يحتج ناشطون بيئيون في المانيا ضد السفن العملاقة التي تتوسع تجارياً على حساب البيئة.
صلاح سليمان من ميونخ: بدأ نشطاء البيئة في ألمانيا في الإحتجاج بشدة علي بناء السفن السياحية العملاقة، خاصة بعد التوسع الكبير في إنتاجها في غضون السنوات القليلة الماضية،حتي ان أصغرها أصبح يوصف بأنه مدينة عائمة.
رغم فرحة السياح بقضاء أوقات ممتعة علي ظهر تلك السفن، ومن ثم أيضا فرحة شركات الملاحة بتحقيق أرباح خيالية، إلا أن نشطاء البيئة يوجهون الإنتقادات الي تلك الشركات التي راحت تتوسع بلا توقف في إنتاج السفن العملاقة والتي أصبحت تفوق في عددها وأحجامها أضعاف ما كان يعرف من قبل.
إن سفينة واحدة عملاقة من تلك السفن متعددة الطوابق والتي تحتوي علي مصاعد وحمامات سباحة ومصابيح إضاءة وغيرها من وسائل الطاقة قد تتسبب في تلوث يصل في مستواه الي المستوي الذي يسببه تلوث مليون سيارة، كما ان السفينة العملاقة الواحدة تستهلك من الطاقة قدر ما تستهلكه مدينة صغيرة الحجم.
في الوقت الذي ينعم فيه المسافرون علي سطح تلك السفن بالأسترخاء والمتعة وينفقون في سبيل ذلك اموال كثيرة، إلا أنهم لايعرفون انهم يضرون بالبيئة بمساهماتهم بقضاء العطلات في تلك السفن، نشطاء البيئة يحتجون ويوجهون الإنتقادات واصحاب شركات الملاحة لايهتمون بتلك الإنتقادات وهم فقط يهتمون بجمع الأموال على حساب البيئة.
جمعية حماية البيئة الألمانية قررت من جانبها منح جائزة سلبية اطلقت عليها quot;جائزة الديناصور quot; لأكثر الشخصيات الملاحية المتورطة بتلوث البيئة البحرية، إسهاماً منها في لفت الأنظار الي خطورة التلوث البحري الذي تسببه تلك السفن العملاقة.
في هذا العام منحت الجمعية الجائزة لمساعد رئيس فرع الرحلات البحرية quot;مايكل تامquot; وهو في ذات الوقت رئيس السفينة العائمة العملاقة quot;عايدةquot;، كما منحت نفس الجائزة quot;لريتشارد فوجل quot; مؤسس شركة quot;توي quot;البحرية، وبذلك تكون الجمعية قد وجهت الأنظار لدور هؤلاء في المساعدة علي تلوث البيئة.
يقول خبراء البيئة إن رحلة لمدة 15 يوم في الكاريبي تجعل الفرد الذي يعيش علي ظهر تلك السفن العملاقة، يقدرحجم المشكلة البيئية التي تسببها هذه السفن، فهي مزودة بأجهزة تكييف ومصاعد وحمامات سباحة وهي تحتاج طاقة كبيرة تتسبب مخلفاتها في تلوث كبير ايضاً، هذا ناهيك عن المحركات الخارجية العملاقة التي تعمل بالوقود والتي يتخلف عنها أكاسيد الكبريت والرماد والدخان وكل أنواع التلوث المعروفة.
ان إستخدام وسائل النقل البحري في السفر يشكل 8% من نسبة المسافرين بالبحار وهذه النسبة في تصاعد مستمر وفق هيئة الملاحة الدولية، وإذا كان البعض يري أن هذه النسبة متدنية بعض الشئ إلا نه يجب عدم غض النظر عن الأخطار الكبيرة الناتجة عن الوسائل البحرية الأخري التي لم يتم الإشارة إليها والمتمثلة في سفن الشحن العملاقة وحاملات النفط وسفن الأساطيل الحربية والسفن التجارية وهي بالطبع تسبب نفس نسب التلوث التي تسببها سفن الركاب.
في نفس السياق يؤكد خبراء البيئة علي خطورة أكاسيد النيتروجين والكبريت التي تنفثها تلك السفن العملاقة،فأكاسيد الكبريت ينتج عنها الأمطار الحمضية التي تسبب الكثير من التلف للمباني والزرع وكل شئ تهطل عليه، أما خطورة أكاسيد النيتروجين فرغم خطورتها علي صحة الإنسان إلا أنها تتسبب ايضا في أنها تعمل أيضا كسماد يقوم بتغذية الطحالب في البحار ويزيد من تعاظم مستعمراتها التي تسبب مشاكل للسفن.
ان احصائية هيئة النقل البحري العالمية تقول إنه في سنة 2000 تم إنبعاث حوالي 800 مليون طن من غاز ثاني اكسيد الكربون فقط من السفن البحرية بمختلف انواعها وهي نسب تفوق ما يتخلف عن النقل الجوي بنسبة 20 مليون طن من أكاسيد النيتروجين و12 مليون طن من أكاسيد الكبريت وهي نسبة تصل في العموم الي 100 مرة أكثر من الطيران الجوي.
ان هناك عدة اقتراحات تراها جماعات البيئة قد تكون مناسبة للحفاظ علي البيئة في نفس الوقت الذي تظل فيه تلك المواصلات مستمرة، فإستخدام الفلاتر هو أمر مهم لمنع التلوث، كما يجب الإستغناء عن الكبريت واستخدام الوقود الحيوي او بدائل الطاقة الممكنة وعمل مناطق بحرية كمحميات بحرية لاتقترب منها السفن حتي لاتضر البيئة فيها.
التعليقات