بسبب مامر به العراق من حروب مازالت المتفجرات منتشرة في أماكن عدة بما فيها البساتين والمزارع.

وسيم باسم من بغداد: لم تقتصر آثار المتفجرات والحروب على المناطق التي كانت في يوم من الأيام مسرحا للحروب بل تعدى ذلك الى مواطنين وجدوا أنفسهم ضحايا لمتفجرات وقنابل وألغام دفنت في البساتين او خزنت بين الأحياء.

فقد نجا أبو محمد بأعجوبة من متفجرات كادت تفتك به في بستان (البدعة) في المحاويل ( 70 كلم جنوبي بغداد) حيث ابلغ الجهات المعنية عن كميات من مادة (السي فور ) الشديدة الانفجار مخبأة تحت الأرض.

ويشير أبو احمد إلى أن المنطقة على الطريق الدولي شمال المدينة شهدت العثور على الكثير من الأعتدة والأسلحة المخبأة بين البساتين، طيلة السنوات الماضية بعضها انفجر على السكان.

الأسلحة في المزارع
كما فقد حسين صافي (مزارع ) أصابع يده اليمنى حين انفجرت عليه قنبلة مخبأة في بستانه العام 2009 في شمال الصويرة ( 55 كم جنوبي بغداد).
وبحسب صافي فانه مزرعته التي هجرها لمدة أربع سنوات كانت مخبئا لمسلحين في العام 2005.
وعدا ذلك فان مناطق الحروب السابقة، تتوفر على الآلاف من الألغام الأرضية التي لم تنفجر بعد.
وبحسب مجلس محافظة ميسان ( 320 كم جنوب شرقي بغداد ) فان إحصائيات 2012 تكشف عن تسجيل نحو ستة آلاف إصابة بالألغام والمخلفات الحربية بين مواطني المحافظة منذ عام 1988.

وبحسب الخبير البيئي صالح عباس الذي عمل لمدة سنة في مجال ازالة الألغام على الحدود مع إيران، فان المخلفات الحربية غير المنظورة تشكل التهديد الأكبر للبيئة الصحية في العراق لانها عدو نائم يتربص بالإنسان والحيوان معا.

ويتابع: الأخطر الأكبر، هي المتفجرات في البيوت والبساتين والمناطق النائية والتي يكون ضحيتها الإنسان والحيوان معا، فالإبل والأغنام، والماعز، والأبقار هي ضحايا ايضا لانفلاق المتفجرات في المناطق المفتوحة والبرية حتى في المناطق التي تم تحديدها كمناطق خطرة.

ويتابع: تنفجر هذه المواد الخطرة بصور مفاجأة لدى عمل الفلاح في بستانه، وغالبا ما تكون هذه المواد مخبأة من قبل مجهولين ينقبون عنها لحظة الحاجة اليها.
وأدت المداهمات الأمنية المكثفة في مدن العراق إلى لجوء الذين يمتلكون تلك الأسلحة والمتفجرات الى إبعادها عن المنازل والأحياء حيث تدفن في المزارع القريبة، مما يشكل خطرا متربصا بصاحب المزرعة نفسه و الذي يجهل في اغلب الأحيان ان مزرعته تحتوي على مواد متفجرة.

الخوف المتربص
ويوضح صالح كيف ان الألغام والمتفجرات تساهم في تقليل استعمالات الأراضي للزراعة والمعيشة بسبب الخوف المتربص بسكان تلك المناطق. ويشير أبو صالح (بدوي) الى ان مساحات الرعي أصبحت محدودة على طول الحدود مع إيران.

ويتحدث عبد الحسين علي ( مزارع ) عن إبلاغه السلطات المختصة في عام 2011 عن أسلحة ومتفجرات في مزرعته اثناء عمله اليومي في زراعة الشلب في منطقة أبو صخير (20 كم جنوب النجف).

ولا يعرف ابو علي مصدر هذه المواد الخطرة، لكنه يعتقد انها مخبأة من قبل أهالي المناطق المجاورة لاستعمالها وقت الحاجة.
ويحسب ابو علي فان أي شخص في المزرعة كان يمكن ان يكون ضحية هذه المتفجرات لولا العناية الإلهية.

ولا ينسب علي كل ما يعثر عليه الى الجماعات المسلحة، بل ان الكثير مصدره الأهالي الذين يبعدونها عن مناطق سكناهم بدفنها في المزارع القريبة لاسيما في الليل.
ويشير الملازم احمد حسن من شرطة النجف الى ان الكثير من الأسلحة والاعتدة والمتفجرات عثر عليها في المنازل وبين الأحياء طيلة السنوات الماضية.

دفن المتفجرات
وانتشرت ظاهرة دفن المتفجرات بصورة كبيرة بعد العام 2003، وقبل هذه الوقت كانت الظاهرة موجودة أيضا حيث يخبأ الناس تلك المواد الخطرة على ندرتها يوم ذاك في البرية خوفا من السلطات المختصة.

وفي عام 2011 عثرت مديرية إزالة المتفجرات في النجف على عشرة قنابل يدوية في حي في مركز مدينة النجف.
كما يشير المزارع سعيد القريشي من جنوب بابل (100 كم جنوب بغداد) على عثوره على قنابل ومتفجرات مغلفة بأكياس بلاستيكية في مزرعته حيث ابلغ الجهات المسؤولة عنها.

ويشير الملازم حسن الى ان الكثير من أعمال التفجيرات التي تحدث اليوم مصدرها مخازن مدفونة تحت العارض في الصحارى والبساتين حيث يستعملها المسلحون وقت الحاجة.
ويشير الى ان بعض المزارعين يتخذ من العثور على الأسلحة تجارة حيث تباع كخردة حربية أو كعتاد صالح بدلا من تسليمها الى الجهات المختصة.

هجرة المزارعين
كما يتخوف الكثير من أهالي البساتين في ديالى والموصل (شمال بغداد) من وجود الكثير من الاعتدة المخبأة في بساتينهم حيث اتخذت العصابات المسلحة طيلة السنوات المنصرمة والى الان من تلك البساتين مخبئا لأسلحتهم ومركزا لانطلاق عملياتهم ضد الدولة. ويشير الى ان ندرة الموارد المائية، ساهم في هجرة المزارعين للبساتين حيث وجدت الجماعات المسلحة في ذلك فرصة لاستغلالها بعيدا عن الأعين.

وغالبا ما تعثر السلطات الأمنية في شمال مدينة الحلة على تلك المتفجرات مدفونة في البساتين ايضا حيث ان هذه المنطقة تشتهر بكثرة وضع العبوات الى الطرقات.
وفي عام 2012 عثرت شرطة بابل على مخبئين للصواريخ والمتفجرات والعتاد، خلال عمليتين نفذتهما شمال المحافظة.
وكانت هذه المتفجرات مخبأ في بستان زراعي، كان من ضمنها قذائف مدافع وقنابر هاون.

ويقول الخبير البيئي صالح ان حقول الألغام غير المكتشفة ربما تكون اقل خطرا من ناحية ان مناطق تواجدها معروفة ويمكن تجنبها في بعض الأحيان.
لكن مخابئ الأسلحة في الأحياء والبيوت والمزارع يمثل خطرا اكبر يهدد الانسان في أي لحظة.

وتحتوي المناطق الحدودية بين العراق وإيران الآلاف من الألغام والمخلفات الحربية غير المنفلقة والتي تم زرعها من قبل الدولتين إبان الحرب بينهما 1980 1988 والتي تزيد أعدادها عن 25 مليون لغم أرضي بحسب تقديرات المنظمات والمؤسسات الحكومية المختصة.