تهدد قنية الغاز في العراق الانسان والبيئة لتقادمها وسوء تصنيعها واستخدامها.

وسيم باسم من بغداد: تحتل اسطوانة الغاز في حياة العراقيين مكانة مهمة، فهي الكتلة المعدنية الوحيدة التي لا تستغني عنها المرأة العراقية على وجه الخصوص، لحاجتها الماسة اليها في إعداد وجبات الأكل، لكنها في نفس الوقت إحدى التهديدات المباشرة للإنسان والبيئة بسبب تقادم أكثرها، إضافة إلى سوء استخدامها حيث يقود هذان السببان الى خسائر فادحة اقتصادية، وبيئية، وبشرية.

القنينة... عدوة وصديقة
وطيلة سنوات ظلت القنينة صديقة ل (ام علي) وهي ربة بيت في قضاء المحمودية، فعلى رغم ثقلها، فان أم علي كانت تحملها من مكان إلى آخر داخل البيت وخارجه بحثا عن الغاز، لكن هذه القنينة الصغيرة انفجرت ذات يوم وعوّقت ابنها الصغير، حيث أتلفت النار أجزاء من جسمه، ومن ذلك الوقت صارت القنينة عدوا مباشرا لام علي.
وبحسب الموظف في محطة تعبئة الغاز في كربلاء مراد سيد جابر فان تقادم اسطوانات الغاز في العراق بسبب عدم استبدالها منذ نحو ثلاثة عقود، افقدها شروط الأمان، وجعل منها قنبلة بيئية معدة للانفجار في أي لحظة.

ويضيف : بعد عام 2003 دخلت العراق أعداد كبيرة من اسطوانات الغاز من مصادر استيراد مختلفة، بعضها
غير مطابق للمواصفات الامانية والبيئية مما تسبب في حوادث كثيرة بشرية وبيئية في الكثير من المدن.
لكن المواطن حسين جاسب يمتلك اسطوانتي غاز مصنعتين في الصين هما افضل من القناني المعدنية المعروفة لأنها أخف وزنا، اولا، ولان صمامها سهل الفتح والغلق، اضافة الى استجابتها للمواصفات البيئية وشروط الامان بحسب جاسب.

ويستخدم العراقيون اسطوانات مصنعة في الصين ولبنان وتركيا وايران لتعويض النقص.
وبحسب جاسب فان فتح منافذ الاستيراد اسهم بشكل كبير في تعويض النقص في أعداد الاسطوانات، لكن الخطر الذي يتهدد البيئة ان بعض المواطنين يرمون العبوات العاطلة في العراء مما يشكل تراكم الملوثات من كيماويات ومعادن ويؤثر على التنوع البيئي ويلحق أضرارا بالغة بصحة الإنسان.
ويقول جاسب ان القناني الحديثة دخلت الى العراق منذ عام 2008 في محاولة لاستبدال الاسطوانات الحديدية بالبلاستيكية الا ان هذه التجربة لم تصل الى مراحل التطبيق الشامل الى الان.

القناني البلاستيكية الحديثة
وعلى رغم ان القناني البلاستيكية الحديثة ليست صديقة للبيئة ايضا فانها اقل ضررا من القناني المعدنية حيث يمكن التخلص منها و اتلافها بسرعة و جهد أقل. كما تمتاز هذه القناني بشفافيتها حيث يمكن ملاحظة مستوى الغاز فيها اضافة الى وزنها الخفيف وشكلها الجذاب.
ويقول مدرس الأحياء في ثانوية كربلاء ان رمي العبوات المعدنية وبقايا المعادن ( هياكل السيارات ) له تأثير تراكمي يظهر بعد سنوات طويلة مرسبا مواد دقيقة الحجم مثل الرماد والسناج وتراب الصدأ الأحمر بالإضافة إلى مركبات الكربون التي تنتشر في الهواء حيث تتغلغل في الشعب والمسالك الهوائية مسببة نوبات الربو و (الكحة).
ويسبب ترك العبوات المعنية المشبعة بالغاز في العراء ترسب الأحماض والكبريتات و النترات وانتشار أبخرة المعادن في الغازات المنبعثة مثل الكادميوم والرصاص.
وتؤثر الاكاسيد الكبريتية الناتجة عن تحلل المعادن وانتشار الغاز في نمو النبات، كما انها تسمم الحياة الحيوانية.
وتعد الأمطار الحامضية احد النتائج الناجمة عن انفلات غاز المنطلق من آبار النفط بسبب عدم معالجته كما تسبب في تآكل المعادن وتهشم الابنية.

انعدام الشروط البيئية
ومن الآثار المباشرة لانعدام الشروط البيئية ووسائل الامان في قنينة الغاز اندلاع الحرائق، ففي نهاية شهر حزيران 2011 انفجرت قنينة غاز أحرقت الشقة السكنية بالكامل في حي العمارات السكنية في مدينة الناصرية.
وبينما يرجع البعض مسؤولية الحوادث المتكررة في الحرائق والتسرب الغازي الى تقادم القناني المعروفة في العراق فان البعض يرجع اسباب ذلك الى مخالفة قناني الغاز المستوردة لشروط الامان.
وتعود اسباب الحرائق في أكثرها الى عطل صمام الاسطوانة مما يسبب تسرب الغاز اضافة الى عدم كفاءة الأنابيب والوصلات.

ويطالب مواطنون الشركة العامة للمنتوجات النفطية في العراق بالفحص الدوري بغية التخلص من القناني الغير آمنة.
وكانت وزارة النفط العراقية بدأت في عام 2011 حملة واسعة لمصادرة اسطوانات الغاز المخالفة للمواصفات الفنية والتي تشكل خطرا على البيئة بحسب عامر عبد الجبار مدير عام شركة تعبئة الغاز في وزارة النفط في تصريحه لوسائل الإعلام.

وليس الغاز المسال في القناني مصدرا وحيدا للتلوث في العراق، ذلك ان استمرار حرق quot;الغاز المصاحبquot; من ابار النفط يمثل التهديد الاكبر لبيئة العراق.

الغاز المهدور

ويقول المهندس النفطي كريم شنتاف ان انبعاث الغاز يراكم نحو ملايين الأطنان من غاز ثاني أكسيد الكربون في سماء العراق والمنطقة. وبحسب إحصائيات عالمية فان العراق يعد من ضمن ثالث أعلى 20 دولة في العالم في معدلات حرق الغاز، حيث يخلف حوالي ثمانين بالمائة من الغاز الطبيعي غير المستغل في العراق اضرارا بيئية جسيمة. وبحسب شنتاف فان الغاز المحروق يكفي لحرق 400 ألف اسطوانة غاز يوميا.