انها حالة رفاه كامل بدنياً وعقلياً واجتماعياً
الصحة الإنجابية للمرأة ومشاركة الرجل


بهية مارديني من الدوحة: ُتعرّف الصحة الإنجابية على أنها حالة رفاه كامل بدنياً وعقلياً واجتماعياً في جميع الأمور المتعلقة بالجهاز التناسلي ووظائفه وعملياته وليست فقط السلامة من المرض أو الإعاقة.
ولاشك إن هذا المفهوم ينعكس تضمين دور مشاركة الرجل في تحقيق هذه الحالة من الرفاه الكامل إذ أن الأمور المتعلقة بالجهاز التناسلي ووظائفه وعملياته تشمل الحمل وتنظيم الإنجاب والأمراض المنقولة جنسياً وهي جميعها أمور بالطبع يشارك فيها الرجل مشاركة فعلية.

ولكن كيف يؤثر الرجل في الصحة الإنجابية والجنسية للنساء سؤال طرحته الدكتورة مواهب توحيد المويلحي في الملتقى الثاني للديمقراطية والاصلاح في العالم العربي والذي انعقد في الدوحة الاسبوع الماضي وقالت في العالم عموماً وفي البلدان النامية خصوصاً يتمتع الرجل داخل أسرته بمكانة كبيرة وباليد العليا في اتخاذ القرارات الهامة المتعلقة بالتعليم والصحة وحجم الأسرة والتحكم في الموارد الاقتصادية وغيرها من قرارات تنعكس آثارها على صحة الزوجة والأبناء وقد تشمل أيضاً الوالدين ويتحكم الرجل في صحة النساء والفتيات من خلال اتخاذ القرار: كالزواج المبكر للبنات وعدد الأطفال الذين يريد الرجل إنجابهم وتعليم البنات وختان الإناث ، وتوفير الموارد: لتغذية الأسرة وخاصة الزوجة أثناء الحمل وتغذية الأطفال خاصة البنات وتوفير الموارد اللازمة للرعاية الصحية للزوجة والأطفال ولخدمات الإنجاب وتنظيم الأسرة للزوجة والسلوكيات الإنجابية والجنسية: كانتقال الأمراض المنقولة جنسياً والعنف ضد النساء داخل الأسرة وخارجها وعدم تحمل مسؤولية تنظيم الإنجاب وتنشئة الأطفال.

السلوكيات الجنسية والإنجابية للرجل:
ورأت الدكتورة المويلحي انه من الثابت إن السلوكيات الجنسية والإنجابية للرجل يمكن أن تؤثر بالسلب على صحة الإنجابية والجنسية للمرأة. فمثلاً إرغام الزوجة على حمل آخر قد لا تكون حالتها الصحية ملائمة له يعرض الزوجة لمضاعفات الحمل والولادة، خاصة إذا تكررت مرات الحمل السابقة وكانت الفترة الزمنية بين الحمل والآخر قصيرة، فالزوجة في هذه الحالة قد تكون معرضة للنزف وانفجار الرحم وتسمم الحمل والولادة العسرة وقد تصل المضاعفات إلى الوفاة. وقد أشارت الدراسات المصرية والعالمية إلى أن خطر فئة من السيدات المعرضات للوفاة بسبب الحمل والولادة هن من كبيرات السن (35 فأكثر) وحملن خمسة مرات أو أكثر سابقاً وكانت الفترة الزمنية بين الحمل والآخر أقل من 24 شهراً.

السلوكيات الجنسية الخاطئة للرجل
واشارت الدكتورة في بحثها الى السلوكيات الجنسية الخاطئة للرجل حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية الأمم المتحدة بأنه بنهاية عام 1998 أن عدد الأفراد الذين يحملون فيروس الإيدز أو مصابين فعلاً بالمرض قد بلغ حوالي 33 مليون شخص بالإضافة إلى 14 مليون توفوا بالفعل منذ بداية ظهور الوباء ومن عدد المصابين أو الحاملين لفيروس الإيدز حوالي 40% إناث ويشير هذا التقرير إلى أن المرض ينتشر بسرعة بين الإناث نتيجة السلوكيات الجنسية غير المسئول للرجال، كما تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى ظهور 340 مليون حالة جديدة للأمراض المنقولة جنسياً (بخلاف الإيدز) سنوياً في العالم.
وقالت انه من المعروف علمياً بأنه لأسباب تشريحية وفيسيولوجية أن فيروس الإيدز ينتشر بصورة أكثر وأسرع من الرجل إلى المرأة بالمقارنة بالعكس. ومن وسائل تنظيم الإنجاب التي يمكن أن تقي من انتشار هذا المرض العازل الطبي للرجل. ولكن هذه الوسيلة لا يفضلها الرجل خاصة في منطقتنا العربية ونسبة استخدامها في مصر ضئيلة. كما أنه من المعروف علمياً أن بعض الأمراض الجنسية قد تتسبب في مضاعفات صحية خطيرة للمرأة قد تصل بها إلى العقم أو حتى الوفاة.
وفي بعض بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، حيث ينتشر الإيدز انتشاراً مروعاً، فأن سلوكيات الرجل الجنسية من معاشرة عدد كبير من الفتيات هي أحد الأسباب الأساسية في إصابة ملايين النساء بهذا المرض القاتل حتى أن 50% من كل المصابين والحاملين للمرض هناك هم من النساء.
وفي مصر أشارت إحدى الدراسات التي أجريت في محافظة الجيزة إن السيدات اللاتي يعشن مع أزواجهن يتعرضن للإصابة بالتهابات الجهاز التناسلي وبعض الأمراض المنقولة جنسياً بصورة أكثر من السيدات اللاتي يعشن بلا أزواج (بسبب سفر الزوج أو الأرامل أو المطلقات) مما يشير إلى إن وجود الزوج وممارساته الجنسية قد يكون سبباً محتملاً للإصابة بهذه الأمراض.

الحل للحفاظ على صحة المرأة:
وفي خضم سلوكيات واتجاهات وأفكار الرجل بالغة الأهمية للارتفاع بمستوى الصحة الإنجابية للمرأة فلا بد إذن من العمل معاً حكومات ومجتمعات مدنية وهيئات دولية لبلوغ هذا الهدف.
فالحل للحفاظ على صحة المرأة انهquot;لابد للحكومات أن تأخذ دوراً هاماً وفاعلاً للعمل على حماية المرأة من السلوكيات السلبية للرجل والمجتمع بصياغة القوانين وسن التشريعات اللازمة لحماية النساء وحقوقهن وصحتهن. ويجب التنويه على أن هناك بالفعل بعض التشريعات الجيدة موجودة ولكن لا يتم تفعيلها أو تطبيقها بصورة جدية quot;، وقالت quot;يجب على الإعلام أن يأخذ دوراً فاعلاً في الدعوة لتبني السلوكيات الإيجابية والبعد عن السلوكيات السلبية التي تنعكس آثارها الضارة على صحة الجسدية والنفسية والجنسية للمرأة والفتاةquot;.
وطالبت الدكتورة مواهب توحيد المويلحي بتحديث الخطاب الديني الحالي والمتشدد بتأهيل رجال الدين والأئمة خاصة بالمساجد الصغيرة وإبراز الآيات والأحاديث وما أكثرها التي تحث على احترام المرأة وكرامتها وصحتها ومحاربة الأمية بين النساء والفتيات والعمل على منع تسرب الإناث من التعليم الإلزامي وتشجيع منظمات المجتمع المدني على إشراك الرجال في أنشطة وبرامج الصحة الإنجابية للمرأة والتوجه إلى الرجال بالتوعية والتثقيف حول الموضوعات المختلفة لصحة المرأة ومشاركة الرجال في الارتقاء بصحة النساء الإنجابية ، كما طالبت بتطوير مناهج التعليم والتركيز على السلوكيات الإيجابية للمجتمع والتي من شأنها أن ترتقى بمستوى الصحة الإنجابية للنساء وتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية والقانونية اللازمة للمرأة مع التركيز على جودة هذه الخدمات اضافة الى توفير خدمات مشورة ووقاية وعلاج لمشاكل الصحة الإنجابية والجنسية للرجال والتعامل بجدية مع العوامل المساعدة لازدياد معدلات العنف ضد النساء كالبطالة ومحدودية الدخل والإدمان.
وقالت انه على الهيئات الدولية أن تدعم البرامج الجادة التي تستهدف تغيير السلوكيات الضارة بصحة المرأة الإنجابية بالمجتمع وتساهم في تدريب وتأهيل العاملين في هذه البرامج.