من أمراض الجهاز الهضمي وخطر جدًا
الكوليرا...من أمراض الصيف

د.مزاحم مبارك مال الله : الكوليرا من الأمراض التي تنتشر في فصل الصيف كنتيجة لشيوع استخدام وتناول السوائل ومنها ما يباع في العربات والمحلات، فإن البكتيريا التي تسبب المرض ستجد لها وسطا سهلا وسريعا للانتشار بين ضحاياها ألا وهم الناس.
المرض من أمراض الجهاز الهضمي حاد وخطر جدًا، يسببه نوع من البكتيريا تسمى(فايبريو كوليرا)، موطنها الأصلي في وديان أنهار الشرق الأقصى، هذه المناطق تمتاز برطوبة عالية وكثافة سكانية عالية أيضاً، ونتيجة لسلسلة من حالات الوباء التي عمّت تلك المناطق فقد تفشى المرض الى الشرق الأدنى ومناطق مختلفة أخرى من العالم،وأصبح متوطنا في العديد من بلدان العالم.(الأمراض المتوطنة تعني أمراضا تسببها ميكروبات تستمكن وتقبع في رقع جغرافية معينة جراء عوامل عديدة ولكنها تنشط

وتتكاثر وتتحول الى فعالّة حالما تتوفر الظروف المناخية والبيئية المناسبة لها).
إن صنف(ال ـ تور) من أصناف بكتيريا مرض الكوليرا هو المسؤول عن حصول الحالات الوبائية المتعددة. إن الجرثومة تمر في خروج المصاب وفي قيئه ، ولكن الجرثومة نفسها نجدها في خروج وقيء أعداد كبيرة من أشخاص لاتظهر عليهم أعراض المرض بشكل واضح ولأيامٍ معدودة (هؤلاء الأشخاص نسميهم حاملي المرض) وهنا مكمن الخطورة.إن الجرثومة تعيش لمدة أسبوعين في الماء الاعتيادي وتستطيع أن تبقى حيّة لمدة ثمانية أسابيع في المياه المالحة. إن انتقال المرض عادة يتم بوساطة ماء الشرب الملوث ، بيوض الأسماك ، والأغذية الملوثة، ومن وسائط نقل المرض الحشرات وكذلك أيادي العاملين بإعداد الطعام .
ماذا يحصل عند الإصابة :
بعد دخول البكتيريا الى جوف الإنسان فإن أعدادها ستتضاعف في الأمعاء الدقيقة ولكنها لاتخترق جدار الأمعاء وإنما ستفرز مواد شديدة السميّة ، هذه المواد ستحفّز مواد بايو ـ كيماوية معقدّة التركيب في النسيج المخاطي للأمعاء ، هذا التحفيز يؤدي الى تدفق سوائل الأمعاء الدقيقة وكذلك يؤدي الى تعطّل آلية إمتصاص السوائل ، وإزاء كل هذا سينتج جفاف شديد وبالنتيجة ستحصل حالة التحمض(ارتفاع حموضة الدم) وهي من الحالات الخطرة جدًا ، إضافة الى نضوب الصوديوم والبوتاسيوم مؤدياً الى خلل تام في السلسلة المتوازنة لكيماوية الجسم لتنتهي بعجز الكليتين .

الصورة المرضية :

بعد فترة حضانة (وهي الفترة المحصورة بين دخول الجرثومة الى الجسم وبين ظهور الأعراض والعلامات) تتراوح بين عدة ساعات الى خمسة أيام فالمريض يعاني إسهالا شديدا جداً وبدون ألم أو مغص. إن تدفق السوائل يكون بشكل غير مسبوق من المعدة والأمعاء .بعد أن تطرح كافة المكونات الخروجية فإن المريض سيطرح بأخراجه علامة تشخيصية خاصة بالكوليرا ألا وهي ـ سوائل تشبه ماء الرز ، إن هذه السوائل تحتوي على الغشاء المخاطي للأمعاء ، وفي حالة فقدان كميات كبيرة من السوائل والأملاح فسيؤدي ذلك الى جفاف شديد وتشنجات عضلية إنقباضية ،الجلد يكون باردا ودبقا ومتجعدا ، أما العينان فتكونان غائرتين ،هذا إضافة الى هبوط ضغط الدم والنبض يصبح غير محسوس مع انقطاع البول ومع كل هذا فالمريض يبقى في حالة وعي تام .
وما لم تعوض السوائل والأملاح بسرعة فالمريض سيموت خلال ساعات نتيجة فشل الدورة الدموية بينما في المعالجة السليمة والسريعة للحالة فيمكن إنقاذه.
إن نسبة وفيات الأطفال جراء الإصابة بالكوليرا عالية إذا ما قورنت بنسبتها لدى الكبار وذلك جراء تعرضهم الى مضاعفات خطرة جداً بسبب الأسهال .

التشخيص :

في حالات الوباء فتشخيص المرض يكون سهلاً ولكن في حالات أخرى نحتاج الى مقارنات بكتريولوجية . إن بكتيريا الكوليرا يمكن عزلها وفحصها تحت المجهر ، إن زراعة الخروج أو أخذ خزعة من المخرج يستعملان لعزل الجرثومة.

العلاج :

إن الهدف الأساسي والرئيس هو تأمين جهاز الدوران وذلك بتعويض الماء والأملاح . وكلما كان التعويض أسرع كلما كانت النتائج أكثر ايجابية ( بالإمكان استعمال الوريد الفخذي الكبير في التعويض الأسرع ولحين عودة النبض والضغط الى وضعهما الطبيعي ) .
إن تقويم حالة الجفاف تعتمد على الوضع العام للمريض إضافة الى ضغط الدم والنبض وحالة الجلد . في حالة عدم حصول المسعفين على أوردة للمريض أو عدم وجود عدّة السوائل الوريدية فبالإمكان استخدام الأنبوب الأنفي ـ المِعَدي لتعويض السوائل .إن التقيؤ عادة ما يتوقف حال عودة التوازن المائي وهنا يفضّل إعطاء المريض سوائل عن طريق الفم . إن كمية السوائل بالإمكان حسابها على ضوء كميات الأدرار والتقيؤ والإسهال .
إن مجمل السوائل التي تعطى للمصاب تقارب خمسين لترًا خلال يومين الى خمسة أيام .إن السوائل يجب أن تحتوي على الصوديوم ، البوتاسيوم ، الكلورايد ، البايكاربونيت ، والكلوكوز ) ، إضافة الى بعض العلاجات منها مضادات التقيؤ والتتراسايكلين أو الميثبريم .

الوقاية :

المحور المركزي هو النظافة والابتعاد عن أي مصدر من مصادر التلوث ، يجب أن يكون مصدر الماء نظيفا ومعقما وربما نضطر إلى غلي الماء زيادة بالحيطة ، اضافة الى الامتناع عن تناول السوائل والمرطبات والعصائر من الأسواق ، عدم تناول الأغذية المكشوفة للحشرات وخصوصاً الذباب ( الذي ينتشر بمثل هذه الأجواء )،الابتعاد جهد الإمكان عن الاستخدام المشترك للأواني مع الغرباء أو المستطرقين وخصوصاً الأقداح التي يكثر استعمالها بالظروف الجوية الحارة في المحلات العامة . إن مصادر التلوث تنحصر بالأتي :ـ
1.عربات بيع العصائر والشراب واللبن .
2.الثلج الذي يباع في الأسواق .
3.المطاعم الشعبية ومحلات وعربات الأكلات السريعة والجاهزة .
4.محلات وأماكن وعربات بيع اللحوم والأسماك المكشوفة للحشرات .
5.محلات وأماكن وعربات بيع الفاكهة والخضر المكشوفة للحشرات .
6.المشروبات الغازية المصنّعة في البيوت .
7.الاستخدام المباشر لمياه الأنهار والسواقي والترع .
8.العاملين بإعداد وطهي الطعام في الأماكن العامة والشعبية .
من المفيد جداً أن نلفت الانتباه الى ضرورة قياس نسبة الكلور في ماء الأسالة ، إن هذه المهمة تقوم بها فرق الوقاية الصحية باستخدام كاشف خاص متوفر لدى تلك الفرق ، علماً أن النسبة المقبولة هي 50، ـ 75، .إن هذه الفرق موجودة في كل مؤسسة صحية.
وأخيراً أحموا أنفسكم فلايوجد لقاح ضد الكوليرا لحد الآن .