يخشى مراقبون هاجس اضمحلال أشجار الأرز الأطلسي بشرق الجزائر، ويقدّر باحثون بوقوف التغيرات المناخية المتفاقمة وراء الظاهرة التي لا تقتصر على الجزائر فحسب بل تمتد إلى جهات أخرى على مستوى البحيرة المتوسطية. كامل الشيرازي من الجزائر: تحتل أشجار الأرز الأطلسي مساحة 12 ألف هكتار، وتتحدث بيانات رسمية عن خطر أكيد يهدد أشجار الأرز الأطلسي التي أضحت تتماوت بغابات شرق البلاد سيما بمنطقي خنشلة وباتنة، بينما يكشف quot;عثمان بريكيquot; رئيس مصلحة حماية النباتات والحيوانات بمحافظة الغابات عن وصول نسبة الاضمحلال إلى حوالي 40 بالمائة، بتنامي تدريجي منذ سنة 2003.
ويعزو دارسون الظاهرة إلى التغيرات المناخية المتسارعة التي تنذر بزوال هذا الصنف النباتي نهائيا، علما أنّ شجرة الأرز الأطلسي يصنفها متخصصون كــ(شجرة نبيلة)، وهو معطى دفع الجهات المختصة إلى مضاعفة الاهتمام بها في بلد ظلّ إلى وقت قريب يشكو من هشاشة أشجار الأرز وقلة مقاومتها، على خلفية ما طالها جرّاء الطفيليات وكذا الحشرات الضارة حيث تبدأ أوراقها في التساقط ثم تموت.
ويؤكد الباحث quot;رمزي توشانquot; أنّ التغيرات المناخية والاستخدامات الغير عقلانية لمواد وطاقات ملوثة للبيئة والمحيط وتأثير ذلك سلبا على طبقة الأوزون، لها انعكاساتها الملموسة على الشريط النباتي.
ويفيد توشان الباحث بمخبر أريزونا الأمريكي، أنّ دراسة ميدانية توصلت إلى كون اضمحلال ما يزيد عن ثلثي أشجار الأرز شرقي الجزائر ناجم عن الفترات المتقاربة للجفاف، هذا الأخير تعاظمت حدته في البلاد منذ مطلع الألفية الحالية، ويوضح محدثنا أنّ عديد العينات من مقاطع الأشجار التي تم إخضاعها للبحث المعمق، أبرزت تأثرها بالارتفاع القياسي في معدلات الحرارة بين سنتي 1998و2002، قبل أن يدرك منعرجا أخطر في العام 2010.
وتقول المتخصصة quot;ربيعة حناويquot; أنّ فترات الجفاف الشديدة تمس جنوب البحر الأبيض المتوسط كل خمسين سنة، وتعدّ أقدمها إلى سنة 1562، بيد أنّها في القرنين الأخيرين صارت تتقارب تدريجيا وتعاود الظهور كل 5 سنوات تقريبا.
إلى ذلك، يُبرز الباحث quot;عبد القادر مسلوبquot; أنّ أشجار الأرز الكائنة بضاحية quot;ثنية الحدquot; - غربي الجزائر ndash; لا تزال في منأى عن خطر التلاشي، بفعل الخصائص الطبيعية والإيكولوجية التي تزخر بها المنطقة، والاستقرار المناخي النسبي هناك، في حين يحث quot;السعيد عبد الرحمانيquot; وهو مدير حظيرة محلية، على تدعيم التعاون بين المسيرين والباحثين من أجل فعالية أكثر، ويلتقي عموم المهتمين والمتخصصين عند أهمية إعداد نماذج لتسيير هذه الثروة الطبيعية والمحافظة عليها.
من جانبه، يلاحظ د/ quot;عبد الله بن تواتيquot; أنّ ظاهرة اضمحلال شجرة الأرز مازالت إلى حد الآن تحت الملاحظة ولم يتم التدخل بشأنها أو معالجتها بطرق علمية، في وقت من الأجدى ndash; يضيف بن تواتي - التركيز بالدرجة الأولى على تأمين النظام البيئي للأرز حتى يجري تحصين ما تبقى من هذه الثروة، مشيرا إلى قيام الجهات الوصية منذ سنة 2008، إلى تطهير 735 هكتار من أشجار الأرز الميت خصوصا بالمناطق الجبلية، إلى جانب إعادة استنبات شجيرات جديدة من الأرز.
ويشير عبد الرحماني إلى إمكانية غرس خمسة عشر ألف شتلة في عموم المناطق التي يتلاءم موقعها مع أشجار الأرز، في حين ينتظر استغلال مشتلات أخرى لإنتاج من 200 ألف إلى 300 ألف شتلة، بما سيمكّن ndash; بحسب عادل سعيدي - أحد متعهدي الحظيرة من تعويض أشجار الأرز الميتة، واسترجاع أخشابها في استعمالات متعددة.
ويتطلب إنجاح غراسة أشجار الأرز تكاليف باهظة، ناهيك عما يرافقه من دراسات دقيقة للتربة مع مراعاة شروط تقنية معينة ابتداء من تحضير التربة إلى غرس الشجيرة ثم متابعة مختلف مراحل نموها.
- آخر تحديث :
التعليقات