خلف خلف من رام الله: يعيش قطاع غزة حالة حصار خانق في ظل إغلاق المعابر التي تشكل المنافذ الرئيسية له على العالم الخارجي، وهو ما أدى لخروج أصوات عديدة تحذر من وقوع كارثة بيئة وصحية، ولكن ما مدى حقيقة ذلك، في ظل تصريحات البعض التي تشير إلى أن الأوضاع في القطاع ليست على هذه الدرجة من الخطورة، الهيئة المستقلة لحقوق المواطن في فلسطين أصدرت تقريراً شاملاً عن الحالة الصحية في قطاع غزة خلال شهر أب (أغسطس) المنصرم.

وبحسب التقرير فقد لقد أدى العجز المالي في وزارة الصحة لعدم وجود موازنة لتغطية احتياجاتها من الأدوية والمستلزمات الطبية ومواد المختبرات، للقيام بواجبها في توفير الرعاية الصحية اللائقة للمواطنين، ورغم اعتماد موازنة قطاع الصحة بشكل أساسي على المنح والتبرعات من الدول والمنظمات الدولية، والتي ازدادت في هذا العام، إلا أنها لا تفي بأكثر من ٤٠ % من احتياجات وزارة الصحة.

هذا بالإضافة إلى الوقت الطويل للدورة المستندية التي تستغرقها عملية توريد تلك المستلزمات حتى وصولها إلى مخازن الوزارة، وكذلك أزمة إغلاق المعابر وإجراءاتها المعقدة التي ازدادت حالتها سوءاً بعد أحداث غزة الأخيرة، وأصبح اللجوء لإدخال الأدوية وغير ها من الاحتياجات الطبية يتم عن طريق الجهات الدولية، منها الصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية تحت مسمى مساعدات إنسانية.

وأشار التقرير أن معاناة وزارة الصحة من النقص في الأدوية تعتبر مشكلة قديمة نسبياً، بدأت تزداد حدتها منذ آذار٢٠٠٦ إثر توقف البنك الدولي عن تمويل مناقصات شراء الأدوية للوزارة، حيث لم تكن هناك موازنة لوزارة الصحة في العامين ٢٠٠٦ و٢٠٠٧، واعتمدت بشكل أساسي على المنح والتبرعات من الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الرسمية والخيرية في بعض الدول العربية، مثل قطر ومصر والإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى منظمات دولية كالصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية، والتي تغطى جزء من الاحتياجات الدوائية لوزارة الصحة، ويبقي الجزء الآخر يمثل عجزاً متحركاً وفقاً لما يتم توريده بين فترة وأخرى.

وحسب المعلومات التي توفرت للهيئة، كان الوضع الدوائي في المستودعات الطبية في غزة فيما يتعلق بالأدوية المصنفة ضمن القائمة الأساسية المقرة من قبل الوزارة، والتي تشمل ٤٨٠ صنفاً، ١٢٤ صنفاً رصيدها صفر وحتى أقل من استهلاك ٣ شهور، و ٥٤ صنفاً رصيدها صفر، وذلك في نهاية شهر تموز٢٠٠٧.

ويتضح من خلال ما ورد في التقرير أن المواطن الفلسطيني تدهورت أوضاعه الصحية في قطاع غزة بشكل خطير، وذلك نتيجة لانخفاض مستوى الخدمات الوقائية والتشخيصية والعلاجية الواجب على السلطة الوطنية الفلسطينية توفيرها للمواطنين.

وتقول الهيئة: quot;كما تركت الأحداث الأخيرة آثارها على أوضاع المواطنين الصحية، وفاقمت من فرصهم في تلقى الخدمات الصحية الحكومية في ظل السيطرة المزدوجة على قطاع الصحة في قطاع غزة، نتيجةللوضع السياسي القائم في الأراضي الفلسطينية بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، فمن ناحية تقوم وزارة تسيير الأعمال مقرها الرئيسي في مدينة رام الله بالسيطرة على النواحي المالية اللازمة لتمويل القطاع الصحي الحكوميquot;.

وجاء في تقرير الهيئة: quot;ومن ناحية أخرى تسيطر حكومة الوحدة الوطنية المقالة من الرئيس، وتعمل كسلطة أمر واقع، ومقرها في مدينة غزة على مرافق وزارة الصحة في القطاع وتدير مستشفياته ومراكزه الصحية. وبناء على هذا الوضع تتحمل الأخيرة رسميا كسلطة أمر واقع المسؤولية عن معالجة كافة الأوضاع المتدهورة في قطاع الصحة الحكومي في قطاع غزة، وبالتالي يقع على عاتقها مهمة توفير الدواء والمستلزمات الطبية، ومواد المختبرات، والخدمات المساندة، وصيانة الأجهزة الطبية، ومعالجة إضراب العاملين في القطاع الصحي الجزئي، بما يكفل للمواطنين حقهم في مستوى صحي لائقquot;.

quot;إلا أن المؤشرات المتوفرة لدى الهيئة تؤكد على عدم قدرة القائمين على وزارة الصحة في سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة على وقف حالة التدهور بالأوضاع الصحية للمواطنين في القطاع، وخاصة في ظل عدم توفر المال اللازم لتمويل القطاع الصحي، هذا بالإضافة لحالة الحصار والسيطرة الإسرائيلية على معابر القطاعquot; بحسب التقرير.