إيلاف: الكوكايين منبه قوي للجهاز العصبي المركزي، يصنع من أوراق نبتة (أرثيروكسيلون كوكا) التي تنمو في أميركا الوسطى و الجنوبية وعلى الأخص في البيرو وبوليفيا، حيث تنتشر في وديان دافئة، وتعطي هذه النبتة في الظروف الملائمة محصولها خمس مرات في السنة وتعيش حوالي 40 عاماً . والكوكايين واحد من أقدم العقاقير المعروفة، ويعود تاريخ إستعماله المسجل إلى سنوات طويلة ، ومن أقدم ما استعملت فيه نبتة الكوكا كانت الطقوس الدينية، وكانت تستعمل في التسبب في غيبوبة التأمل كوسيلة للإيصال مع الطبيعة ، وقصرت قبائل الأنكا إستعمال الكوكا على النبلاء والكهنة ، وكان فرويد واحد من مستعملي الكوكا المتحمسين حيث أطلق عليها إسم ( العقار السحري ) . ويوزع الكوكايين بأسعار عاليه في العالم ، ويكون على شكل حجري أو رقائق والأكثر شيوعاً على شكل مسحوق ، وفي الشكل النقي يكون مسحوقاً ابيضاً بلورياً يبدو كالسكر ومن هنا يسمى ( الثلج ) وممكن أن يستنشق كمسحوق ، أو يحضر على شكل محلول ويؤخذ بالوريد ويدخن ويسمى عندها (الكراك ) .
أما الأثر الذي يسعى إليه المتعاطون فهو الشعور بالنشوة والإثارة ، والطاقة والأقدام والمبادرة والتفاؤل ، ومدة مفعوله قصيرة مما يتطلب إستعماله على فترات متقاربة ، ولكن مع طول إستعماله يؤدي إلى القلق والهلوسة والعجز الجنسي والأرق وأوهام الإشارة للذات والتوهم بالإضطهاد ، وفي الجرعات العالية يولد لدى المتعاطي شعوراً خادعاً بالعظمة والقوه العالية والهلوسة مما يمكن أن يجعله خطيراً في تصرفاته ، وتكون حالته شبيهه بالهوس ، وفي هذه الجرعات قد يؤدي إلى توقف عضلة القلب ، والكوكايين يؤدي إلى الإعتماد النفسي وقد يصل إلى إساءة الإستعمال القاتلة ، وفي المراحل المتقدمة من الإستعمال هذا السم فإنه يؤدي إلى حالة من الذهان التي تشبه الفصام العقلي ، فيبدأ المتعاطي بتخيل صور وأصوات غير موجودة ، كما يتوهم أنه عظيم وذو شأن وأن هناك مؤامرات محلية ودولية تحاك ضده ، وأنه مراقب في كل تحركاته ، وهذا قد يؤدي إلى تصرفات غريبة بناء على هذه الأوهام ، وقد يصعب التفريق بين هذه الحالة والفصام العقلي ، ومن الممكن أن تكون هي البداية للفصام العقلي أو الذهان الزوري في بعض الحالات.

ومنطقة الشرق الأوسط هي ليست من مناطق إنتاجه ولكنها بدأت في السنوات الأخيرة في إستهلاكه ، إلا إن الشباب الذين وقعوا في هذا الهلاك ، هم من الشباب الذين يسافروا للخارج ، ويستعملوه للتجربة والنشوة والمتعة على إعتبار أن مفعوله قصير الأمد ولا يؤدي إلى إدمان شديد ! ولا يعدو عن كونه منشط بسيط ! وهذا ليس صحيحاً ، فهناك من ماتوا من جرعات زائدة ، أو قاموا بأعمال إجرامية تحت تأثيره مما أدخلهم السجون وحطم مستقبلهم ، والبعض بدأ به وانتقل إلى غيره من الهيروين والأمفيتامين والخلط بالعقاقير والمخدرات ، ويعود إلينا بعض الشباب الذين غادروا لمتابعة الدراسة الجامعية وهم يعانون من أعراض فصامية ذهانيه نتيجة تعاطيهم هذه المادة بكميات كبيره ، ولا ننسى أن ارتفاع سعر الكوكايين قد يؤدي بالمدمن للإنحراف والجريمة والسرقة ومن الممكن يؤدي للتجاره وتوزيع الكوكايين حتى يؤمن المدمن ما يلزمه مجاناً ، إن وصول كميات من الكوكايين إلى الدول العربية في السنوات الأخيرة هو مؤشر خطير لابد من الإهتمام به ، إذا أن الإقبال عليه في بعض المناطق جيد ويشير إلى إن هناك إحتمال كبير لارتفاع الاستهلاك خلال السنوات المقبلة. إن المدمن على الكوكايين كغيره من المدمنين مريض وبحاجه للعلاج الطبي والإشراف من قبل المختص في الطب النفسي ، فهناك معالجة مباشرة لأعراض الإنسحاب أو الجرعة الزائدة ، ثم معالجة للآثار النفسية التي يتركها الإدمان كالإكتئاب والذهان الزوري ، والأرق والعصبية وسرعة الإنفعال ، وحالات الرغبة الشديدة بالتعاطي من المشاكل المألوفة في علاج هذا النوع من الإدمان . إن هذه المنشطات وكذلك المخدرات لا تباع نقية بل يكون فيها الكثير من الشوائب التي من الممكن إن تكون أكثر خطورة من العقار نفسه ، فأحياناً يضاف إليها فطر يحتوي على مواد مهلوسة ، أو أدوية مهدئة ، أو مضادات صرع و مواد غريبة قد تحدث إصابات مباشرة في الكبد أو الكلى أو الدماغ ، مما قد يؤدي بالمدمن لأعراض عضويه ونفسية خطرة ودائمة ، وذا كانت مقولة درهم وقاية خير من قنطار علاج صحيحة دائماً وفي الإدمان خصوصاً فهي أيضاً تنطبق على هذا السم الأبيض الذي بدأ يأخذ إنتشاره في العالم ولا بد من تحذير الشباب العربي لخطورة هذه المادة وعواقبها النفسية والجسدية والإجتماعية وأثرها الذي من الممكن إن يؤدي لتحطيم الفرد والأسرة والمجتمع والوطن.