يدور جدل كبير في جنوب العراق حول تبطين نهر الحسينية بالتراب الملوث.

وسيم باسم من كربلاء: يعود اللغط مجددا حول مشروع تبطين نهر الحسينية في محافظة كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد)، بتراب ملوث بالإشعاعات والمواد الكيمياوية الخطرة مصدره موقع (الفتح المبين) التابع للتصنيع العسكري سابقا والذي يقع على تخوم محافظة كربلاء.
وأوضح بيان صدر هذه الأسبوع من وزارة البيئة العراقية ان مفتشها العام هو المسئول عن التلوث في النهر بسبب إصداره الموافقة على نقل الأتربة الملوثة لتبطين النهر.

ويأتي اعتراف وزارة البيئة هذه الأسبوع بتلوث مياه نهر بعد فترة سادها جدال طويل بين الاهالي والسلطات حول الموضوع.

ويقول الخبير البيئي والأكاديمي في جامعة بابل (100 كم جنوب بغداد) احمد عبيد ان الذي عجّل حسم الموضوع هو خوف الجهات المعنية من تعرض زوار أربعينية الإمام الحسين ( ع )، الى أمراض يحملها الهواء الملوث المحيط بالنهر.

مقالع التصنيع العسكري

و مشروع نهر الحسينية هو احد المشاريع المهمة التي تشهدها المحافظة منذ سقوط النظام السابق العام 2003، حيث يعقد عليه
الناس آمالا عريضة، لكن استخدام التراب الملوث من مقالع التصنيع العسكري سابقا في عمليات تبطين الأنهر، حال دون خاتمة سعيدة للمشروع.


ووفقا لخبراء ومهندسين فان من الضروري بمكان، فحص مناطق التصنيع العسكري والتأكد من خلوها من العناصر الملوثة قبل التعامل معها.
ويتوقع عادل محمود احد مهندسي التصنيع العسكري في السابق، ان تكون هذه المناطق ملوثة بنسب مختلفة من المعادن الثقيلة، كالرصاص والكادميوم واليورانيوم المنضب وغيرها، مما يسبب الى حد كبير في تلوث مصادر الماء والهواء والاراضي الزراعية و شبكات الصرف الصحي.

ولا يستبعد البعض من ان الفساد المالي والإداري كان سببا لما حدث، لان استخدام تراب ملوث من مقالع ملوثة قريبة، هو أقل تكلفة من تراب نظيف من مقالع أكثر بعدا.

تناقص التصريحات

ويقول المزارع حميد الياسري ان حياة القرى في المناطق الواقعة بمحاذاة النهر قد تحولت الى جحيم بسبب قصص التلوث التي تتضخم بمجرد ان تتناقلها الألسن، ويتابع : صار الشك يدب في كل قطرة ماء نشربها، وحتى المياه غير الملوثة بدأنا نشكك فيها.

لكن بيان الوزارة الجديد يأتي متناقضا مع تأكيدات مدير عام الهيئة العامة لصيانة مشاريع الري والبزل غني رزاق دخيل في مايس 2011 من ان وزارة العلوم والتكنولوجيا والمعنية بمهام منشأة ( الفتح المبين) الملغاة، أثبتت عدم وجود أي تلوث في التربة الموجودة في تلك المنشأة.

و مشروع تبطين نهر الحسينية ينفذ على طول النهر ابتدءا من مركز المدينة وحتى سدة الهندية في محافظة بابل.

وكانت دائرة البحوث لتكنولوجيا البيئة والمياه أجرت بحوثا ميدانية أثبتت بحسب قياساتها الحقلية و المختبرية بأنها تخلو من الملوثات.

الإشاعات مقصودة

ويرى مهندس الري جواد كاظم، الذي عمل سنوات في المنطقة ان هناك مبالغة لا تصب في صالح المواطن،وبعض الاشاعات مقصودة لاجل منافع شخصية، بل ولا يستبعد كاظم ان يكون التهويل من صنع جماعات تحاول خلق نوع من الفوضى، لاسيما وان المشروع يعد ناجحا بكل المقاييس حيث سيحد من التجاوزات على النهر ويقلل من نسبة المياه الجوفية في الأراضي المحاذية.

وكانت مصادر في مستشفى مرجان في الحلة كشفت لquot; أيلاف quot; عن ارتفاع أعداد الإصابة بالأمراض السرطانية في مناطق المحمودية باتجاه الحلة ومحيط كربلاء وهي مناطق تمتد لمسافات طويلة بمحاذاة مناطق التصنيع العسكري.

ويسجل مركز بابل لعلاج الأورام السرطانية إصابات جديدة في كل عام. وتضاعفت الإصابات السرطانية الى العشرات في العام 2011.لكن الدكتور على صاحب لا يرجع كل تلك الإصابات الى التلوث، لكنه لا ينفي تأثيرات سلبية على مناطق كان تشغلها ورش التصنيع العسكري جنوبي مدينة بغداد لاسيما وان تلك المناطق شهدت في السنوات الماضية تردد الناس الى بقايا معامل التصنيع في محاولة للاستحواذ على مواد ثمينة تضمها المعامل. وبالفعل فان اغلب المدن والقرى المجاورة لتلك المواقع تحتوي على معدات وآلات و مكائن وعدد عسكرية يستعملها الناس للإغراض المنزلية ومنها الحاويات والبراميل التي تحتوي على مواد سامة.

وبحسب لقمان حميد من المحاويل ( 70 كلم جنوبي بغداد) فان الكثير من عدد وآلات التصنيع العسكري أصبحت اليوم بحوزة الأهالي.

وكانت الهيئة العراقية للسيطرة على المصادر المشعة أكدت وجود مصدر إشعاعي في موقعين، الأول في قضاء المسيب التابع لمحافظة بابل، والآخر في المحمودية حيث اتخذت التدابير لنقل المصادر المشعة الى موقع التويثة في بغداد.