"إيلاف" من القاهرة: تلقى اليوم محبو النجم المصري أحمد زكي أنباء انتكاسته الصحية، ما اضطره إلى دخول المستشفى مجدداً، بمشاعر الأسى، وتوجهت أفئدة الملايين من محبيه بالدعاء له هذه المرة، حيث تشير آخر الأخبار القادمة من الغرفة المعقمة بمستشفى دار الفؤاد إلى أن القدر والدعاء يتصارعان هناك.

وتم نقل زكي إلى المستشفى بعد أن شعر فجأة بآلام حادة في الصدر صاحبها ارتفاع فى ضغط الدم, واجريت له الفحوص والتحاليل، وكانت المفاجأة السيئة أن الازمة الجديدة ليست من تداعيات مرضه الأساسي (السرطان) بل نتيجة ظهور جلطة في الوريد الرئيسي مما أدى لانسداده تماماً، وكاد أن يودي بحياته لولا عناية الله تعالى، ومجدداً انتشرت شائعات عن وفاته، وانهالت الاتصالات الهاتفية على طبيبه الخاص ونجله هيثم الذين أكدا للجميع أنه بخير، لكنه لا يستطيع في هذه اللحظات الحرجة أن يطمئن جمهوره بنفسه كما فعل في الأزمة السابقة.

وقال طبيبه المعالج الدكتور ياسر عبد القادر, إنه فور وصوله الى المستشفى خضع لاشعة مقطعية على الجسم بالكامل، مشيرا الى أن حالته العامة طيبة، موضحاً أنه سيغادر المستشفى لمقر إقامته في احد فنادق القاهرة خلال أيام، بعد أن يخضع لـ "كونسلتو" طبي شامل في اطار المتابعة الدورية لحالته الصحية بعد ايقاف العلاج الكيماوى المكثف الذى بدأه قبل ستة شهور.

رغم محنة المرض التي يمر بها زكي، لكن هناك عدة مشروعات فنية مازالت تنتظر النجم الأسمر أحمد زكي الذي تلقى اليوم الجمعة الجرعة الثانية من العلاج الكيماوى، ويأتي في مقدمة هذه المشروعات فيلم كان يجري إعداده يجسد فيه شخصية الرئيس المصري حسني مبارك منذ توليه قيادة القوات الجوية المصرية في السبعينات وقيادته الضربة الجوية لحرب تشرين الاول (اكتوبر) 1973 التي مهدت لانتصار القوات المصرية، إضافة إلى فيلم طالما ترقبه الجمهور، حيث يجسد فيه شخصية ابن بلدته (الشرقية) المطرب الراحل عبد الحليم حافظ، الذي ابتلي مثله بمرض لم يمهله طويلاً، واختطفه من محبيه وعشاقه الذين مازالوا يحتفظون له بأطيب الذكرى حتى اليوم.

وقال زكي في تصريحات سابقة لمراسل (إيلاف) في القاهرة إن فيلم الضربة الجوية مشروع سينمائي ضخم، ليس فقط لأنه يتناول دور الرئيس حسني مبارك في انتصار أكتوبر 1973، لكن لأنه يظهر كيف حسمت القوات الجوية المعركة منذ اللحظة الأولى، والعمل ينتجه معه وزارتا الدفاع والاعلام ويجري التحضير له الآن، موضحاً أنه كان يعتزم السفر بعد انتهاء اعداد السيناريو للاتفاق مع مخرج عالمي لاخراج المعارك الحربية، وهناك بالطبع مخرج مصري لبقية أحداث الفيلم المهمة، الذي وصفه زكي أنه يحلم بأن يكون عملا ضخما يشهد على هذا الحدث العسكري الكبير غير المسبوق من قبل والذي لا تزال أكبر المعاهد العسكرية في العالم تدرس نتائجه حتى الآن ضمن مناهجها الدراسية عن أعظم حروب القرن الماضي.

القلب والسرطان
ولم يعش أحمد زكي حياته بالطول والعرض كما يظن كثيرون، فمشواره مع النجومية لم يكن ممهداً أبداً، ودرب المليونيرات الذي سار عبره كثير من الممثلين والفنانين لم يقترب منه يوما، فقد ظل حتى شهور ماضية تنتابه الكوابيس والفزع من أن يواجه مصير أي موظف حكومي حينما يجد نفسه قد أُلقي به إلى الشارع بعد استغناء الشركة التي يعمل بها عنه، ويقول أصدقاء النجم إنه ظل يعيش خوفا كبيرا يصل إلى حد الذعر مما تخفيه له الحياة، حتى أنهم يعتبون عليه من أن هذا الخوف ليس له ما يبرره خاصة أن بوسعه أن يحصل على أجور عشرة أفلام لو أراد أن يسير على سينما العلب، لكن الجميع يدركون أن ذعر أحمد لم يكن من أصداء أيام الفقر والكفاح حينما كان يطارد بأحلامه منذ منتصف الظهيرة وحتى منتصف الليل في شارع عدلي بقلب القاهرة، حيث تقع نقابة السينمائيين، أو بالطابق العاشر في إحدى بنايات شارع 26 يوليو، حيث استخراج تصاريح العمل بنقابة الممثلين، لكن من مجهول ما، لم يكن طيلة سنوات عمره يكاد يتبين ملامحه، حتى شاءت الأقدار أن تجتمع عليه متاعب القلب ووحشية الورم الخبيث معاً.

وكان زكي قد أصيب بضيق في التنفس يوم 24 كانون الثاني (يناير) الماضي وخضع لعلاج لمدة أسبوع في منزله ثم انتقل إلى مستشفى دار الفؤاد في مدينة 6 أكتوبر جنوب القاهرة، حيث اكتشف الأطباء إصابته بالتهاب رئوي حاد، وأجرى له الأطباء عملية بذل للمياه الموجودة في الرئة، واستخرجت ثمانية لترات من السوائل من رئتيه، ومنعت الزيارة عنه، وقد أصدر فريق الأطباء تقريرا بضرورة استكمال علاجه في فرنسا فقرر الرئيس المصري حسني مبارك حينئذ أن يتم علاجه فوراً على نفقة الدولة.

وكان صديق لزكي قد أكد أن الفنان الكبير يخضع سيخضع للعلاج النفسي بسبب حالة الاكتئاب التي ألمت به نتيجة للعلاج الكيماوي والاوضاع الاخيرة التي تعرضت لها صحته.

وأحمد زكي من مواليد عام 1949 في الزقازيق بمحافظة الشرقية بمصر، والتحق بقسم التمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية منتصف الستينيات، ويعد حالياً من اهم نجوم السينما المصرية، واكثرهم تنوعا وقدرة على الاداء الفني المتميز والخاص، وجسد على الشاشة المصرية ادوار عشرات الشخصيات بطريقته المتفردة، وعمل مع أهم كوادر السينما المصرية ومنهم الراحل عاطف الطيب الذي منحه بطولة أكثر من عمل وكذلك محمد خان الذي التقاه في العديد من أفلامه ومن بينها "مستر كاراتيه"، و"السادات"، وكذلك علي عبدالخالق الذي عمل معه في "البيضة والحجر" وأفلام أخرى، كما عمل مع داود عبدالسيد في "أرض الخوف"، ومع خيري بشارة في "كابوريا" كما عمل أيضا مع جيل الرواد ومنهم صلاح أبوسيف، ومن الشباب عمل مع شريف عرفة في فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة"، وكان يجهز لفيلم عن العندليب عبدالحليم حافظ ولكن المشاكل الصحية حالت دون ذلك.