دق خبير بيئي ألماني ناقوس الخطر مما ينتظر العالم مناخيا مفندا مايتخذ من إجراءات طارئة لمعالجة التغيير المناخي.

اعتدال سلامه من برلين: تمحورت محاضرة بارنت كلاوس استاذ البحوث في التغييرات المناخية في برلين على سؤال بدء يتناوله اكثر من جانب، وهو هل الوسائل التي تستخدم حاليا لقياس التغييرات يمكن الاعتماد عليها كليا لرسم صورة لمستقبل كوكبنا المهدد بالكثير من الكوارث نتيجة تلوث البيئة؟

في هذا الصدد يقول الاستاذ الالماني تختلف التنبؤات المناخية عن التنبؤات الجوية اختلافا يوشك ان يكون كاملا، اذا استثنينا النماذج في كلا الحالتين. فالتنبؤات الجوية لا تتعدى اساسا مدة اسبوعين، والسخرية من روغانها وعدم اعتداد بها اصبحت من الامور المستطرفة المألوفة. اما التبنؤات المناخية فلا تتنبأ عن الجو في اول نيسان( ابريل) عام 2055 على سبيل المثال، بل تجيب عن التساؤل عما اذا كان العقد من عام 2051 الى 2060 سيشهد تغيرا واضحا في متوسط الحرارة الشهري او في تكرار مواضع العاصفة او مواضع الضغط الجوية المرتفع. واهم مكونات النظام المناخي هي في في المقام الاول، علاوة على الغلاف الجوي، المحيطات والكتل الجليدية الهائلة بقدراتها الحرارية الكبيرة التي توجه سلوك الغلاف الجوي ومنها ايضا النباتات التي تختزن رطوبة الارض وتؤثر على انعكاس ضوء الشمس.

وكانت النماذج الكثيرة التي وُضعت في الماضي نماذج تتناول عنصرا واحدا من عناصر المناخ، اما النماذج الحديثة فانها تتناول الدورة الكاملة الثلاثية الابعاد لكل من المحيط والجو، وعندما جرت محالاوت لربط هذه النماذج التي وضعت منفردة تبين انها لا يتوافق بعضها مع البعض الاخر، فقد وضعت على سبيل المثال نماذج لوصف الغلاف الجوي انطلقت من حالة افتراضية تكون فيها درجة حرارة المحيطات معلومة، بينما النماذج الخاصة بالمحيطات تفترض ان اختلاف الديناميكية الداخلية للنماذج ينتهي الى حسابات متباينة لتيارات الدفء وتيارات المياه الجديدة، مما يؤدي الى ان ينخرف النظام كله الى وضع مختلف كل الاختلاف عن المناخ الحالي. وكل النماذج تستعين اليوم على نحو فيه القليل او الكثير من التعسف بافتراضات مساعدة من اجل تحاشي هذا الانحراف.

فيما يتعلق الانبعاثات الغازية يقول الباحث الالماني تبين حتى الان انه والى جانب ثاني اكسيد الكربون هناك نحو 12 نوعا من الغازات لها تأثير على الاشعاع منها الميثان وثاني اكسيد الاوزت المنطلق من صناعة السماد وعددا من غازات الكلور والفلور والفحوم الهيدروجينية. تعتبر الكميات المنبعثة حاليا من ثاني اكسيد الكربون اهم الانبعاثات المؤثرة على المناخ، اذ تمثل اكثر من 50 في المائة وتتجاوز كل ما عداها بفارق كبير. والخواص الامتصاصية للغازات الحيوية مثل ثاني اكسيد الكربون، وبالتالي تأثيرها على المناخ، امر معروف منذ 130 عاما تقريبا، فلا جدال على الاطلاق في ان ازدياد تركيز الغازات الحيوية في الجو، حيث تمتص الاشعاع الحراري الصادر عن الارض بفعل قانون التعادل الحراري، يؤدي الى ارتفاع درجة حرارة الطبقة الجوية السفلى( التروبوسفير) المؤثرة على المناخ والى انخفاض درجة حرارة الطبقة الجوية التي تليها ( الستراتوسفير).

ويطالب الاستاذ الالماني بتعاون دولي في مجال البحوث المتعلقة بالمناخ والبيئة من اجل وضع نماذج مناخية متطورة تلبي حاجة كل الاوضاع المختلفة في العالم، لانه حتى الان لم تتطور النماذج المناخية بعد الى الحد الذي تتيح فيه التوصل الى تبؤات سليمة عن مناطق محددة، كالمنطقة الغربية من الولايات المتحدة الامريكية على سبيل المثال، والتي كثر الحديث عنها بعد تعرضها لفصول صيفية جافة طوال عدة سنوات متتالية. اذ تسرع بعض الباحثين واعتبروها دليلا على ان عامل البيت الزجاجي قد صار واضحا بشكل محسوس، لكن اتضح بعد ذلك خطأ هذه الاستنتاجات التي قد تؤدي في بعض الاحيان الى اتخاذ اجراءات مؤلمة.

مع ذلك فانه يعتبر انه من الخطأ عدم اتخاذ اجراءات، على المستوى السياسي والقول يمكن الانتظار ريثما يحصل العلماء على معلومات مؤكدة عن هذه المسالة او تلك. فالمناخ سوف يتغير بالتأكيد اذا ما تابع ثاني اكسيد الكربون ازدياده، وهذا امر لا خلاف عليه، لكن لا يمكننا ان يصدق سيناريو الرعب الذي يحلو للبعض رسمه بان ارتفاع درجة الحرارة سوف يغرق خلال اقل من مائة ع مدنا بكاملها، فهذا لن يتحقق في المائة الف سنة المقبلة، لان ذلك يتطلب كميات هائلة من المياه اكثر من المخزون الكلي الموجود حاليا في القمم الجليدية المتراكمة في القطبين.