها الهائلة من الطاقات الأحفورية واقتصادها الذي يرتكز على المنتجات الطاقوية، يُمكن أن تصبح رقما مهما في تطبيقات التكنولوجيات البيئية.